«لبنان الى المجهول» و«عصا موسى لم تكن سحرية» ولم تتمكن من «فكفكة» الالغام الكثيرة والمعقدة للوصول الى «توافق جنتلمان» بين الموالاة والمعارضة ينقذ البلد من المصير الاسود الذي ينتظره، وبالتالي فان جهود موسى تعرضت «لقنص غزير» ومتبادل من مختلف الاطراف المحلية والاقليمية والدولية ابقت الابواب كلها مسدودة امام اي ولادة طبيعية للحل.
فالسيد عمرو موسى ليس مسؤولا عن تعثر الحلول خصوصا وان جهوده واجتماعاته التي فاقت الـ 100 لم تلق الدعم والاحتضان من فريقي الموالاة والمعارضة اللذان كانا يتسابقان بالتسريب الى وسائل الاعلام عن الاجواء السلبية للمباحثات، وتحميل كل طرف اسباب الفشل الى الطرف الاخر فالفريقان «نعيا» المبادرة فيما المفاوضات كانت في زخمها، وكانا يعملان للتصعيد ويفاوضان في نفس الوقت «بالشكل وليس بالمضمون» لانهما كانا يريدان عدم تحميلهما اسباب الفشل ونتائجه، في ظل ادراكهما بان الازمة اكبر منهم جميعا.
وحسب المعلومات المتوافرة من المتابعين لاجواء المباحثات، فان موسى واسماعيل لم يحظيا بالدعم المطلوب عربيا في ظل انقسامات عربية - عربية حول مشروعين لهما امتدادتهما على الساحة اللبنانية عبر فريقي النزاع، وعبر الصراع المكشوف بين ايران والولايات المتحدة الاميركية.
وفي ظل هذه الاجواء من الانقسامات وانهيار «جدار الثقة» فان اقصى ما توصل له موسى تمثل «بهدنة الاعياد» الذي يريدها طرفي النزاع، لان الهدنة ستعطيهما متسعا من الوقت لاعادة ترتيب اوراقهما، ودراسة ايجابيات وسلبيات المرحلة الماضية، ومحاولة «زج» اوراق واسلحة جديدة كانت غير متوفرة سابقا في المرحلة الجديدة من التصعيد «المفتوح» على كل الاحتمالات، لعلا ذلك يساهم في احداث خلل في التوازن الداخلي لصالح هذا الفريق او ذاك.
فقادة المعارضة الذين سيلتقون على مستوى الامناء العامين بعد الاعياد مباشرة لدرس الخطوات التي ستقترحها اللجنة المكلفة من قبلهم بوضع التصورات والخطوات للمرحلة المقبلة سوف يدرسون هذه المقترحات ووضعها موضع التنفيذ بعد اشباعها درسا.
وعلم ان من بين الخطوات التصعيدية اتجاه نواب المعارضة للتوقيع على عريضة نيابية ورفعها الى رئيس مجلس النواب نبيه بري تتهم الرئيس السنيورة بخرق الدستور والاخلال بالموجبات المترتبة عليه،وهذا يفضي محاكمته امام المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء استنادا الى المادة 70 من الدستور، اضافة الى مخالفته المادتين 52 و 56 من الدستور لجهة المفاوضة والتوقيع على المعاهدات التي هي من صلاحية رئيس الجمهورية. ومخالفته ايضا للمادة 20 من الدستور المتعلقة بالسلطة القضائية، والمواد 95-19-23-17 من قانون المحاسبة العمومية لجهة ضرورة تقديم الحكومة للموازنة العامة في موعدها، اضافة الى خرق الحكومة للقواعد الدستورية لجهة استقالة الوزير حسن السبع وعودته عن استقالته والفترة التي مارس فيها الوزير فتفت لصلاحياته المخالفة للدستور وسيوقع على العريضة اكثر من 55 نائبا وسيتم رفعها بعد الاعياد حيث باشر نواب المعارضة بالتوقيع عليها.
ومن الخطوات التي سيتم درسها من قبل قادة المعارضة قطع طريقي المطار والمرفأ وشل العمل فيهما بشكل كامل.
- قطع بعض الطرقات الرئيسية والحساسة.
- تنظيم احتفالات في الشمال والبقاع والجبل للتأكيد على قوة المعارضة وحضورها في هذه المناطق خلافا لما يروجه فريق الاكثرية.
- درس احتمال استقالة نواب المعارضة بعد الحملة على رئيسه ومحاولة شل عمل المجلس من قبل الاكثرية.
- دعوة الرئيس لحود لاصدار مرسوم «باقالة الحكومة» ودعوتها لتصريف الاعمال، وفي هذه الحالة يستطيع وزراء المعارضة تصريف الاعمال في وزاراتهم، وهذا ما سيؤدي الى ايجاد مخرج لانتخابات المتن والتوقيع على مرسوم دعوة الهيئات الناخبة لانتخاب خلف للشهيد بيار الجميل، واقفال هذا الباب ومنع استقلاله، وهناك سابقة في هذا المجال حيث استمرت حكومة الرئيس الشهيد رشيد كرامي في عام 1969 لمدة 9 أشهر بممارسة تصريف الاعمال في ظل عدم القدرة على تشكيل حكومة جديدة في ذلك الوقت.
- استقالة المدراء العامين وموظفي الفئتين الاولى والثانية المؤيدين الى المعارضة، وصولا الى عصيان مدني كامل.
- تضييق الخناق على السراي دون اقتحامها.
وتقول المعلومات، ان قرار اقتحام السراي اسقطته المعارضة من حساباتها كليا، وهذا الامر لم يطرح اساساً ولم يناقش، وان تركيز الاكثرية على مسألة اقتحام السراي كان هدفه اثارة الغرائز الطائفية تحت «ستاره» استهداف الموقع السني الاول في البلاد، فيما المعارضة لم تستخدم الاسلوب المذهبي في دفاعها عن موقع رئيس مجلس النواب، وفي وجه الحملة التي يتعرض لها، واعتبرت الحملة عليه حملة ضد كل اللبنانيين كونه رئيسا لمؤسسة ضامنة للوحدة الوطنية وليس استهدافا للطائفة الشيعية.
وفي المقابل وحسب المعلومات فان قوى الاكثرية تعمل ايضا على استغلال فترة «هدنة الاعياد» للوصول الى خطة عمل مستقبليه وعدم «ترك الارض» لقوى المعارضة فقط، وبالتالي فهي ايضا تعمل على اعادة ترتيب اوراقها عبر الاتصالات اليومية بين رموزها الاساسيين، وهي تستعد ايضا لمواصلة تنظيم الاحتفالات الداعمة للحكومة والتركيز على الخسائر الاقتصادية ومحاولة افشال العصيان المدني بالتأكيد على الحياة الطبيعية في مناطق نفوذها وتحصين حكومة السنيورة عبر زيارات للوفود الشعبية الى السراي، وتأمين كل السبل لانجاح خطواتها، والتأكيد على ان الجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي هما الضامنان للسلم الاهلي ولقمع اي احداث شغب او اي تعطيل للمؤسسات الرسمية، وبالتالي فان واجب الجيش، والقوى العسكرية حماية البلاد واستمرار ضمان عمل المرافئ الرسمية.
وفي ظل هذه الاجواء فان المواجهة بين قوى الموالاة والمعارضة اصبحت شبه «حتمية» وستأخذ اشكالا مختلفة خلال شهري شباط واذار، بعد ان تستنفذ عمليات التصعيد خلال شهر كانون الثاني كل الوسائل المشروعة وكل اوراقها، حيث سيشكل شهرا شباط واذار «التنفيسة» للاحتقان عبر الحل او الاضطرابات وهو الاحتمال الارجح، في ظل قناعة «موسى» ان رقعة الخلاف بين الموالين والمعارضين «متشعبة وعميقة» في ظل ثقة مفقودة بين الطرفين، وقطيعة كاملة وتحديدا بين الرئيسين بري والسنيورة حتى عبر الوسطاء، فتحول موسى الى «ساعي بريد» بين الطرفين، ولم يتمكن من اقناعهما بالتنازل ولو قيد انملة، «فشعرة معاوية» مقطوعة بين الطرفين، وهذا ما دفعه «الى اعلان هواجسه وخشيته داعيا الشعب اللبناني» الى التحرك لحماية مستقبله ومصالحه بعد ان «يئس» من وعود السياسيين اللبنانيين، ولان موسى ربما ادرك ان «الحل والربط» في مكان آخر، ولا يمكن فصل ما يجري في لبنان عن «الملف النووي الايراني» واقرار مجلس الامن للعقوبات على ايران «والطحشة» الاميركية في الدفاع عن القيم الديموقراطية في العالم الاسلامي والمتمثلة بحكومة السنيورة ورئاستي عباس والمالكي وحكم قرضاي في افغانستان في مواجهة الشمولية السورية والايرانية الهادفة الى اسقاط هذه القوى وهذه هي المشكلة الاساسية، وبالتالي فان ايران لن تقف مكتوفة الايدي امام الهجوم الذي يستهدفها ولن تلقى من سوريا الا كل الدعم بعد ان فشلت كل المحاولات الغربية والعربية في «فك» عرى العلاقة بين سوريا وايران عبر تحييدها، والمواجهات حتما ستكون في الساحات الاربع ومن ضمنهما لبنان والله يستر.
وعلى الرغم من ادراك القيادات السياسية اللبنانية لهذه الوقائع وللمخاطر التي تتجمع فوق سماء لبنان، فإن هؤلاء ربما اصبحوا مقتنعين بان شعار «لا غالب ولا مغلوب» بعد عامي 1951 و1958 ادى الى حرب 1975، وربما هذا الشعار لم يعد يصلح للمرحلة الحالية وبالتالي لا بد من «غالب ومغلوب» وما سيخلفه ذلك من «دماء ودموع» يصر البعض على الولوج لها دون اي تقدير لمخاطرها على الناس و«العباد».
"الديار"
التعليقات