31/10/2010 - 11:02

قراءة التاريخ../ هاشم حمدان

قراءة التاريخ../ هاشم حمدان
من الواضح أن التخطيط للعملية التي نفذتها المقاومة اللبنانية على الحدود الشمالية من أجل الأسرى، كان بمعزل عن عملية "الوهم المتبدد"، إلا أن "أمطار" العملية نفسها، التي جاءت برداً وسلاماً على الأسرى وذويهم وشعوبهم، قد تركت آثارها على مجرمي حرب "أمطار الصيف" يوم أمس، فارتفع عدد الشهداء إلى 25 شهيداً ووقعت عشرات الإصابات في صفوف المدنيين.

وفي الوقت نفسه، فمن المؤكد أن العقلية البربرية المتعطشة للدماء لم تكن بحاجة إلى ذريعة- عملية المقاومة اللبنانية- لتستغل كون العالم متجهاً بأنظاره نحو الشمال لتعمل القتل في الجنوب، حيث "سبق السيل المطر" وماكنة الدمار والقتل قد حصدت أرواح 13 شهيداً قبل أن تنفذ العملية على الحدود الشمالية.

وعندما وقعت الخسائر الأولى في الجيش الإسرائيلي، ثلاثة قتلى وأسيران بيد المقاومة اللبنانية وعدد من الإصابات، تحركت الآليات الثقيلة وبدأت تزمجر لتجتاز الحدود إلى الأراضي اللبنانية.

لم تتقدم الدبابة الأولى أكثر من 70 متراً مزهوة بخيلاء الغطرسة والعربدة، ومدفوعة بالانتقام، حتى ثار فيها "غضب" أرضي مزق أحشاءها المعدنية والبشرية، وبالنتيجة سقط 4 قتلى. ولدى محاولة إخراج الجثث قتل جندي آخر وأصيب إثنان آخران. وبالضبط هنا لم يكذب أولمرت عندما قال "قواتنا داخل الأراضي اللبنانية"، بل كانت تعوزه الدقة فقط!

هذا الشريط المتكرر من نموذج" راحت توخذ بثأر أبوها ورجعت حبلى" ليس غريباً على الجيش الذي كابد أشد الويلات وهو يتخبط في الأراضي اللبنانية، وهو المجهز بأعتى الترسانات العسكرية التي تسمح له بالتهديد بإعادة لبنان 20 عاماً إلى الوراء، وإن كان يرفض الإعتراف بأن العمل العسكري لا يجدي فتيلاً إزاء إرادة الشعوب!

وبينما يكتفي الجيش حالياً بالغارات الجوية والقصف المدفعي البري والبحري، فإن وجهة الحكومة الإسرائيلية، بناءاً على قرارات الإجتماع الطارئ الذي عقد يوم أمس، ليست باتجاه الإستفادة من دروس الماضي غير البعيد، وليست باتجاه قراءة التاريخ وحركته بشكل صحيح، خاصة مع تصاعد العويل والتباكي على قوة الردع الإسرائيلية الذي يرافق تصاعد ضربات المقاومة النوعية للإحتلال.

وفي المقابل فمن الصعب تخمين المدى الذي ستصل إليه في تصعيدها العسكري، حيث أن عبر الماضي لا تزال ماثلة أمامها، والعدو الذي ستسعى للنيل منه يمتلك عزيمة قوية وخبرة واسعة وأسلحة متطورة، علاوة على أن التصعيد العسكري يعني تعريض الجبهة الداخلية لـ"أمطار" الصواريخ وفتح جبهة قتالية واسعة وشرسة في الشمال والجنوب في آن واحد، قد تكون لها أبعاد إقليمية خطيرة، ومن المرجح أن إسرائيل لن تتخذ قراراً بشأنه لوحدها.

التعليقات