19/06/2010 - 15:40

استهداف منظمات المجتمع المدني!../ مصطفى إبراهيم*

استهداف منظمات المجتمع المدني!../ مصطفى إبراهيم*
في وقت يشتد فيه الصراع في فلسطين على السلطة ويعزز الانقسام الفلسطيني، وتتزايد الانتهاكات والاعتداء على الحريات العامة يوميا من طرفي السلطة في الضفة العربية وقطاع غزة، استطاعت مؤسسات المجتمع المدني الفلسطينية والعربية والدولية أن تضع دولة الاحتلال في الزاوية، وتجعلها خارجة على القانون الدولي، وتعيش في عزلة وقادتها مطلوبون للعدالة الدولية.

وعلى رغم ما جرى بعد جريمة أسطول الحرية من محاولة المجتمع الدولي البحث في وسائل لاستمرار الحصار ووضع آليات وصيغ قديمة جديدة لتخفيف الحصار رفضها الشعب الفلسطيني، لا يزال الصراع محتدماً على السلطة وطرفا الصراع يشددان من قبضتهما على المجتمع الفلسطيني.

لكن منظمات المجتمع المدني الفلسطينية والعربية والدولية لم تنتظر إنهاء الانقسام وعقد المصالحة، ولا تزال تخوض معركتها الأخلاقية والقانونية ضد دولة الاحتلال، وتقوم بدورها ولديها القدرة والقوة على خوض معركتها والاستمرار فيها، وهي مؤمنة بالتضامن ومناصرة ومساندة مبادئ الحرية والحق والعدالة من أجل رفع الحصار.

حملة أسطول الحرية لم تأت من فراغ، بل هي جهد مشترك من منظمات المجتمع المدني الفلسطيني والعربي والدولي، التي بدأتها حركة "غزة حرة"، وهي تتويج لحملات التضامن التي بدأت منذ زمن طويل وتجددت مع بداية انتفاضة الأقصى، وهي سبقت وجود السلطة الفلسطينية.

ولا يزال الفلسطينيون يحيون ذكرى مقتل الشهيدة "ريتشل كوري" التي قضت في مدينة رفح، وهي تدافع بجسدها الغض عن منازل الفلسطينيين من الهدم، وتجددت حملات التضامن بعد الحصار المفروض منذ أكثر من أربع سنوات وقبل سيطرة حركة حماس على قطاع غزة.

ما يثير الغضب والحزن أنه فيما لم تجف دماء شهداء أسطول الحرية بعد والتحضير جار لحملات تضامنية جديدة من جميع أنحاء العالم، وجه المتحدث الاعلامي باسم وزارة الداخلية في حكومة غزة إيهاب الغصين اتهامات عامة وغير مفهومة لشخصيات وصفها بالقيادية في منظمات المجتمع المدني بالتخابر مع دولة الاحتلال.

الصدمة والمفاجأة لم تقتصر على طريقة التغطية الصحافية، وتناولها من قبل بعض وسائل الإعلام المحسوبة على حركة "حماس"، بل كانت من خلال حملة تشويه وإساءة مقصودة لعمل مؤسسات المجتمع المدني خاصة في قطاع غزة، فمن هي تلك الشخصيات الوهمية، من حقنا أن نعرف من هي تلك الشخصيات؟ وكم عددها؟ ولماذا يتم الإعلان عنها في مؤتمر صحافي من دون عرض تلك الشخصيات الوهمية للقضاء، ما يثير الشك والريبة والخوف من أن يكون ذلك مقدمة لزيادة الاعتداءات على مؤسسات المجتمع المدني والعاملين فيها.

تصريحات الغصين خطيرة وتندرج في حملة الهجوم والتشويه على منظمات المجتمع المدني التي لم تتوقف يوماً، وسبقها عدة حملات إعلامية من مسؤولين وكتاب محسوبين على حركة "حماس" يحرضون على مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية لا لسبب الا لأنهم يرونها بوقاً يتحدث باسمهم، وهي لن تتحث لا باسمهم ولا باسم حركة "فتح" والسلطة في الضفة.

الحملات الاعلامية المتكررة من شخصيات وكتاب وصحافيين محسوبين على حركة "حماس"، وتصريحات الغصين ومن يقف خلفها سواء في حكومة غزة او وزارة الداخلية خطيرة ومستهجنة وتحمل في طياتها مغالطات كثيرة، وتجنيا على تلك المؤسسات التي هي جزء أصيل من مؤسسات المجتمع المدني، وبالأمس كان المسؤولون والعاملون فيها إبطال ومكرمون من رأس الحكومة في غزة.

تلك التصريحات صورت منظمات المجتمع المدني الفلسطينية وكأنها أوكار للرذيلة وللعملاء وهي من يقوض أسس المجتمع الفلسطيني، ولم يصدر أي نفي او توضيح من الحكومة لتلك التصريحات المسيئة ليس لمنظمات المجتمع المدني، بل طالت شريحة كبيرة من المجتمع الفلسطيني.

منظمات المجتمع المدني، ليست بحاجة للدفاع عن ذاتها فهي لعبت، ولا تزال، دورا كبيراً ورئيساً ًفي الدفاع عن الحريات وتعزيز الديمقراطية وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان، وهي من تصدى، ولا تزال، للاعتداء على الحريات العامة والاعتقال السياسي.

التعليقات