01/04/2010 - 07:03

الخانة الآن ليست شاغرة: تملأها ميرا عوض، على المتأملين بعدل إسرائيل الانتظار!../ ياسمين ظاهر*

الخانة الآن ليست شاغرة: تملأها ميرا عوض، على المتأملين بعدل إسرائيل الانتظار!../ ياسمين ظاهر*
ليس صوت ميرا عوض وأداؤها الغنائي هو ما يجذب دولة "إسرائيل"، شعبها وأذرعها (الإعلام وملفقو الرأي العام) إليها. بل أدهى من ذلك – وبعكس ما تعتقد ميرا ذاتها – فليس شكلها وجمالها هو ما ينجح في "تسويقها" في عالم التلفزة المحلي المحدود جدا.

سر نجاح ميرا هو بالضبط فيما تحاول هي جاهدة وبصعوبة أن تخفيه وتبعده عن الأنظار: أنها عربية - فلسطينية. لن يساعدها شيئا، مثلها، مثل كل الناجحين والساقطين في أعين إسرائيل – والناجحين بين أبناء شعبهم- هويتها وشعرها الأسود في هذا الحالة يحتلان نفس الخلية الدماغية لدى كل المتفرجين الإسرائيليين، يشرح سواد شعرها عروبتها، كما كل كلمة تنطق بها - وكيف تنطق الراء - تقاس مقابل عروبتها، يعني مع أنها عربية قالت كذا ولأنها عربية لم تقل كذا.

إذا فميرا تلعب الدور وتملأ الخانة، والخانة ليست اختيارية، كما قد يبدو لنا للوهلة الأولى، فيما عدا اختيار القبول بها – فدخول الحمام مش زي خروجه – فشخصها وصوتها كما قلنا لا يعني إسرائيل لا من قريب ولا من بعيد، كما انه لا يعنينا نحن أيضا، فأنا أيضا أكتب هذا المقال لا تحدث عن الخانة وليس عن ميرا. الخانة واضحة وهي "تبييض" وجه دولة إسرائيل عالميا، ولكي ينجح هذا الدور، فالمحلي أيضا مهم وهو نقطة بداية الاستعدادات. طبعا كل إسرائيلي سعيد وهي تغني في القناة الثانية بالعربية المعبرنة التي لا يفهما أحد من جمهور المستمعين، وسعيد أكثر وهو يقتبسها عند بائع الخضار يوم السبت في سوق الطيرة المحلي، ويتباهى – فقط هناك – بمعرفتها، سعيد على ديمقراطتيه التي سمحت لها بالفوز باللقب فهي تنقذه من المواجهة وتنقذه من حقيقة سؤاله وبحثه على سبيل المثال وليس الحصر عن العشرون بالمائة من المواطنين "لابسي قبعة الاختفاء".

مع أن ميرا وكل الذين يحذون وسوف يحذون حذوها، يحاولون دائما شق طريق النجومية بأحذية من نوع "فردي وخاص جدا". أي التنصل من والابتعاد عن مجتمعاتهم وعن انتمائهم له لكي يقبلهم الآخر؛ الإسرائيلي في هذه الحالة. لكن يؤسفنا أن نحيطهم علما أن "فردانيتهم وحريتهم هذه" مشروطة بشكل واضح ولها أبعادها، فعلى ميرا أن تغني ما يحب الجمهور الإسرائيلي ان يسمع، وأن تقول ما لا يود أن يشك بوجوده، وتمثلهم بالشكل اللائق – آسفة إن استذكرتم باربي بالصدفة - فيتم "استعمالها" حتى يظهر "نجم عربي آخر" يؤدي هذا الخانة، فهي ضيقة ولا تأخذ أكثر من واحد في العام الكامل، وهم ليس لهم مزاج ولا طاقات ولا أموال يصرفونها على أكثر من نجم واحد في الفترة، فلا تنسوا أننا لا نتحدث حتى عن مساواة في عمل العرب في مجال التلفزة والرقص والغناء، بل هم يتحدثون عن دور إعلامي، مسيّس وغير شخصي، جاهز للاستعمال والتعريب. إنها خانة تمثيل العرب على ذوق إسرائيل!

سنبقى نكتب ونذكّر بأشخاص مثل ميرا دائما، فمشكلتنا هي مع "الدور السياسي" الذي تؤديه والذي يؤديه باقي أعضاء الكنيست العرب مثلا في الأحزاب الصهيونية (مع وعي أو دونه)، وهي مثلهم ومن اجل مصالح شخصية تافهة تركض في المحافل الدولية ليرى العالم إسرائيل أجمل.

نحن أيضا يغضبنا كل إسرائيلي يحاول أن يكذب لتبدو إسرائيل أجمل، وليست المشكلة فقط بأن عربا يقومون بهذا الدور – فالموقف الأخلاقي لا يتوقف على الانتماء القومي-، بل كون هذا الدور معد أصلا ليكون متقن أكثر إذا ما قام به فلسطيني. فمع أن ماضيها في الغناء في عواصم العالم باسم إسرائيل في عزّ قصف غزة هو تسجيل لمستواها الأخلاقي والسياسي، أما الآن فالانزلاق الأخلاقي حاد جدا، فميرا عوض ستغني في احتفال نكبة شعبها هي وزميلتها ناني وبدعوة من الفدرالية الصهيونية في بريطانيا وايرلندا، وكم سيبدو دورها هناك متقن! سيتساءل قارئ الدعوة – مرفقة في الأسفل-، منذ متى تُذكر قومية وأصول المغني في الدعوة؟ ولماذا لا تكتفي إسرائيل بالاعتزاز أن ميرا إسرائيلية بالضبط كما احينوعام، اما وزارة الخارجية فتعرف أن الكلمتين بعد اسم ميرا عوض وهما "عربية إسرائيلية" هو سر حبهم الجم لها ودعوتها كذلك.

نحن نكتب ونذكّر أيضا لسبب آخر علينا فهم أهميته وعلينا أيضا عدم التقليل من شأنه. نحن مرآة الخانة هذه. ستغني ميرا هناك بالسر (كما دخل براك أيضا الناصرة بعد هبة القدس والأقصى بدعوة من أصدقائه العرب بالسر أيضا)، ولن يسمعها منا احد، ولن يكسر شوكتنا لا ميرا ولا الأحزاب الصهيونية على اختلافها، فلن تصل الرسالة؛ لأننا بالمئات سنشارك في مسيرة العودة لهذا العام في مسكة. وأنا أراهن أنها لم تتوقع أن تصلنا الدعوة بهذه السرعة، فسنذكر إسرائيل – لان ميرا تعرف ذلك – أن ميرا والذين يتصرفون مثلها لا يمثلونا بتاتا!

وبالمناسبة وبعكس ما تعتقد ميرا عوض وكل الفردانيين – indivuduals - فإن إسرائيل لا ولن تعتبرها يوما إنسانا خارجة أو غير متصلة بهويتها. فان ما سيحررنا من كوننا أحيانا هوياتنا – وقد نمقت هذه الحالة أيضا – هو تحريرنا الوطني وهو التزامنا غير الصعب أو المستحيل أو المنغلق أو الأناني بهويتنا الفلسطينية والنضال من أجل الحرية.
.

التعليقات