02/01/2013 - 13:22

طبول الحرب القادمة../ سامي مهنا

اعتقدنا أنّ هنالك حدودا للتطرف اليميني، إنّما في كل مرّة نراهن فيها على الشخصية الأكثر تطرفًا في الخريطة الإسرائيلية نخسر الرهان

طبول الحرب القادمة../ سامي مهنا

كلّنا نشهد الساحة السياسية الإسرائيلية التي تنعطف باتجاهٍ واحدٍ فقط، من الجائز أنّنا اعتقدنا أنّ هنالك حدودا للتطرف اليميني الإسرائيلي، إنّما في كل مرّة ومنذ سنوات عدّة، نراهن فيها على الشخصية الأكثر تطرفًا في الخريطة الإسرائيلية، نخسر الرهان.

ومن الشخصيات المتطرفة التي برزت بعد نتنياهو، وزير الخارجية اليميني الذي لا يزال يتكلم العبرية دون اتقان، أفيغدور ليبرمان، وشهدنا بعض أعضاء حزبه الذين تجاوزوه في سباق التطرف، ورأينا أنه أقال من حزبه مهرّجي التطرف أمثال نائب وزير الخارجية داني أيالون، وأنستاتسيا ميخائيلي، ليراهن هذه المرة على المتطرفين الجادين  أمثال يئير شمير نجل رئيس حكومة اسرائيل السابق يتسحاق شامير على سبيل المثال، وهو سيثبت بالطبع أنه أكثر صرامة وتشددًا وأصولية من أبيه الذي اشتهر بالتصلّب الأعمى.

والآن نجد في الخريطة وعلى يمين يمين نتنياهو- ليبرمان، نفتالي بينيت، الذي يترأس الآن الحزب اليميني الديني المتعصّب "البيت اليهودي" إلى حدود لم يصلها أي من نتنياهو أو ليبرمان ومن لف لفيفهم.

لقد شاهدت بتمعن اللقاءات القليلة التي أجريت مع وعن هذا الشاب الذي لم يبلغ حتى الآن عامه الـ41، والذي تتوقع له الاستطلاعات الأخيرة ما يقارب ال 15 مقعدًا، هذه القوة المفاجئة إلى حدٍ ما، لوجه جديد نسبيًا على الساحة السياسية، رغم أنه شغل مناصب سياسية، ومنذ عام 2007، وبعد أن انهى خدمته العسكرية كضابط في وحدة مقاتلة، وبعد نجاح اقتصادي كبير في عالم الهايتك، فقد ترأس الحملة الانتخابية لبنيامين نتنياهو، والذي اختلف معه في العام الماضي عندما وقف بينيت على رأس الحملة ضد تجميد المستوطنات في الضفة الغربية، وذلك بعد أن عُيِّن مديرًا عامًا لما يسمى "مجلس يهودا والسامرة". وقد أقام مع الناشطة اليمينية المتطرفة أييلت شاكيد حركة "يسرائيل شيلي" أي "إسرائيل خاصتي"، وقد فاز في الانتخابات الأخيرة في الحزب اليميني المتطرف البيت اليهودي بأغلبية كبيرة.

ومن آرائه الرئيسية التي ينشرها، ضمّ المنطقة المحتلة التي تسمى المنطقة C ، والتي تحوي 60% من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، وهي المنطقة التي تضم معظم المستوطنات، إلى إسرائيل، وإعطاء الفلسطينيين فيها والبالغ عددهم بحسب تقديراته هو، 50000 فلسطيني، الجنسية الإسرائيلية، إذا رغبوا بذلك، والمناطق المسماه A  و B، تبقى في وضعية حكم ذاتي فلسطيني دائم، إنما تحت غطاء أمني إسرائيلي، وهو يرفض حق العودة ليس فقط إلى فلسطين التاريخية كأمر مفروغ منه بالنسبة للأغلبية الساحقة إن لم يكن عند كل الأحزاب الصهيونية، وإنما هو يرفض حق العودة حتى لمناطق A  و B  داخل الأراضي المحتلة عام 1967، وهو يرفض كيانًا مشتركًا بين غزة والضفة الغربية ويقترح ضم قطاع غزة إلى مصر، وقد دعا بمقابلة تلفزيونية إلى رفض الأوامر العسكرية التي تقضي بإخلاء المستوطنين اليهود من بيوتهم.

ومن تصريحات بينيت يمكننا أن نرى بوضوح طموحه للانضمام إلى حكومة نتنياهو القادمة، كقوة يمينية جاذبة نحو تطرف لم يشهده تاريخ إسرائيل.

وبحسب الاستطلاعات فإن نسبة كبيرة من الذين سيصوتون لحزب البيت اليهودي برئاسة نفتالي بينيت في الانتخابات القريبة هم جيل الشباب الذين سيصوتون لأول مرّة، مما يشير إلى الاتجاه الذي تسير نحوه الأجيال الجديدة في الشارع الإسرائيلي.

والجدير بالذكر أن هذا الجيل وهو جيل التجنيد لجيش الاحتلال الإسرائيلي، والذي تنسجم آراؤه مع آراء هذا اليميني الفاشي، هو مؤشر يحتاج إلى التأمل، فمنذ أن أعلن بينيت في لقائه مع الصحافي نسيم ميشعل بأنه مع فكرة رفض الأوامر العسكرية بإخلاء المستوطنين اليهود من منازلهم، في حالة تفكيك مستوطنات، ارتفعت قوته في الاستطلاعات عدة مقاعد، وبالذات عند الجيل الشاب.

والسؤال، هل هذا مؤشر لبذرة تمرد يميني متطرف إلى حد غير مسبوق ستشهده إسرائيل، في السنوات القادمة؟

نحن نرى أن هذه الفئة التي باتت بين ليلة وضحاها قوةً سياسية متنامية، تزاود على أقصى خط يميني رسمه اليمين الحاكم بدمج حزبي الليكود ويسرائيل بيتينو بقيادة اليميني العنصري ليبرمان، والذي اعتقد من خلاله المخططون لهذا الدمج، أن الأفق اليميني وصل إلى أقصى مجالاته في الخريطة الإسرائيلية، منذ بدأ السباق الجنوني الجانح نحو التطرف اليميني، وفي حالة سياسية انعدم فيها ما كان يطلق على نفسه "اليسار" الإسرائيلي، حتى باتت كلمة يسار شتيمة في القاموس السياسي والشعبي الإسرائيلي، وكلمة موبوءة تبتعد عنها جميع الأحزاب الصهيونية، التي باتت تكتفي بتسمية حزب مركز، بدل اليسار والليبرالية وغيرها من المصطلحات التي كانت متداولة من قبل، في قاموس بعض الأحزاب، ولو بمفهوم منتقص. وبات الاختلاف بين الأحزاب الصهيونية يتلاشى شيئًا فشيئًا، مع المد اليميني الأصولي المتطرف، إلى درجة تذكرنا بصعود الفاشية قبل الحرب العالمية الثانية في أوروبا.

إلى أين تسير إسرائيل؟
الجواب واضح.
والسؤال الآخر إلى أين سيصل التطرف في إسرائيل؟
يبدو أنه تنتظرنا مفاجآت كثيرة مستقبلية، كون أفق التطرف الإسرائيلي أبعد مما تراه العيون والتوقعات.

على العالم الحر أن ينتبه للتاريخ الذي يعيد نفسه، ويلجم الفاشية المتصاعدة، والمتوجه نحو كارثة جديدة، يشير إليها  إيقاع طبول حربٍ مدمرة قادمة بات مسموعًا لمن يصغي ويرى.
 

التعليقات