12/11/2007 - 06:34

لبنان وسيناريو الحرب../ واصف عواضة

لبنان وسيناريو الحرب../ واصف عواضة
يتردد في بعض أروقة الامم المتحدة والدوائر «الاممية» في العالم ان قرار الحرب الاميركية على سوريا وايران قد اتخذ، وأن الحرب باتت أمراً مفروغاً منه، وان البحث جار في التوقيت المناسب لذلك، وقد تحدد سقفه في الشهر الثالث من العام المقبل.

في الأجواء المتوفرة عن هذا القرار، يقول «الراسخون» في علم هذه الحرب، إن المشروع ستشارك فيه الولايات المتحدة وإسرائيل جنباً إلى جنب، عبر هجوم بري جوي إسرائيلي على سوريا، وهجوم جوي صاروخي على إيران، يهدف الأول إلى إسقاط النظام السوري كما حصل في العراق، ويرمي الثاني الى ضرب المنشآت النووية الإيرانية وشل القدرات الصاروخية ومنع طهران عن مساندة سوريا. وستحاول هذه الخطة تجنب لبنان ما أمكن، إلا بمقدار حاجة هذه الحرب للالتفاف على سوريا من الأراضي اللبنانية، بحيث يصار إلى تجنب إحراج قوات «اليونيفيل» في جنوب لبنان، واستخدام منطقة البقاع الغربي ممراً للاندفاع نحو البقاع الأوسط، بما يحاصر جزءاً كبيراً من الأراضي السورية بحيث تدق القوات الإسرائيلية أبواب دمشق.

يتفق محللون عسكريون واستراتيجيون في لبنان مع هذه الأجواء لجهة أن قرار الحرب متخذ، وإن كانوا يختلفون معها حول بعض تفاصيل السيناريو نتيجة معطيات تبدلت في الفترة الأخيرة. ويقول هؤلاء إن الخطة كانت تقضي بقيام خرق اسرائيلي في البقاع حتى المصنع يهدف إلى الضغط على دمشق وفرض شروط سياسية مزدوجة عليها في المسألة اللبنانية، لجهة إجبارها على توفير فرص لانتخاب رئيس للبنان والالتزام بالقرارات الدولية لجهة نزع سلاح المقاومة. وفي حالة ممانعة سوريا تندفع القوات الإسرائيلية تحت غطاء جوي باتجاه دمشق.

كان يفترض ان يترافق هذا الخرق مع هجوم بري جوي على ايران. لكن البنتاغون عارض هذا الهجوم باعتبار ان القوة البرية الاميركية غير متوفرة لذلك، فانتقل السيناريو الى خطة أخرى تقوم على ضربة جوية وصاروخية لألفي هدف في ايران. وقد كلفت لجنة من البنتاغون لدراسة ردود الفعل، فخلصت الى أن إيران قادرة على ضرب ستمئة هدف أميركي إسرائيلي خلال الأيام الثلاثة الأولى من الحرب. وهذا ما يشكل في رأي اللجنة انتحاراً جماعياً لأميركا وإسرائيل في المنطقة حتى ولو نجحت الحرب في تدمير المفاعل النووي الايراني.

في تقدير المحللين أن تنفيذ هذه الخطة تأخر الى حد ما. لم يعد في مقدور أميركا القيام بأي عمل حربي قبل الخامس والعشرين من كانون الأول، وهو موعد انتهاء موسم الحج في المملكة العربية السعودية. بعد ذلك هناك خمسة وسبعون يوماً يمكن للإدارة الأميركية الحالية أن تحرك خلالها آلتها العسكرية في المنطقة، وهذا يعني أن شهر آذار هو السقف الأخير لبوش لخوض هذه الحرب بحيث تبدأ بعد ذلك الحملة الانتخابية الرئاسية.

لقد أربكت المناورة التي قام بها «حزب الله» إسرائيل ـ يضيف المحللون ـ ما يتطلب نحو شهرين لتحليلها والخروج باستنتاج منها. وهذا ما يدفع بالحرب نحو شباط المقبل على أقل تقدير.
تبقى مسألة أساسية يلحظها المحللون، وهي أن الدراسات الاميركية الإسرائيلية ما تزال عاجزة حتى الآن عن تقدير حجم الرد العسكري الإيراني السوري على هذه الحرب، انطلاقاً من التكتم الشديد المضروب على طبيعة التسلح في البلدين. فإذا كانت المقاومة في لبنان قد فاجأت الأميركيين والإسرائيليين خلال حرب تموز ببعض الأسلحة المتطورة الموجودة في يدها، فماذا يمكن أن تفاجئ دولتان كبيرتان كسوريا وايران في أي حرب محتملة بما لديهما من أسلحة؟

إذا صحت هذه التوقعات، بأن لا حرب في المنطقة قبل شباط المقبل، فما هي الصورة التي يجب رسمها للبنان المنشغل بالاستحقاق الرئاسي؟ وهل من المفيد للمشروع الأميركي تفجير الوضع قبل أوانه، من خلال خلق فوضى غير مضمونة النتائج، أم أن الأسلم الإتيان برئيس توافقي يجمد انتخابه هذه الفوضى التي قد تنعكس بالضرورة على المنطقة بأكملها؟
في كل الأحوال هناك عشرة أيام فقط.. والصبر مفتاح الفرج!
"السفير"

التعليقات