14/07/2010 - 11:40

الحريات في فلسطين بين حركتين../ مصطفى إبراهيم*

الحريات في فلسطين بين حركتين../ مصطفى إبراهيم*
حريتنا في فلسطين تتوقف عند توجيه النقد والبحث في شرعية الحكومتين في رام الله وغزة، وحركتي "فتح" و"حماس" اللتين تسيطران على الضفة الغربية وقطاع غزة.

عندما نعبر ونكتب بتوجيه النقد لما يجري في الأراضي الفلسطينية من استمرار حال الانقسام وتحميل طرفي الصراع المسؤولية على استمراره وعدم إتمام المصالحة الوطنية، أو فضح سلوك الحكومتين من ارتكابهما الانتهاكات الخطيرة لحقوق الانسان الفلسطيني، تتوقف حريتنا في التفكير والتعبير عند نقطة المس بالشرعية وبالثوابت الوطنية وهي تداس يومياً.

قبل أسبوع التقى رئيس وزراء حكومة رام الله سلام فياض بوزير الأمن الإسرائيلي إيهود باراك، وقبل يومين قام رئيس جهاز الأمن العام (شاباك) يوفال ديسكن بزيارة سرية الى مدينة جنين وهي ليست الاولى ولا الأخيرة، وعندما نقوم بالكتابة والتعبير بالنقد والتوضيح عن شرعية تلك اللقاءات والزيارات والفائدة الوطنية من ورائها، وأن دولة الاحتلال لم تف بالتزاماتها، ولم تقم برفع حاجز عسكري الا بشروطها، تقف حريتنا عند المس بالالتزامات بالاتفاقيات الموقعة وبالشرعية وبالثابت الوطني للسلطة وحركة فتح.

وعندما نتناول المفاوضات العبثية والمستمرة منذ عدة سنوات من دون طائل، وان الرئيس لا يؤمن الا بخيار المفاوضات، ويدافع عنه باستماتة يصبح ذلك أيضاً مسّا بالشرعية والثوابت الوطنية، وتمنع وسائل الإعلام المحسوبة عليها، والتي تدعي بعضها الاستقلالية من نشر تلك المقالات.

وعندما نكتب عن الانتهاكات الخطيرة لحقوق الانسان في الضفة الغربية، عن الاعتداء على الحريات العامة والخاصة، وعن الاعتداء على الجمعيات الخيرية، وقطع رواتب موظفي السلطة من أبناء غزة، وعدم منحهم جوازات السفر، والاعتقالات السياسية المستمرة في الضفة الغربية ضد قيادات وأعضاء حماس، نصبح ضد الأمن والأمان ونمس بسيادة القانون، وعند تحميل المسؤولية للسلطة في أزمة انقطاع التيار الكهربائي عن قطاع غزة، وعدم شراء الكميات اللازمة من الوقود الصناعي لتشغيل محطة الطاقة نصبح ضد الشرعية.

وعندما يطالب الناس حركة حماس التوقيع على الورقة المصرية وهم يدركون أنه مجرد توقيع والمصالحة بحاجة الى إرادة سياسية حقيقية ووقت طويل بعد إحكام السيطرة من قبل الطرفين كل في منطقة حكمه، يصبح الأمر مساً بالمصلحة الوطنية والثوابت الوطنية.

وتكون المفاجأة عندما تقدم حكومة غزة "الشرعية" بتقييد الحريات العامة والاعتداء على الجمعيات وإغلاقها، وتنفيذ الاعتقالات السياسية من خلال جملة من الإستدعاءات وسحب جوازات السفر لأعضاء من حركة فتح ومنعهم من السفر وتقييد حريتهم، وجعلهم يشعرون بالوجع، وإحكام سيطرتها على المجتمع بفرض رؤيتها وسن القوانين والتشريعات بعدم وجود باقي أعضاء المجلس التشريعي، تقف حريتنا في التعبير عند المعاملة العين بالعين والسن بالسن، ودفع الثمن.

وليس من المفاجئ أن لا ينشر لك ما تكتب وتعبر عنه الا ما يأتي على هوى حركة حماس ووسائل إعلامها، وعندما ينشر لك ما تكتب يكون من دون استئذانك، هم يريدون من الناس أن يكونوا على صورهم لا على صور الناس أنفسهم وتفكيرهم واعتقادهم وحريتهم في التعبير، ويريدون منا أن نعبر عنهم وليس عنا، وهذا ينطبق على رام الله.

في عرف الحكومتين "الحركتين" مطلوب أن نعبر ونكتب عن المصلحة الخاصة لكل حكومة وليس عن المصلحة الوطنية العليا التي أصبحت شماعة السيطرة على مقاليد الحكم سواء في رام الله أو في غزة، وتقف حريتنا في البحث في شرعية الحكومتين والممارسات والانتهاكات التي ترتكب يوميا باسم المصلحة الوطنية العليا.

يدرك كل الصحافيين والكتاب في الأراضي الفلسطينية أنهم مراقبون، وعليه أصبح غالبيتهم يكتبون ما يمليه عليهم رقيبهم الذاتي، لأنهم ينتظرون المحاسبة في كل وقت، حتى الصحافيون والكتاب المحسوبون على الحركتين والذين يحاولون في بعض كتاباتهم من توجيه النقد الناعم، لا يسلمون من النقد وتوجيه اللوم لهم والمحاسبة في بعض الأحيان، ما يعزز من القناعة أن حريتنا هي منحى وملك للحكومتين تمنّ علينا.

التعليقات