
السيدة ريم شلبي محاضرة, مرشدة أسرية وموجهة مجموعات أهل
الحرب هي ليست مجرد حالة من الصراع الخارجي بين الدول أو نزاعات ممكن حلها كأي مواجهة صراع سلمي وتدار في غرف واجتماعات مغلقة، بل هي حروب مدمرة وشاملة أصبحت تستعمل فيها الأسلحة الفتاكة القاتلة بين المتنازعين، وفي نفس الوقت تتحول إلى حالة صعبة وقاسية ومرعبة يعيشها الناس والأفراد والعائلة، وتصبح صراعا داخليا يعيش فيه كل فرد منا، كآباء وأمهات، نجد أنفسنا محاولين للبقاء هادئين أمام أولادنا لنمنع عنهم ما أمكن الخوف والقلق والأذى، بينما نحن نعيش حالة من عدم الطمأنينة، الخوف، التوتر والمستقبل المجهول.
من المهم أن نكون متواجدون في هذه المرحلة الصعبة ومنتبهون لأطفالنا وأن نساعدهم على التكيف بهذا الجو المتوتر والوضع الحالي، فكل المشاعر والأحاسيس السلبية هي طبيعية، لنا ولأولادنا.
وبالرغم من كل ما نمر به حين تكون الحرب غير محددة بمدة زمنية أو واضحة أبعادها ومخلفاتها، والتي يمكن أن تطول مدتها، ربما، لذلك من المهم أن نحاول العيش والاستمرار بشكل فاعل وحركة ونجدد نشاطنا ولا نستسلم لهذا الخوف والقلق والإحساس العارم بالضياع بالرغم من كل شيء، من أجلنا ومن أجل أولادنا، وبشكل طبيعي في زمن غير طبيعي.
واجبنا كأهل يحتم علينا وعلى دورنا المقدس تجاههم، بالقيام بالعديد من الواجبات التي يجب فعلها بدون أن ندخل أو ندع الضغط النفسي يؤثر، لحد ما، على ما نشاهده من مشاهد للويلات الحربية.
فهم الذات والاستجابة للمشاعر
من الطبيعي أن نبدد مخاوفنا، تذكروا أن ردود أفعالكم كأهل طبيعية تجاه وضع غير طبيعي، حاولوا مراقبة أنفسكم دائما والسؤال المستمر:
- هل تفقدون أعصابكم أسرع من المعتاد؟
- كيف تعبرون عن مخاوفكم؟
- كيف يمكن مراعاة أطفالنا الذين يراقبوننا، ويعرفون أننا في مأزق ويشعرون بمخاوفنا والحالات التي نمر بها؟
إعطاء مساحة للتعبير عن المشاعر
أطفالنا قد يفتقرون القدرة على التعبير اللفظي عن مشاعرهم، قد يظهر ذلك من خلال تصرفات مثل الصعوبة في النوم، التبول اللا إرادي أو الرغبة المفرطة في الاهتمام بهم، هذه التصرفات هي تعبيرهم عن القلق والخوف والإحباط الهائل الذي يشعرون به نتيجة تغيير روتين الحياة، عصبية وخوف الأهل، أو الدراسة والتعلم عن بُعد، الاشتياق للأصدقاء، للأقارب، الخوف والفزع من صوت صفارات الإنذار أو الانفجارات المتكررة.
- ممكن ان يعبر أولادنا عن الصعوبات النفسية بهذه الأساليب:
مشاكل بالصباح أو قبل النوم، رفض متكرر بالذهاب إلى الروضة أو المدرسة إذا وجدت حالات دوام مدرسي، تعلق زائد بالأهل وطلب مفرط بالاهتمام إما عن طريق كثرة الأسئلة أو كثرة الطلبات.
ممكن تعبيرهم أن يكون عن طريق شكوى من آلام بالبطن أو وجع رأس، وضع الإبهام بالفم، بكاء بدون سبب، تعلق زائد بالشاشات، العودة للنوم بفراش الأهل، ممكن أن نشهد نوبات غضب، تصرفات عنيفة وانهيارات عاطفية، زيادة عن العادة، كل هذه التصرفات هي تصرفات طبيعية لواقع غير طبيعي.
- ليست هذه الفترة المناسبة لتنفيذ أجندتكم التربوية، مهما كانت رفيعة المستوى ومدروسة.
استبدال التصرفات السلبية بتفريغ إيجابي
- بدل من محاولة السيطرة على التصرفات السلبية، حاولوا فهم مصدرها وقدموا أنشطة بديلة مثل اللعب، الرسم، الرقص، اللعب معا ،القفز أو أي أسلوب ممكن لتفريغ عاطفي إيجابي، ثقوا بأنكم ستجدون الطريقة الأنسب لأطفالكم ولكم لأنكم أكثر الأشخاص معرفة بهم، وهذا سيعزز الإحساس بالأمان والقدرة على التعبير بأغلب الحالات، فقدرة الأطفال للتعبير العاطفي محدودة، ولكن ممكن أن يعبروا بشتى الوسائل الأخرى وكنا إلى جانبهم وشاركناهم ذلك.
مثال:
إمسكوا ورقة وأخبروهن برغبتك بالرسم مع السؤال : ماذا شعرتم وقت سماع صافرات الإنذار ؟ ارسموا مع بعض ما بداخلكم وداخلهم؟
السؤال: ما هو لون خوفك؟ حجمه؟ لون واحد أو أكثر؟ ما اسمه؟ أي اسم ممكن نعطيه؟
الحوار المفتوح:
- إذا طرح أطفالكم سؤالاً معينا، بادروا السؤال عما يعرفونه أولاً، واستخدموا إجاباتهم كأساس للحوار بعد ذلك، هذا يساعدكم في توجيه الحديث بطريقة تتناسب مع مستوى أطفالكم الفكري .
التعامل مع صفارات الإنذار والأصوات المرعبة
- من المفضل أن نشرح لهم بشكل مباشر أن صافرات الإنذار وُجدت لتحذرنا وتحمينا، وأن الشعور بالخوف طبيعي، وأن هذا الخوف يساعدنا على البقاء بأمان وأن نلجأ للمكان الآمن، بالرغم من خوفنا منه إلا أن هدفه حمايتنا من أي شيء مرعب آخر.
- من المهم أن لا نخفي عليهم مخاوفنا كأهل، مع الحذر بأن يكون خوفنا تحت السيطرة وغير مبالغ به، أمام الأطفال لكي يشعروا بالأمان، فالخوف إحساس مشروع والاعتراف به يساعد الأولاد تذويته واستيعابه بشكل دون الدخول للهلع،
تعزيز الروتين اليومي:
الروتين اليومي يساعد الأطفال الشعور بالاستقرار، لذا حاولوا الحفاظ على الأنشطة اليومية المعتادة قدر الإمكان.
من المهم عدم التعرض طيلة النهار للشاشات وعن مشاهد الحرب والمجازر، القتل، الدم وإدخال العنف الدامي إلى البيوت والأطفال.
تحرير: سوسن غطاس موقع والدية برعاية موقع عرب 48