لا تزال الجهود المبذولة للتخفيف من آثار التغيّرات المناخيّة في جميع أنحاء العالم، تدفع الدول إلى تبنّي سياسات مختلفة ومتباينة تجاه الصناعة والتجارة، ممّا ينذر عن صدامات جديدة وحروب اقتصاديّة، يمكنها أن تجهد التحالفات الدوليّة ونظام التجارة العالميّ، في ظلّ توقّع عدد من الاقتصاديّين ببدء الحروب التجاريّة العابرة للحدود.

وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركيّة في تقرير لها، إنّه في الأشهر الأخيرة، اقترحت الولايات المتّحدة وأوروبا على إدخال سياسات الإعانات التي تهدف إلى تسريع العمل بالطاقة الخضراء، في ظلّ دعم مؤيّدي هذه الإجراءات، على أساس توسيع مصادر الطاقة النظيفة، ومعاقبة أكبر باعثي الغاز المتسبّب بالاحتباس الحراريّ، فيما قال معارضون لهذه الخطوة، إنّ هذه السياسات تضع الدول في وضع غير متساوٍ، حيث تدعم الحكومات صناعاتها الخاصّة، أو تفرض رسومًا جمركيّة جديدة على المنتجات الأجنبيّة.

وقال مدير السياسة الصناعيّة والتجارة في معهد روزفلت، تود تاكر، "مهمة بهذا الحجم، ستتطلّب مجموعة من الأدوات السياسيّة الجديدة". وقالت الصحيفة، إنّ النظام الحالي للتجارة العالميّة، ينقل عشرات الملايين من حاويات الشحن المليئة بالملابس وقطع الغيار والأرائك وغيرها… لكن الأسعار التي يدفعها المستهلكون مقابل هذه السلع، لا تأخذ في الاعتبار الضرر البيئي الناجم عن المصانع التي تصنعها، أو من السفن التي تنقلها عبر المحيط.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، قدّمت إعانات كبيرة من أجل تشجيع إنتاج الطاقة النظيفة في الولايات المتّحدة الأميركيّة، مثل الإعفاءات الضريبيّة التي أعلنت عنها للمستهلكين الذين يشترون سيّارات نظيفة، أميركيّة الصنع، وفي هذا السياق، تفرض كلّ من الولايات المتّحدة الأميركيّة وأوروبا، ضرائب وتعريفات من أجل تشجيع الطاقة النظيفة في إنتاج السلع.

وبحسب الصحيفة، فإنّ أكبر مصادر الخلاف، كانت الإعفاءات الضريبيّة التي أعطيت لمعدّات وسيّارات الطاقة النظيفة المصنوعة في أميركا، حيث وصف المسؤولون الأوروبيّون هذا القرار بأنّه "قاتل للوظائف"، وأعربوا عن مخاوفهم بشأنه، وردًا على ذلك، بدأ مسؤولو الاتّحاد الأوروبي في وضع الخطوط العريضة لخطّتهم لدعم صناعات الطاقة الخضراء، والتي يقول عنها خبراء، إنّها "ستغرق العالم في حرب دعم مكلفة وغير فعّالة".

وكان الاتّحاد الأوروبيّ قد اتّخذ بعض الخطوات المتعلّقة بسياسات المناخ الحديثة، في كانون أوّل/ ديسمبر الماضي، مثل الاتّفاق لفرض تعريفة كربون جديدة على واردات معيّنة، وتهدف هذه الخطوة إلى التأكّد من أنّ الشركات الأوروبيّة التي تتبّع هذه اللوائح، ستكون في وضع تنافسي غير متساوٍ مع الشركات في بلدان أخرى.

وقالت المستشارة التجاريّة المستقلّة، إيلانا سولمون "علينا التفكير في بعض أساسيّات النظام"، واقترحت الالتزام بما يسمّى "بند السلام المناخيّ"، والذي تلتزم بموجبه الحكومات بالامتناع عن استخدام سياسات يمكن أن بالمناخ.

اقرأ/ي أيضًا | النقد الدولي: الإعانات المناخية في الدول الغنية قد تضر بالدول الناشئة

وكان الأمين العام للأمم المتّحدة، أنطونيو غوتيرش، قد قدّم انتقادات حادّة إلى شركات النفط الكبرى، معتبرًا أنّها "روّجت لأكذوبة كبيرة" بشأن دورها في ظاهرة الاحتباس المناخيّ، وذلك أمام منتدى "دافوس" الاقتصادي العالمي، وتسعى كثير من الشركات إلى العمل باللوائح الجديدة التي تأخذ التغيّرات المناخيّة في عين الاعتبار، في ظلّ تخوّفات من أنّ التكلفة الزائدة في أسعار المنتجات، سوف يتكبّدها المستهلكون.