شن الرئيس اللبناني الاسبق امين الجميل هجوما شنيعا على سورية والقوى السياسية القومية اللبنانية نعتبرا ان اللبنانيين وصلوا الى حد "فقدان الثقة الكاملة والمطلقة بالاجهزة اللبنانية القائمة لانها تابعة لاجهزة المخابرات السورية وليست حرة" ومرددا ان "هناك اصابع اتهام موجهة لسورية" في اعقاب اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري ليتوصل الى نتيجة بان لا يمكت للدولة والمؤسسات اللبنانية التحقيق في جريمة الاغتيال وانما يجب ان تحقق جهة اجنبية فيها.

جاء ذلك في مقابلة اجرتها معه صحيفة "كل العرب" التي تصدر في مدينة الناصرة. وتحدث الجميل في المقابلة عن اغتيال الرئيس اللبناني الاسبق رينيه معوض واغتيال اربعة قضاة اثناء محاكمة متهمين باقتراف جريمة اغتيال معوض ومحاولة اغتيال النائب مروان حمادة مدعيا ان الدولة اللبنانية لم تجر "تحقيقا جديا" واعتبر ان "الدولة اللبنانية غير جادة في كشف كل تلك الجرائم التي وقعت في لبنان في الآونة الاخيرة".

ومضى الجميل زاعما ان "اصابع الاتهام متجهة نحو سوريا"، ودعم الجميل زعمه هذا بان "وزير خارجية انجلترا قال بان هناك قرائن توجه الاتهام نحو سوريا" ما يؤكد ان الرئيس اللبناني الاسبق يتجاهل الدروس والعبر من العدوان الامريكي والبريطاني على العراق الذي استند على ترويج مزاعم ثبت الان عدم صحتها وانها كانت مختلقة، ومن دون الالتفات بتاتا الى التهديدات الامريكية والاسرائيلية المتكررة في الفترة الاخيرة ضد سورية. رغم ذلك اعتبر الجميل ان سورية "الممسكة بكافة اجهزة الامن اللبنانية فكيف يمكن ان تحقق سوريا بجريمة وقعت على الارض اللبنانية وهي المتهمة".

وهاجم الجميل "تصرف حلفاء سوريا في لبنان في الآونة الاخيرة" معتبرا انه "يدل على عدائية مباشرة تجاه بعض القادة الآخرين مثل وليد جنبلاط ورفيق الحريري او حتى امين جميل وغيرهم، هناك اتهامات مباشرة واتهامات بالتخوين، والنائب عاصم قانصو من مجلس النواب هدد مباشرة وليد جنبلاط"، معتبرا ان ذلك "يدل على ان هناك شحنا من قبل حلفاء سوريا ضد المعارضة في لبنان مما يدل بشكل واضح ان سوريا تعلن العداء بالنسبة لمجموعة من القادة اللبنانيين وتمارس بحقهم من خلال اجهزتها في لبنان والاجهزة اللبنانية التابعة لسوريا كل انواع الضغوطات والتعديات ان كان من ناحية قضائية وتعديات امنية واخرى كلامية".

وانتقل الرئيس اللبناني الاسبق الى حد التحريض على الدولة اللبنانية ومؤسساتها والتحريض على سورية ايضا واعتبر ان "كل رجل يتعاطى السياسة في لبنان في المعارضة يعتبر نفسه مهددا(!) لان الذي نشهده على الساحة اللبنانية هي ضغوطات مباشرة غير مخفية بحق كل من يعارض هذا النظام القائم والتابع لسوريا فنحن نعيش جوا ستالينيا ودكتاتوريا وكلنا نعرف ان هذه الانظمة لا تتردد بالقيام باي عمل عندما تشعر بان هناك معارضة لسياستها وهو ما دفع ثمنه في الماضي كمال بيك جنبلاط وبشير جميل ورينيه معوض ومجموعة من الصحفيين مثل الصحفي سليم اللوزي ورياض طه وغيرهم من القادة السياسيين والاعلاميين حين استشهدوا". ولم يتردد الجميل هنا في توجيه اصبع الاتهام بالرغم من تعقيدات الوضع اللبناني الداخلي وزعم ان "بصمات سوريا واضحة في كل هذه الاغتيالات"!!

الا ان الجميل وفي رده على سؤال اعترف ضمنا ان توجيه الاتهامات الى سورية، كما تفعل قوى عظمى في المنطقة والعالم معادية لسورية وللبنان معا، هو امر غير صحيح وينطوي على مناورة رغم انه يعلم بان تحريضه قد يشعل المنطقة. وقال "نحن نطالب ان يستعيد لبنان سيادته وان تخرج سوريا من لبنان وتخرج معها اجهزة المخابرات وتترك الشعب اللبناني يحل مشاكله بنفسه عندئذ لا تعود تتهم بمحاولة اغتيال احد، لكن طالما ان سوريا لا تزال منتشرة على الارض اللبنانية بهذه الطريقة وتدافع عن مصالحها الذاتية في لبنان على حساب سيادة واستقلال لبنان فتبقى المشاعر اللبنانية غير حميدة بالنسبة لسوريا وستبقى الانتقادات موجهة للنظام السوري وستبقى اصابع الاتهام موجهة الى سوريا كلما وقعت اي حادثة على الارض اللبنانية"... هكذا بكل بساطة!

من هنا انزلق الرئيس الاسبق الى القول "اسرائيل نفذت القرار 425 وانسحبت من جنوب لبنان". ليس هذا وحسب بل اضاف ان "هناك ادعاء بان مزارع شبعا لا تزال محتلة" معتبرا ان "حجة لبنان بالنسبة لمزارع شبعا حجة ضعيفة لان مزارع شبعا في سجلات الامم المتحدة هي سورية وليست لبنانية وعليه فهي خاضعة للقرار 242 لمجلس الامن الدولي وغير خاضعة جفرافيا للقرار 425"، ولذلك يستنتج "فاذن تكون حجة حزب الله في الجنوب ضعيفة". ورأى ان "اخطر ما في الامر ان مفتاح السلام والحرب في لبنان بيد حزب الله وهو الذي يملك القرار اذا اراد ان يشن اي عملية على اسرائيل يكون قد اعلن الحرب على اسرائيل واذا اراد ان يبقي المنطقة آمنة يشجع السلام، لا يمكن ان يكون المفتاح بيد حزب لا سيما وانه على الصعيد الدولي وعلى صعيد مجلس الامن هناك اقرار ان اسرائيل انسحبت من الاراضي اللبنانية ونفذت القرار 425 فيصبح لبنان وفق المنطق الدولي هو من يتصرف بما يخالف القانون الدولي وهو الذي يعرض الامن الاقليمي للخطر".

واستمر الجميل في خطه هذا ليصل في نهاية المقابلة الى تبرير الجرائم التي اقترفها عملاء اسرائيل ابان الاحتلال الاسرائيلي لجنوب لبنان والذين يتواجدون في اسرائيل. وقال الجميل: "من الضروري ان يعفى عن هؤلاء الذين لم يتصرفوا الا بسبب الظروف القاهرة وفرضت عليهم بعض المواقف والتصرفات بسبب الوضع السائد في هذه المنطقة"، معتبرا ان الدولة اللبنانية "تنازلت عن مسؤليتها في حماية هؤلاء اللبنانيين وفرضت عليهم بالتالي ان يلجأوا الى حماية اي كان وخارج اطار السلطة اللبنانية. ولم يكن عندهم اي خيار آخر في ذلك الوقت للدفاع عن اعراضهم وعن رزقهم وامنهم فاضطروا ان يلجأوا للشيطان، او الى غير الشيطان لا ادري، بسبب تخلي الدولة اللبنانية عن حمايتهم وعن تامين الحد الادنى من الكرامة والحياة".