31/10/2010 - 11:02

منهجية "احادية الجانب".. / نواف الزرو

منهجية
ما يلفت الانتباه في السنوات الاخيرة ان سياسة " الاجراءات والخطوات احادية الجانب"، التي دشنها شارون ويواصلها اولمرت بعده، هي التي غدت تتسيد المشهد السياسي الفلسطيني والعربي/ الاقليمي الى حد كبير ...

وقد نجحت "اسرائيل" في تسويق هذه السياسة في "فك الارتباط" عن غزة ، بينما اخفق اولمرت وفق البيانات والتصريحات/ المخادعة/ في تسويق مشروعه "الانطواء" على الفلسطينيين والعرب وكذلك على الاتحاد الاوروبي .. في حين اعربت الادارة الامريكية عن بعض التحفظات الاعلامية عليها وهي "تفضل ان يتم الامر من خلال التفاوض مع الفلسطينيين "..

ولكن اولمرت من جهته يؤكد ليل نهار على انه سيواصل تنفيذ خطته احادية الجانب اذا لم يتوفر لديه شريك فلسطيني يوافق على الخطة / ومثل هذا الشريك لن يتوفر وفق المعطيات والشروط الاسرائيلية / ولذلك فانه سيواصل تنفيذ الخطة ...

ولذلك فاننا سنجد انفسنا عمليا خلال سنوات حكم اولمرت القادمة، وربما ما بعدها ايضا، امام هذه السياسة الاسرائيلية احادية الجانب التي من شانها ان ترسم ليس فقط "حدود دولة اسرائيل " كما يزعمون ، وانما من شأنها وهذا الاخطر ان تجهز على المشروع الوطني الفلسطيني وان تنهي حلم الاستقلال واقامة الدولة الفلسطينية كما يضمرون ....؟!!.

في الجوهر والصميم فان هذه السياسة احادية الجانب انما هي اولا من نتاج مستنقعات ومستنبتات الفكر العنصري الصهيوني وهي ثانيا من رحم ايديولوجياالمؤسسة العسكرية / السياسية الاسرائيلية الهجومية العدوانية ...

ولذلك نقول وبالتاكيد الموثق ان قصة "فك الارتباط" فــ"الانفصال " فــ" الانطواء والتجميع " انما هي مصطلحات مضللة لذات الفلسفة والمفاهيم والمنهجية الصهيونية منذ المؤتمر الصهيوني الاول، اذ تطورت وتكرست وتبلورت عبر الزمن في الفكر العسكري والسياسي الاسرائيلي الى ان غدت لدى "اسرائيل" السياسة العملية لها منذ نشاتها..

والمضمون الحقيقي لهذه الفلسفة والمفاهيم والمنهجية هو "الاجراءات والخطوات احادية الجانب " التي تترجم على الارض العربية الفلسطينية وضد الشعب العربي الفلسطيني بسلسة من الحملات الحربية العسكرية العدوانية المجازرية المستمرة، وتترجم ايضا بموجات متلاحقة من الهجمات الاستيطانية التهويدية الاقتلاعية التهجيرية ضد الفلسطينيين وهذا ما يتساوق تماما مع جوهر الصهيونية فكرا وسياسة وايديولوجيا ...

وقد وصلت هذه السياسة في الآونة الاخيرة الى أعلى درجاتها وتطبيقاتها على الارض الفلسطينية عبر "الفك" و" الانفصال" والانطواء" و "الجدار" الذي بات يولد كل يوم جدرانا اخرى ...

ويمكن ان نقول هنا ان فلسفة "الخطوات احادية الجانب" انما هي سياسة صهيونية/اسرائيلية هجومية مستمرة بلا توقف ...ويمكن ان نتحدث في هذا السياق عن قرن كامل واكثر من الهجوم الصهيوني/ الاسرائيلي احادي الجانب على الفلسطينيين والعرب... ولكن مع بالغ الاسف والخجل دون اي دفاعات عربية عن النفس والوجود والحقوق والكرامة...؟!!!.

وقد انطلق هذا الهجوم على نحو ارهابي مبيت منذ ان تبنى المؤتمر الصهيوني الاول فكرة ومشروع "اقامة دولة اليهود في ارض اسرائيل" ...وتتابع عبر الهجوم المسعور من اجل السيطرة على الاراضي العربية ووظفوا في ذلك الانتداب البريطاني الذي وفر لهم الغطاء الكامل عبر "وعد بلفور" وعبر الميدان على الارض هناك في فلسطين ...

واقترفوا خلال هذا الهجوم المتصل كافة اشكال الانتهاكات والجرائم والاستباحات لكل الخطوط والحرمات العربية / الفلسطينية ...وكانت تتويجات ذلك كم هائل لا حصر له من المجازر الدموية الجماعية وسرقات الارض وتهويدها ...وصولا الى الذروة المتمثلة اليوم في مشروع شارون –اولمرت للفك والتجميع والانطواء"....؟!!

فقد بات واضحا تماما اليوم شبه الاجماع السياسي الاسرائيلي على فلسفة ومخططات واجراءات الانفصال أحادي الجانب عن الفلسطينيين في الضفة الغربية، بعد ان تم ذلك في غزة ، فقد اعلنها اولمرت في سلسلة لقاءاته الاخيرة "انه يعتزم القيام بخطوات احادية الجانب في –يهودا والسامرة "، واكد " سوف نتجمع خلف الجدار وسنكثف الاستيطان في التكتلات الاستيطانية وسنصل الى الانفصال الكامل عن معظم السكان الفلسطينيين " .

ولم يبق اولمرت لوحده وراء "الانفصال احادي الجانب " بل لحقه ايضا عمير بيرتس زعيم العمل مؤكدا بدوره :" ان الانفصال احادي الجانب سيكون المخرج الاخير لنا " وكما هو مخبور، فعلى الارجح لن يجد بيرتس صعوبة في توصيل الامور الى المخرج الاخير اذا ما اراد ....؟!!!

فالواضح تماما اذن اننا مقبلون على مدى السنوات القادمة ايضا على مرحلة الانفصال احادي الجانب الذي يعد النقيض تماما للحوار والتسوية المتفق عليها ...هكذا اراد وخطط شارون ان تسير الامور مع الفلسطينيين ...وهكذا يريدها اولمرت وبيرتس والمؤسسة الامنية / العسكرية والسياسية / الحزبية في معظمها ...لدرجة ان هذه الفكرة تحولت لديهم الى فلسفة تحتل صميم الاستراتيجية الاسرائيلية الاحتلالية في مواجهة الشعب والقضية والحقوق الفلسطينية ...

والحقيقية الساطعة إن خطة "الانفصال والتجميع والانطواء " انما تشكل ذروة حرب "الابادة السياسية" التي شنها البلدوزر ضد الشعب العربي الفلسطيني ، حيث انه - اي شارون - لم يخف ابدا نواياه واهدافه الحقيقية.

فكان شارون قد شرح اهم مضامين خطته في مقال نشره في صحيفة معاريف العبرية مخاطبا الاسرائيليين مؤكدا:
"ان خطة الانفصال تخلق تغييرا استراتيجيا في التوازن السياسي في المنطقة، اذ تبادر اسرائيل الى خطوة تمكنها من الحفاظ على احتياجاتها الامنية، وعلى الكتل الاستيطانية الكبرى في الضفة الغربية، وعلى قدس موحدة وكبيرة".

واضاف : "ستمنحنا خطةالانفصال حرية العمل الواسع في محاربة الارهاب من خلال دعم دولي لم نشهد مثله في الماضي، وستمكنا من تسريع بناء الجدار بمسار يحافظ على المصالح الامنية لاسرائيل ويحمي اكبر عدد من الاسرائيليين، وفي المقابل سنحافظ على سيطرتنا على كافة المنافذ والمعابر المؤدية الى قطاع غزة من اجل منع تهريب الاسلحة، وسنعيد الانتشار حولها بشكل يمكننا من ضرب الارهاب ايضا من داخل القطاع".

فلنقرأ اذن في الاستخلاصات المفيدة ما يضمره لنا اولمرت في برنامجه وتصريحاته السياسية الخادعة ...فهو يتحدث وبلغة شارونية واضحة عن الانفصال عن الفلسطينيين ضمن منهجية الحصار والمحاصرة والعزل والاعتقال الجماعي في معسكرات الاعتقال وعن دويلة المعازل الفلسطينية ولا يتحدث عن الانسحاب من الاراضي العربية المحتلة ....؟!!

ولايمكننا في سياق معالجة فلسفة "الانفصال والتجميع" و"الخطوات احادية الجانب"الاولمرتية عن ذلك الغطاء الامريكي –الاوروبي الذي منح لدولة الاحتلال ...فهذه القرارات والاجراءات الثنائية الامريكية – الاوروبية الحصارية للسلطة والحكومة الفلسطينية انما تصب في صميم الاجندة الاسرائيلية الاولمرتية وفي صميم التمهيد لتطبيق الخطة المشار اليها ...

فالهدف من وراء كل هذه القرارات الحصارية التجويعية انما هو اجبار الفلسطينيين على التأقلم مع الواقع ومع موازين القوى ومع خطة "الانفصال والتجميع"..

والهدف ايضا فرض حقائق الامر الواقع الاسرائيلية الاحتلالية التي تعني عمليا تهويد وضم المدينة المقدسة وتهويد وضم ما نسبته نحو %60 من مساحة الضفة الغربية الى اسرائيل، وتكريس الجدار الذي تعتزم حكومة الاحتلال ترسيم حدودها على اساسه ...؟!

ولذلك نعتبر ان كل هذه القرارات والضغوطات الامريكية –الاوروبية على الفلسطينيين سلطة وحكومة وشعبا انما هي في تداعياتها الحقيقية اسرائيلية المضامين والاهداف ...؟!!
ما يستدعي من الدول والانظمة والمؤسسات العربية على اختلافها اتخاذ مواقف حقيقية وجادة ومسؤولة وقومية تجاه ما يجري وفي مواجهة الخطة الانطوائية الاولمرتية احادية الجانب ...ولا يكفي هنا الاكتفاء بالتصريحات الرافضة والاستنكارية والتحذيرية بينما يمضي اولمرت في هجومه احادي الجانب على الارض والشعب والوجود والهوية والسيادة والحاضر والمستقبل...اليس كذلك ....؟!!!!

التعليقات