17/10/2015 - 10:41

إرادة فلسطينية بلا إدارة سياسية../ ظافر الخطيب

بين جعجعة الخطابات، البيانات، التصريحات المستغِلة للحالة الشعبية، وبين الحالة الشعبية افتراق كبير طالما أن الرؤية السياسية ما زالت غائبة

إرادة فلسطينية بلا إدارة سياسية../ ظافر الخطيب

صار لزاماً علينا أن نستخدم مصطلحات جديدة توثق مرحلة جديدة بصرف النظر عن مآل هبة شباب ما بعد أوسلو، فحقيقة الأمر أن هناك شيئا جديدا عنوانه ما قبل الهبة وما بعدها، ليس مقبولاً أن يصار إلى القفز عن حقيقة هذا التدافع الكبير للإرادات الفردية أو مجموع إرادات أفراد لم تعد تقتنع بمسارات سياسية مختلفة، منقسمة، متناقضة، متخلفة، رتيبة، مهزومة أو مرهونة. وعلى الساسة أن يعترفوا هذه المرة أن الشارع قد سبقهم والجلوس أمام كرسي الاعتراف ضروري، لأنه يشكل مقدمة للتصالح مع فكرة المصالح العليا.

المحطة النوعية الجديدة تفتح شباك الفرص على مصراعيه، أول الفرص استعادة فلسطين إلى السياسة الفلسطينية من ثم العربية، وإذا كانت الثانية (العربية ) مستعصية حالياً أمام مشهد سورية والعراق.. إلخ، فإن الأولى ممكنة، استعادة فلسطين إلى السياسة الفلسطينية من خلال إعادة الاعتبار للبوصلة الأساسية، الصراع مع النقيض الفعلي والوجودي للشعب الفلسطيني، وهو ما يرسم معالمه هؤلاء الشباب الذي ينقضون بالسكين على أصل الصراع، هذا المهاجر الصهيوني، هذا المستعمر، هذا المحتل، هم بذلك إنما يمارسون فعل الانقضاض الهجومي على التخلي العربي والعالمي عن الشعب الفلسطيني، وعلى اليأس والإحباط الناتج عن مأزق سياسة اللاخيارات على المستوى الرسمي.

هناك مقولتان في حالة تناقض حاد، بين الانقسام والشرذمة والاتجاه الفصائلي الضيق والمتجه نحو الذات والانحدار المنغلق على العصبيات وانعدام المشترك، والمقولة الشبابية التي ترى أن الشعب موحد في معاناته، في وحدة معركته و أحادية بوصلته، التي تشتبك على مدار ساعة مع قطعان الاحتلال، فمن هو أصدق بالتعبير، لمسار الانقسامي المستمر على مدار سنوات أم المواجهة مع الاحتلال، وعليه فإن الفرصة المتاحة هي في استعادة الانسجام بين المستوى السياسي والمستوى الشعبي، ولا ضير في أن تمثل هذه المحطة فرصة لاستعادة الشرعية النضالية من بوابة أن الشعب هو مصدر كل السلطات.

بين جعجعة الخطابات، البيانات، التصريحات المستغِلة للحالة الشعبية، وبين الحالة الشعبية افتراق كبير طالما أن الرؤية السياسية ما زالت غائبة، أي أن الشباب الفلسطيني يتحرك وهو مكشوف الغطاء، وهذا يطرح مخاطر الاستنزاف وهدر مجمل التضحيات التي بذلت. أن يترك الشباب الفلسطيني بمواجهة العدو أمر غاية في النذالة، فما الذي يمنع الأطر السياسية من التحرك نحو الخروج من حالة الانقسام، وهل صحيح أن الأمور خرجت عن مجال السيطرة كما تحدثت صحيفة الأوبزرفر؟ و في حالة كان ذلك صحيحاً ومؤكداً هل نكون أمام قيادة ميدانية شبابية تفرض رؤيتها ومنطقها وتحدد إستراتيجيتها في استدامة الاشتباك مع العدو في عملية نضالية لا تتراجع إلا مع تحقيق أهداف شعبنا كاملة غير منقوصة؟

منذ أوسلو وحتى لحظة ما قبل الهبّة الشبابية، كنا أمام حالة غير متوازنة، إرادة حيوية تشتبك مع الاحتلال لكنها بلا إدارة فاعلة أو إدارة بلا إرادة، والإرادة المقصودة هنا هي التحرك من منطلق المصالح الفلسطينية وبهدف تحقيق المصالح الوطنية الفلسطينية كما يريدها الشعب الفلسطيني في الوطن وفي الشتات. شباك الفرص الفلسطينية رغم أنف أزمة النظام السياسي العالمي فتح على مصراعيه، فتح بقوة العنفوان الفلسطيني، فرضها شباب ما بعد أوسلو. ميزة هؤلاء الشباب أنهم يضربون بعرض الحائط كل الاعتبارات الإسرائيلية والإقليمية والدولية، وأن إراداتهم فاعلة وحرة بأدواتها البسيطة وغير المكلفة.. ميزة هؤلاء أنهم يعيدون تصحيح التاريخ بإعادته إلى التقويم الفلسطيني. فهل نكون أمام إدارة سياسة فاعلة تقود الإرادة الشعبية الفلسطينية؟

التعليقات