07/11/2016 - 10:05

على خط النهاية: ترامب يستغيث بـ"حزب الكنبة"

بالرغم من عدم توفر الأدوات لاستطلاع مؤيدي ترامب أو حالة "حزب الكنبة"، إلا أن بعض المحادثات مع الناس في الشارع من الممكن أن تشكل نافذة للاطلاع على ما يجول في بال المصوتين.

على خط النهاية: ترامب يستغيث بـ"حزب الكنبة"

'نساء من أجل ترامب'، 'سود من أجل ترامب'، 'لاتينيون من أجل ترامب'، شعارات مفتعلة أطلقتها إدارة حملة المرشح الجمهوري لرئاسة الولايات المتحدة، دونالد ترامب، تبدو للوهلة الأولى على أنها استفاقة عكسية لفئات معادية لترامب بشكل طبيعي، إلا أنها في الواقع تشكل عاملا في تحريك الإستراتيجية الجديدة التي أعلن عنها ترامب قبل عدة أيام، عندما أعلن 'حان وقت الأغلبية الصامتة'، إذ يتوقع ترامب وإدارة حملته أنه ثمة من يؤيدونه خفيةً وينتمون إلى فئتين، البيض الذين يقطنون في المناطق النائية الذين عادة يغيب الإعلام عن تغطيتهم، وفئة أخرى تعبرعن ظاهرة 'المصوت الخجول'، المصوت الذي يؤيد نهج ولغة ترامب، إلا أنه يخجل أن يعترف أو يصرح به علنًا، وبالتالي ينتظر أن يدلي 'بصوته' في الصندوق بينما يختفي أثره في استطلاعات الرأي.

من الصعب جدًا استطلاع حالة الأغلبية الصامتة عبر وسائل علمية، فهم 'حزب الكنبة' كما يقال في مصر، إلا أن الإستراتيجية القائلة بوجود كم هائل من الناس لا تعبر عن صوتها إلا يوم الانتخابات ممكن أن تخلق واقع يحرك الناس للذهاب لصناديق الاقتراع، وهذا ما تقوم به حملة ترامب ببراعة برأيي، بعدة طرق. أولا، ترديد العبارة وترسيخها في الأذهان، الأمر الذي بموجبه تكمن دغدغة مشاعر الصامتين والمهمشين والمنعزلين عن المشهد الاعلامي 'للانضمام' إلى حزب الكنبة، بمعنى التصالح مع هذه الحالة وإيجاد خانة مريحة تحركهم بثبات إلى صناديق الاقتراع. وثانيًا، عبر استفزاز هؤلاء الصامتين (الذين ينتمون إلى الأميركيين البيض بحسب ترامب) للخروج عن صمتهم، عبر خلق حالة مفتعله من الالتفاف حول مرشحهم من جميع الفئات، حتى تلك المعادية، ما يسهل عملية القرار والتحرك للتصويت. ولا استعمل مصطلحات 'التحرك' والذهاب إلى صناديق الاقتراع من باب الوصف فقط، بل للإشارة إلى المخرج الأخير وزبذة الحملات التي يحتاجها كل مرشح، وهي إخراج الناس للتصويت.

في الولايات المتحدة كما في كل مكان، مربط الفرس أولا وأخيرا هو من يملك المنظومة والتنظيم والأدوات والإمكانيات لجعل الناس تخرج فعلا لتقترع، وإذا ما نظرنا إلى الأمر من وجهة نظر المهنيين والخبراء في عملية التصويت، فيبدو أن وضع كلينتون أفضل من وضع ترامب في هذا الشأن. وفي حديث جانبي على هامش اجتماع مع الناطق باسم المفوضية الفدرالية لمراقبة الانتخابات، قال إن الحزب الديمقراطي يملك تنظيمًا جيدًا كما الحزب الجمهوري، إلا أن الغربة والعداء بين حملة ترامب وبين مؤسسة الحزب الجمهوري من الممكن أن تعيق عملية التنظيم هذه وبالتالي لكلينتون تفوق بهذا المجال. وردا على سؤالي إذا ما كان ترامب يملك منظومة منفصلة عن الحزب ليوم الانتخابات كونه صاحب شركات عقارات وفنادق يعمل بها عشرات آلاف العمال، اكتفى... بالابتسامة.

كلينتون خلال جمهرة انتخابيّة (أ ف ب)
كلينتون خلال جمهرة انتخابيّة (أ ف ب)

حملة كلنتون تركز في أيام السباق الاخيرة على الأقليات، ويظهر ذلك جليًا في تحليل المواقع التي تزورها لتعقد المهرجانات الانتخابية، والمواقع التي ترسل إليها مرشحها لمنصب نائب الرئيس، توم كين، الذي يتحدث اللغة الإسبانية والذي ألقى خطابًا اعتبره المراقبون تاريخيًا كونه ولأول مرة يتحدث مرشح لهذا المنصب باللغة الإسبانية خلال خطاب رسمي. وقد حضرت كلينتون مرتين خلال أسبوع إلى مشيغين حيث أكبر التجمعات للعرب والمسلمين والأقليات الأخرى، للتأكد من سير عملية حث الناس للخروج للتصويت.

إن تجند الرئيس باراك أوباما بشخصه لكي يتحدث في المؤتمرات والاجتماعات الانتخابية (في يوم واحد يزور ثلاثة ولايات) موجهة في هذه الاثناء على جبهتين؛ تحريك الناخبين للإدلاء بأصواتهم والمشاركة في العملية السياسية ولجمهور المصوتين السود. ففي مقابلة عبر الأثير بعث برسالة مبطنة مفادها أنه، بعد هذه الانتخابات لن يكون هو (الرئيس الأسود) ولن تكون ميشيل زوجته السيدة الأولى (المتجندة هي أيضًا للحملة)، وإذا لم تفز هيلاري، لن نستطيع ( نحن السود) أن نكمل بما بدأنا به.

ليس أوباما وحده من يخاطب 'الجمهور الأسود'، فقد وصل الجد بحملة كلنتون بتجنيد لاعبي كرة سلة والفنانين بيونسي وجي.زي. (السود بطبيعة الحال) لمهرجان أقامته كلنتون، مما استدعى ترامب للسخرية من حملتها مدعيًا أنها لا تنجح بحشد الناس لاجتماعاتها ولذلك تلجئ للعروض الفنية، أو كما قال: 'أنا هنا لوحدي ولا أحتاج لغيتار'.

ترامب يستثير 'حزب الكنبة' (أ ف ب)
ترامب يستثير 'حزب الكنبة' (أ ف ب)

تبدو حظوظ كلنتون بالفوز أوفر حاليًا  ومعنوياتها عالية بعد 'العفو' الذي الذي أعلنته FBI أمس، وواضح أن الجماهير العريضة تظهر دعمًا لها وامتعاضًا من ترامب، كما أن تعويلها على الأقليات يبدو رابحًا، ليبقى السؤال، هل ستتحرك 'الأغلبية الصامتة' التي يتحدث عنها ترامب يوم الانتخابات؟!

بالرغم من عدم توفر الأدوات لاستطلاع مؤيدي ترامب أو حالة 'حزب الكنبة'، إلا أن بعض المحادثات مع الناس في الشارع من الممكن أن تشكل نافذة للاطلاع على ما يجول في بال المصوتين.

مارك، سائق حافلة الفورد الذي ينقلنا بين الاجتماعات واللقاءات في مدينتي ديترويت وديربون في ولاية مشيغين، لم ينبس ببنت شفة على مدار خمسة أيام، وعندما وصلنا مساء السبت إلى المهرجان الانتخابي للحزب الديمقراطي الذي تقيمه الجالية البنغلادشية المسلمة، قال مارك عندما شاهد الحضور في المدخل: 'أعلم جيدًا لماذا سأصوت لترامب، لأنه سيهتم بالأميركيين أولا'.


>> اقرأ/ي أيضًا:

الحمار الديمقراطي والفيل الجمهوري... كيف بدأت القصة

> دفعة أمل: FBI لن يلاحق كلينتون قضائيًا

> كلينتون وترامب يزوران 16 ولاية قبل يومين من الانتخابات

> كيف تؤثر جماعات الضغط على الانتخابات الأميركية؟

> نتنياهو يستبق نتائج الانتخابات الأميركية ويحدد شروطا

التعليقات