03/11/2012 - 05:50

المجلس التربوي العربي تجسيد لحقنا الجماعي بإدارة تربوية ذاتية/ محمود ميعاري

رغم أن العرب الفلسطينيين في إسرائيل هم سكان البلاد الأصليون، ورغم صدور العديد من إعلانات الأمم المتحدة في العقود الأخيرة التي تُعنى بحقوق الأقليات والشعوب الأصلية، والتي كان آخرها إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية الذي أقرته الجمعية العامة في 13 أيلول/ سبتمبر 2007، فلم تعترف إسرائيل بمواطنيها الفلسطينيين كأقلية قومية أصلية ذات حقوق جماعية، بل عملت على تجزئتهم، واعتبرتهم “طوائف” و “أقليات”، وكثيرا ما أطلقت عليهم في السجلات والإحصائيات الرسمية مصطلح “غير اليهود”.

المجلس التربوي العربي تجسيد لحقنا الجماعي بإدارة تربوية ذاتية/ محمود ميعاري

رغم أن العرب الفلسطينيين في إسرائيل هم سكان البلاد الأصليون، ورغم صدور العديد من إعلانات الأمم المتحدة في العقود الأخيرة التي تُعنى بحقوق الأقليات والشعوب الأصلية، والتي كان آخرها إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية الذي أقرته الجمعية العامة في 13 أيلول/ سبتمبر 2007، فلم تعترف إسرائيل بمواطنيها الفلسطينيين كأقلية قومية أصلية ذات حقوق جماعية، بل عملت على تجزئتهم، واعتبرتهم “طوائف” و “أقليات”، وكثيرا ما أطلقت عليهم في السجلات والإحصائيات الرسمية مصطلح “غير اليهود”.

وكما يوضح رعنان كوهين، وهو عضو كنيست سابق عن حزب العمل وابن المؤسسة الإسرائيلية، في كتابه “غرباء في بيتهم” (זרים בביתם)، فإن سياسة الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تجاه المواطنين العرب، منذ قيام الدولة وحتى اليوم، لم تخرج عن روح السياسة التي وضعها رئيس الحكومة الأول دافيد بن غوريون. إنها سياسة السيطرة والتحكم، وما نتج عنها من تطبيق نظام حكم عسكري جائر عليهم حتى عام 1966 ومنع شراكتهم في حياة الدولة. ولا تزال هذه السياسة، سياسة السيطرة والتحكم، ونضيف أيضا “الإقصاء”، مطبقة على الفلسطينيين في إسرائيل حتى اليوم في كل المجالات، وبخاصة في السياسة والاقتصاد والتعليم.

التعليم كأداة سيطرة
وتنعكس سياسة السيطرة والتحكم والإقصاء بشكل واضح في مجال التعليم. فجهاز التعليم العربي في إسرائيل، كما يرى باحثون ومربون، هو أداة  للسيطرة على الأقلية العربية الفلسطينية والتحكم بها وإقصائها عن عملية صنع القرار. وقد انعكس ذلك في المبنى التنظيمي لجهاز التعليم العربي، وكذلك في الأهداف المُضمرة للتعليم العربي ومضامينه. فالمبنى التنظيمي لهذا الجهاز، „قسم التعليم للعرب” في وزارة التربية والتعليم، يتسم بالمركزية ويخضع بشكل مطلق للحكومة، يديره ويشرف عليه يهود، وكثيرا ما تتدخل الأذرع الأمنية („الشاباك”) في تعيين المعلمين والمدراء والمفتشين وباقي الموظفين في المدارس العربية. أما المواطنون العرب فلا يُشرَكون بشكل فعلي في صُنع القرارات المتعلقة بالتعليم العربي، وإذا عُين عربي في وظيفة إدارية عليا في الوزارة، فغالبا ما يتم تهميش منصبه، ويصبح تعيينه شكليا وخاليا من أي صلاحيات حقيقية ومؤثرة. وبشكل عام يمكن القول إن مشاركة العرب في وزارة المعارف لا تتعدى كتابة أو ترجمة تقارير أو كتب بموجب تعليمات واضحة ومحددة.


طمس الهوية الجماعيةوبالنسبة للأهداف، فإن جهاز التعليم العربي يعمل على طمس الهوية الجماعية القومية لدى الأقلية العربية الفلسطينية في إسرائيل. وينعكس ذلك في قانون التعليم الرسمي لعام 1953، الذي نص على أن من أهداف التعليم في إسرائيل التربية على قيم الثقافة الإسرائيلية، وحب الوطن والولاء للدولة ولشعب إسرائيل، وعلى وعي „الكارثة والبطولة”. لقد تجاهل هذا القانون وجود العرب الفلسطينيين في إسرائيل ولم يُشِر إليهم ولو بكلمة واحدة.

وعندما عُدِّل هذا القانون عام 2000، جاء التعديل مُتخما بالقيم والمضامين الصهيونية واليهودية، التي يجب غرسها في أذهان جميع الطلاب، يهودا وعربا (تعليم قيم دولة إسرائيل كدولة „يهودية وديمقراطية”، تعليم تاريخ الشعب اليهودي ودولة إسرائيل، تعليم التوراة والتقاليد اليهودية ...إلخ). ومع أن التعديل قد نص في أحد بنوده (رقم 11)على „التعرف على اللغة والثقافة والتاريخ والتراث والتقاليد الفريدة للسكان العرب ولجماعات سكانية أخرى في دولة إسرائيل، والاعتراف بالحقوق المتساوية لكل سكان إسرائيل”، فمن الواضح أن هذا البند لم يتناول حصرا الفلسطينيين في إسرائيل وإنما „السكان العرب والجماعات السكانية الأخرى”. كذلك، فإن هذا البند يركز على الثقافة والتراث والتقاليد، ولا يشير إلى انتماء هؤلاء „السكان العرب” إلى الشعب الفلسطيني والأمة العربية. وبكلمات أخرى، لم يعترف تعديل قانون التعليم الرسمي لعام 2000 بالفلسطينيين في إسرائيل أقلية قومية أصلية في هذه البلاد، ما يعني أن طمس (أو إضعاف) الهوية العربية الفلسطينية لا يزال يشكل العمود الفقري للسياسة التربوية الإسرائيلية تجاه التعليم العربي.

أهداف التعليم العربي
وكردّ إستراتيجي على سياسة السيطرة والتحكم والإقصاء التي تمارسها المؤسسة الإسرائيلية تجاه التعليم العربي، بادرت لجنة متابعة قضايا التعليم العربي عام 2010 بتأسيس المجلس التربوي العربي كإطار مهني يجسد الحق الجماعي للمجتمع العربي الفلسطيني في إسرائيل بإدارة ذاتية لشؤونه التربوية والثقافية وكخطوة باتجاه تحصيل الاعتراف بالتعليم العربي كتعليم ذي خاصية قومية وثقافية جماعية. وبعد عدة اجتماعات ولقاءات، توصل المجلس التربوي العربي إلى صياغة وثيقة توضح أهداف التربية والتعليم للفلسطينيين في إسرائيل، كما يطمح إليها المجلس، وهي كالآتي (أنظر وثيقة أهداف التعليم العربي على موقع:
   http://arab-education.org)
تأصيل الانتماء لهُويّة وطنيّة عربية - فلسطينية، معتزّة بمنجزها الحضاريّ، ومتواصلة بفاعليّة مع عمقها العربيّ والإسلاميّ والإنساني. تتأسس هذه الهويّة على تعزيز اللّحمة بين أبناء  الشعب الفلسطيني الواحد على قاعدة التعددية والتنوع، تعزيز الذاكرة الجمعيّة والرواية التاريخيّة الفلسطينيّة، التأكيد على الحقوق التاريخية والسياسية للشعب الفلسطينيّ، واحترام التعدديّة الثقافيّة والدينيّة والمجتمعيّة الداخليّة للمجتمع الفلسطينيّ. 

توفير بيئة تربويّة - تعليمية آمنة وممتعةٍ من شأنها مساعدة الفرد على تنمية واستكشاف قدراته واهتماماته وميوله ومهاراته، وذلك بغية تهيئة إنسان حر ومثقف ومبدع وناقد ومنتج ومتفاعل، مع مجتمعه وبيئته وواقعه.

تعزيز القيم الأخلاقيّة - الإنسانيّة والمدنيّة - التقدمية، وتنمية الوعي بالحقوق  والمسؤوليّات الفرديّة والجماعيّة، نحو حياة مجتمعية تسودها مبادئ الحريّة والعدل والتعددية والعطاء  والمبادرة والمساءلة.

تهيئة الفرد لمواكبة التطورات المعلوماتيّة والمعرفيّة ونُظُمها المركّبة وتقنيّاتها المتقدمّة، وللمنافسة على فرص التعلّم والعمل فى واقع مُعولَم وفي سياقات وأطر متعددة الثقافات والتخصّصات.

دفع الحراك الاجتماعي والاقتصادي للمتعلمين، من أجل رقيّهم وحسن حالهم. يتضمن ذلك انخراطهم في مجتمعهم بشكل مؤثر وخيّر ومثمر، والتحاقهم بسوق العمل بما يتلاءم مع تطلعاتهم بمهنية وتميز واستقامة.

تيسير عمليّة الإلتحاق بمؤسسات التعليم العالي على انواعها والتهيئة للتكيّف الاجتماعي الناجح، والتفوّق الدراسيّ ضمنها.

تعزيز مكانة اللغة العربية قراءة وكتابة وحديثًا، على مستوياتها المختلفة، من أجل التعبير بها كلغة هويّة وانتماء وتواصل، وكوسيلة للإبداع الثقافيّ والبحث العلميّ،  وذلك  من خلال توفير بيئة لغويّة غنيّة وداعمة.

تطوير المعرفة بالبيئة المحليّة، من أجل تنمية مجتمع قادر على مواجهة  قضايا العدل الاجتماعي. يتضمن ذلك تنمية التواصل مع الطبيعة والأرض بمكوناتهما الماديّة ودلالاتهما الرمزيّة من خلال تربية للاستدامة تحفظ للأجيال الحالية والقادمة حقوقها في الموارد الطبيعية والمجتمعية، وفي ما تراكم من خبرات ومعارف أصيلة.

تعزيز الحوار مع الآخر اليهودي ـ الإسرائيلي بحثا عن أفق للعيش المشترك في  وطن واحد دون هيمنة وسيطرة لأي جانب. والتربية للتطلع للحياة بأمان وتعاون ومساواة، وذلك من خلال السعي إلى بناء مجتمع  يعكس الاحترام المتبادل بين  الشعبين الفلسطيني واليهودي، وصولا  لمواطنة  كريمة جامعة ومتساوية.

التعرّف على تاريخ وموروث وثقافات الشعوب الأخرى والديانات المختلفة، والانكشاف على إسهاماتها وإنجازاتها العلمية والثقافية والروحية والفنية الجمالية، والتأكيد على ضرورة استثمارها للمصالح الإنسانية العامة.

وأخيرا، يدرك المجلس التربوي العربي أن هذه الأهداف التي صاغها للتعليم العربي لا تنسجم والسياسة التربوية الإسرائيلية، وأن المؤسسة الإسرائيلية، ممثلة بوزارة التربية والتعليم، لن تتجاوب مع هذه المطالب ما لم تمارس القيادات السياسية العربية، ممثلة بلجنة المتابعة العليا للجماهير العربية واللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية ولجنة متابعة قضايا التعليم العربي وأعضاء الكنيست العرب والأحزاب والحركات السياسية المختلفة والجماهير العربية ككل ضغوطا كبيرة عليها. فقط من خلال نضال القيادات والجماهير العربية يمكن تحقيق مثل هذه الأهداف.
 

التعليقات