موجة من الاستياء والاستغراب ما زالت تسري في الشارع العراقي، في أعقاب الحكم على طفل يبلغ من العمر (12 عامًا)، سنة كاملة، بتهمة سرقة علبة مناديل من أحد المتاجر، في وقت ما فتأت فيه البلاد تنتفض ضد 'الفساد' المستشري فيها من قبل الكبار.

والعاصمة العراقية، بغداد، ومحافظات أخرى على موعد، غدًا الجمعة، مع احتجاجات على الفساد وتأخر تنفيذ الإصلاحات دعت لها منظمات المجتمع المدني.

وقضت محكمة السماوة، عاصمة محافظة المثنى، أمس الأربعاء، بالسجن لمدة عام واحد على طفل عرّفته بذكر حرفين من اسمه م.و، بتهمة 'سرقة علب مناديل من متجر' بالمحافظة، حسب مراسل الأناضول.

وكان صاحب محل تجاري في مدينة السماوة، سلم الطفل م. و للشرطة العراقية، قبل عدّة أيام، بعد أن قال إنه 'ضبطه بالجرم المشهود وهو يسرق المناديل'.

وجرى إيداع م.و خلف القضبان في سجن الخناق، بالمدينة، بعد إصدار حكم الحبس عليه من القضاء.

والطفل هو واحد من آلاف الأطفال النازحين من مناطق في شمال وغرب العراق، إلى المثنى، هربًا من المعارك الجارية بين القوات الحكومة وتنظيم داعش.

وأثار حكم أمس بحق م.و انتقادات واسعة، ما زالت متواصلة حتى اليوم، الخميس، من قبل ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك في بلد يعد من بين أكثر دول العالم فسادًا.

وحل العراق في المرتبة 161 من بين 168 بلدًا وردت أسماؤها على مؤشر 'منظمة الشفافية الدولية' في العام 2015، ويصنف التقرير الدول بشكل تصاعدي من الأقل فسادا إلى الأكثر فسادًا؛ فرقم 1 هي الأقل فسادًا ورقم 168 هي الأكثر فسادًا، ويستند في تقيمه على بيانات تجمعها المنظمة من 12 هيئة دولية منها البنك الدولي والمنتدى الاقتصادي العالمي.

وقارن الناشطون العراقيون بين القيمة البسيطة للمناديل التي حوكم من أجلها الطفل بالسجن عامًا، وما قالوا إنها 'سرقات بملايين الدولارات تجري خلف الأبواب الموصدة للمسؤولين القائمين على إدارة البلاد'.

وفي آذار/مارس الماضي، أعلنت هيئة النزاهة إصدار مذكرات اعتقال بحق 18 وزيرًا وأكثر من 2700 مسؤولًا في الدولة، بتهم تتعلق بالفساد خلال العام الماضي 2015.

من جانبه، قال مجلس القضاء الأعلى في العراق، ردًا على الانتقادات التي وجهت له، في بيان أصدره، اليوم الخميس، واطلعت عليه الأناضول إن 'هناك أربع دعاوى منظورة ضد الطفل م. و، وجاءت الأحكام مجتمعة بالحبس لمدة سنة تتعلق بسرقات مناديل من أحد المخازن التجارية في محافظة المثنى'.

وتعقيبًا على الحادثة، قال عضو نقابة المحامين العراقيين، طارق حرب، إنه 'وفق القاعدة القضائية العامة، فإن قيمة المسروق لا أهمية له في تجريم الفعل؛ فمن سرق دينارًا وسرق قنطارًا هو متساوٍ'.

وأشار إلى أن رئيس البلاد، ووفقا للمادة 73 من الدستور، لا يستطيع إصدار عفو خاص عن الطفل، ما لم يتلق اقتراحًا من رئيس الحكومة بذلك.

ولفت المحامي حرب إلى أن العقوبات يبدأ تطبيقها على الجاني، حسب الدستور العراقي، بعد تجاوزه عمر الـ7 أعوام.