23/07/2012 - 12:35

أهداف جولة كلينتون../ د. فايز رشيد

وحول زيارة كلينتون للقاهرة يمكن القول: إنها حققت معظم الأهداف التي سعت إليها الولايات المتحدة في علاقتها مع مصر

أهداف جولة كلينتون../ د. فايز رشيد

حرصت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون على زيارة العاصمة المصرية بُعيد نجاح محمد مرسي مرشح الإخوان المسلمين في انتخابات الرئاسة. زيارة الوزيرة الأمريكية جاءت من أجل عدة أهداف، أولها: الاطمئنان على سريان معاهدة "كمب ديفيد" بين مصر وإسرائيل، وحول هذه النقطة كان الرئيس المصري واضحاً في خطاباته التي ألقاها بعد فوزه: من أن مصر تحمل رسالة السلام وستحافظ على كافة المعاهدات الموقعة بينها وبين دول العالم، بما يعينه ذلك ضمنياً من الحفاظ على اتفاقية كمب ديفيد مع إسرائيل.

في المباحثات التي دارت بين وزارة الخارجية الأمريكية والإخوان المسلمين في مصر قبل الانتخابات الرئاسية أخذت الولايات المتحدة وعوداً منهم باحترام اتفاقية كمب ديفيد، لكن ذلك لم يكن كافياً من وجهة نظر الوزيرة الأمريكية، فحرصت من خلال سماعها لمرسي ولرئيس المجلس العسكري المشير طنطاوي على تأكيد هذا الموقف الغاية في الحيوية بالنسبة للولايات المتحدة.

ثاني أهداف زيارة كلينتون للقاهرة يتمثل في: الاطمئنان إلى مسيرة العلاقات الأمريكية-المصرية على ضوء ما أفرزته الانتخابات الرئاسية من نتائج، فمصر وخلال الأربعين عاما الماضية كانت حليفاً رئيسياً للولايات المتحدة.

ومع أن كلينتون امتلكت حقيقة الموقف من قبل الرئيس وحزبه قبل الانتخابات، من خلال المباحثات المشار إليها والتي أُجريت في الحلقة النقاشية التي نظمها معهد كارينغي للسلام في واشنطن، وحضرتها وفود من الأخوان المسلمين من عدة دول عربية بمن فيها مصر،إلا أن الخارجية الأمريكية أيضاً أرادت تأكيد هذه المسألة المهمة لأمريكا. في إحدى خطاباته بُعيد تسلمه لمنصبه أكدّ مرسي على عدم تبعية مصر لأي دولة (دون تسمية الدول) بما يعينه ذلك ربما من تغييرات طفيفة في العلاقات المصرية-الأمريكية، لذلك كانت الوزيرة الأمريكية في غاية الحرص على مقابلة المشير طنطاوي لتأكيد الحرص المصري على العلاقة مع الولايات المتحدة.

وعلى الصعيد السابق يمكن القول: إن كلينتون في مقابلتها لكل من الرئيس مرسي والمشير طنطاوي رئيس المجلس العسكري، حاولت مسك العصا من منتصفها بين الرجلين، من خلال الإيحاء بأن الولايات المتحدة لا تتدخل في الشؤون الداخلية لمصر، بالرغم ومثلما يقول مراقبون عديدون بأن الولايات المتحدة أقنعت المجلس العسكري بإمكانية تسلم مرسي للرئاسة في حالة فوزه في الانتخابات. مقابلة كلينتون لطرفي مصر القويين ستشكل سابقة لزيارات المسؤولين الأمريكيين للقاهرة مستقبلاً، في ضرورة التنقل بين مرسي والإخوان بأجندتهم الديموقراطية المعلنة والمعادية للغرب في الأساس، وبين المجلس العسكري الذي يبذل قصارى جهده لتعطيل خلق مؤسسات تعطي الانطباع بسيطرة الإخوان المسلمين على مصر، مع الحفاظ على ارتباطاتها الأمريكية والأخرى التي تشكل نافذة كبيرة مفتوحة على إسرائيل.

وحول حقيقة ميزان القوى بين المجلس العسكري والرئيس مرسي، فإن تراجع الأخير عن قراره بدعوة مجلس الأمة إلى الانعقاد، والالتزام بالقرار الذي أصدرته المحكمة الدستورية ببطلان انتخابات المجلس، يشكل نوعاً من الرضوخ للمجلس العسكري المصري المتوافق تماماً مع قرارات المحكمة. هذا الأمر أعطى رصيداً للمؤسسة العسكرية، وأضعفت بعض الشيء من توجه مرسي للإمساك بكل صلاحيات الرئيس وفقاً للدستور المصري السابق (بالطبع)، لأن مصر ستنشغل بإعداد دستور مصري جديد، وهذه المهمة أيضاً ستشكل نوعاً من الصراع الخفي (وربما المعلن) بين المجلس العسكري والرئيس.

ثالث أهداف زيارة كلينتون إلى مصر يتمثل في إبلاغ مرسي والإخوان المسلمين شروط الكونغرس الأمريكي لاستمرار الدعم المالي (مليار ونصف المليار دولار) والعسكري لمصر، والتي من خلالها تطالب أمريكا باستكمال التحول الديموقراطي في مصر. وفي هذا المجال أيضاً أرادت الوزيرة الأمريكية إبلاغ الرئيس بأن الولايات المتحدة ستقف إلى جانب مصر في الحصول على مساعدة البنك الدولي ولكن بالحرص على تنفيذ تعهداته بالمحافظة على حقوق المرأة، والأقليات الدينية، واحترام المعايير الديمقراطية والحفاظ على السلام مع إسرائيل. هذه الشروط حملها ويليام بيرنز مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية في زيارته للقاهرة ومقابلة مرسي يوم الأحد (8 يونيو الحالي).
رابع أهداف زيارة كلينتون للقاهرة يتمثل في الضغط على مصر بعدم فتح معبر رفح بشكل كامل أمام الفلسطينيين في قطاع غزة، وحول هذا الأمر ذكر موقع " قضايا مركزية " الصهيوني، بأن الوزيرة الأمريكية طمأنت الجانب الأسرائيلي حول هذا الموضوع، وذلك في زيارتها الأخيرة للكيان.

جملة القول: إن مصر تواجه ملفات داخلية كثيرة خلال هذه المرحلة، من أبرزها: الأمن والأزمة الاقتصادية، وتشكيل الحكومة وإعلان لجنة الدستور، والتي تقتضي حواراً مع كافة ألوان الطيف السياسي المصري وبخاصة الأحزاب القومية والليبرالية والناصرية واليسارية، وحول زيارة كلينتون للقاهرة يمكن القول: إنها حققت معظم الأهداف التي سعت إليها الولايات المتحدة في علاقتها مع مصر.
 

التعليقات