قال ناشط لوكالة رويترز إن 45 مدنياً على الأقل قتلوا في هجوم بالدبابات شنته قوات الرئيس السوري بشار الأسد لاحتلال وسط مدينة حماة في تصعيد حاد لحملة عسكرية تستهدف انهاء انتفاضة ضد حكمه.

وأبلغ الناشط -الذي تمكن من مغادرة المدينة المحاصرة- رويترز أن 40 شخصا قتلوا بنيران رشاشات ثقيلة وقصف للدبابات في حي الحاضر شمالي نهر العاصي أمس الأربعاء وفي وقت مبكر من اليوم الخميس. وأضاف الناشط أن خمسة اشخاص اخرين من عائلتي فخري والأسعد -من بينهم طفلان- قتلوا بينما كانوا يحاولون مغادرة حماة بالسيارة على طريق الظاهرية.

وفي وقت سابق قال سكان في حماة إن الدبابات تقدمت إلى وسط المدينة أمس الأربعاء واحتلت الميدان الرئيسي الذي شهد بعضًا من أكبر الاحتجاجات ضد الأسد في انتفاضة بدأت قبل خمسة أشهر للمطالبة بالحريات السياسة. وأضافوا أن قناصة انتشروا على أسطح المباني وفي قلعة حماة. وقالوا إن القصف تركز في حي الحاضر الذي دمرت أجزاء كبيرة منه في عام 1982 عندما اجتاحت القوات الموالية للرئيس الراحل حافظ الأسد -والد بشار- حماة لسحق متمردين اسلاميين وقتلت عدة آلاف من الاشخاص. ويقول مدافعون عن حقوق الانسان إن أكثر من 90 شخصا قتلوا في حماة منذ ان أعطى الأسد  الضوء الأخضر يوم الأحد الماضي لهجمات للجيش لسحق المعارضين لحكمه المطلق. ولا يشمل الرقم أحدث تقرير للضحايا.

إلى ذلك، أدان مجلس الأمن التابع للامم المتحدة في بيان صدر أمس الأربعاء الحملة الدموية التي تشنها السلطات السورية على المحتجين المدنيين وذلك في أول اجراء ملموس يتخذه المجلس بشأن الانتفاضة في سوريا المستمرة منذ خمسة أشهر.

ولبنان هو العضو الوحيد الذي نأى بنفسه عن البيان الذي أيده اعضاء المجلس الأربعة عشر الذين قالوا إنه يساعد في فرض عزلة على القيادة السورية. وقال مبعوث لبناني إن البيان الذي صاغته الدول الغربية لا يساعد في معالجة الوضع الحالي في سوريا. وتصدر بيانات مجلس الأمن دون تصويت إذا لم يعترض عليها أي عضو، وهو ما يعني ضمنيا صدورها بالاجماع الأمر الذي يعني أنه كان بمقدور لبنان عرقلة صدور البيان لكن باكتفائه بأن ينأى بنفسه سمح بصدوره.

ويحث البيان الذي تلاه السفير الهندي هارديب سينغ بوري، رئيس المجلس للشهر الحالي، دمشق على احترام حقوق الانسان بشكل كامل والتقيد بالتزاماتها بمقتضى القانون الدولي. واتفق على البيان بعد ثلاثة أيام من المساومات الصعبة كبديل لقرار كامل لمجلس الأمن كان يفضله الغرب وهو يحث دمشق أيضا على الاحترام الكامل لحقوق الانسان والتزاماتها بموجب القانون الدولي.

ويدعو البيان إلى "وضع نهاية فورية لكل أعمال العنف ويحث جميع الأطراف على الالتزام بأعلى درجات ضبط النفس والامتناع عن الأعمال الانتقامية بما في ذلك الهجمات على مؤسسات الدولة".

وتبنى المجلس البيان فيما شددت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما موقفها من الأسد. وقال جاي كارني المتحدث باسم البيت الابيض إن الزعيم السوري هو "سبب عدم الاستقرار" في سوريا.

وقالت  السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، سوزان رايس، إن "نظام الأسد كان يعول على حقيقة أن مجلس الأمن لن يكون بمقدوره التحدث... وإنه سيكون هناك من يحمونهم ويدافعون عنهم بما يجعل من المتعذر أن ... تصدر ادانة. وبالتأكيد فإنهم لا بد وأنهم فوجئوا وشعروا بخيبة أمل للنتيجة."

وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيج إن البيان "يظهر أن الرئيس الأسد في عزلة متزايدة". ووصف وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه البيان بأنه "نقطة تحول في موقف المجتمع الدولي."

وتعثر مشروع قرار بشأن سوريا أعدته دول أوروبية في أروقة مجلس الأمن على مدى شهرين بسبب معارضة روسيا والصين وعدد من دول عدم الانحياز. وقال دبلوماسيون إن الأوروبيين أحيوا مشروع القرار بعد تصاعد العنف في مطلع الأسبوع ومقتل أكثر من 90 شخصًا حتى الآن في مدينة حماة بوسط البلاد. ووافقت روسيا والدول المؤيدة لها في نهاية المطاف على قيام المجلس بتحرك لكنها أصرت على أن يكون مجرد بيان وهو أضعف من القرار.

ويضع البيان حدا لشعور الدول الغربية بالاحباط على مدى أسابيع لتعثر مشروع القرار الذي اعدته بسبب تهديد روسيا والصين باستخدام حق النقض (الفيتو) وعدم تمكنها من اقناع البرازيل والهند وجنوب أفريقيا، الأعضاء غير الدائمين بالمجلس، بتأييده.

وقالت روسيا إنها لا تريد تكرار قرار مجلس الأمن الصادر في 17 مارس - آذار بشأن ليبيا والذي تعتبره دول غربية سنداً قانونياً لغاراتها الجوية على قوات الزعيم الليبي معمر القذافي. وتقول موسكو إن هذا سوء استخدام لبنود القرار.  ويقول دبلوماسيون إن إراقة الدماء في حماة كسرت فيما يبدو الجمود في المجلس.

ولا يتضمن البيان بنودا تتعلق بفرض عقوبات أو أي اجراءات عقابية أخرى على سوريا ولا يدعو إلى احالة زعماء سوريين إلى المحكمة الجنائية الدولية وهو ما تطالب به بعض جماعات حقوق الانسان.  والاجراء المستقبلي الوحيد المذكور هو طلب إلى الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، لتقديم تقرير إلى المجلس عن الوضع في سوريا في غضون سبعة أيام. ولم يحدد أي اجراءات لمتابعة هذا التقرير. لكن السفير البريطاني، مارك ليوال جرانت، قال إن مجلس الأمن "سيواصل مراقبة الوضع عن كثب ودراسة مزيد من الاجراءات إذا كانت ضرورية... ولهذا نحن نتوقع أن نرى تغيرا في نهج النظام السوري".