عشية حلول الذكرى الرابعة عشرة لانتفاضة القدس والأقصى، تلك الهبة الشعبية وما رافقها من مواجهات واعتداءات من قبل الشرطة الإسرائيلية على جماهيرنا الفلسطينية، واستشهاد  ثلاثة عشر شابا في المواجهات مع الشرطة وقوات الأمن في مختلف المدن والقرى العربية في الداخل، أجرى 'عرب 48' لقاءات مع أهالي شهداء مدينة الناصرة، وهم عائلة الشهيد وسام يزبك وعائلة الشهيد عمر عكاوي وعائلة الشهيد إياد لوابني، لقاءات مؤثرة تتناول أحداث ذلك اليوم الذي استشهد فيه كل واحد من أبنائهم الشهداء البررة.
 
في هذا اللقاء، تتحدث الحاجة أم إبراهيم عكاوي، والدة الشهيد عمر عكاوي، بحسرة وألم، وتستهل حديثها قائلة: 'قبل أربعة عشر عاماً، أذكر أنني أيقظته من النوم، وحينها بدأ يتحضير الشاي ليشربه، ثم غادر البيت إلى مكان عمله حيث كان يعمل في مخبز قريب، لم نكن نتوقع أن يذهب للمشاركة في المظاهرة بالمدينة. تأخر الوقت فسألت أخته إن كان قد رجع للبيت، قالت لي لا لم يعد حتى الآن، ظننت في البداية أنه مع صديقه الذي يقضي معظم الوقت معه أو في المخبز، وبعض مرور لحظات تلقينا إتصالا من زوجة ابني الكبير والتي بدورها سألت عن ابني عمر، وقلنا لها أنه ليس في البيت، كانت خلال اتصالها تحاول أن تفحص إن كان عمر قد استشهد أم لا، كانت تعلم بشيء ما، ولكنها حاولت أن تتأكد منا إن كان الخبر صحيحا أم لا”.
 
وتتابع أم إبراهيم حديثها وكأن ما حدث كان بالأمس القريب: لم نشك بأي شيء، ولكن عند ما يقارب الساعة العاشرة مساء قدم أخوتي إلى البيت لكي يستفسروا إن كان عمر قد أصيب، ولكننا قلنا لهم أنه من الممكن أن يكون مع صديقه. ذهبت أخته لتفحص إن كان برفقة صديقه، ولكنه لم يكن معه، ساورتنا شكوك وبدأ القلق ينتابنا، هرعت أخته مسرعة إلى مستشفى الناصرة الإنجليزي فقالوا لها أنه ليس هنا وتم نقله إلى المستشفى النمساوي، ولكن حين قررت أن تذهب قال لها أحد شباب الحارة بأن عمر قد استشهد. 
 
وتتابع أم إبراهيم حديثها وقد بدا التأثر يزداد وكأنها تعيش هذه اللحظات: رجعت اخته إلى البيت ووجدته يغص بالأهالي. أنا كنت أقف أمام البيت ومن ثم سمعت إحدى الجارات تصرخ بأعلى صوتها 'الله أكبر الله أكبر'، حضرت وهي تركض نحوي وضمتني إلى صدرها وبدأت تبكي، عندها أيقنت صحة خبر استشهاد أبني عمر.
 
كان يحب أن يقدم الخدمة للجميع دون مقابل
 
وتابعت والدة الشهيد عكاوي، وهي تذرف الدموع على وجنتيها متحدثة عن حياة عمر: “ابني كان محبوبا جدا في الحي والناصرة وبين أصدقائه، كان يحب أن يقدم الخدمة للجميع دون مقابل، كان يعمل بالمخبز في الحي هنا، وكل أهالي الحي أحبوه وكنوا له الاحترام. عمر الله يرحمه، ما زال الجرح ينزف، وبعد مرور 14 عاما لا زلت أتذكره وتزيد لوعة إشتياقي له أكثر فأكثر. لا أستطيع عدم زيارته يوما واحدا، في عيد ميلاده وفي يوم الأم وفي زيارات أيام الخميس، عمر يا فلذة كبدي أحبك وأتمنى لو أنني أستطيع إحتضانك ولو لمرة واحدة يا حبيي ومهجة قلبي'.
 
الحاجة أم ابراهيم لا تؤمن بالقضاء الإسرائيلي، وتنتقده بشدة قائلة: 'لم تأخذ العدالة مجراها، وما زال الجناة يتحركون بحرية مطلقة دون محاسبة. سوف أبقى أناضل في هذه القضية حتى إنتزاع حق ابني، وإن لم أحصل عليه فإن الله تعالى سيأخذ حقنا في الآخرة'.