إقبال كبير مع تحول المنفى إلى مكان للتصويت الديموقراطي

 

انطلقت فعليا أمس، أول انتخابات عربية في زمن ما بعد الثورة، بتوجه التونسيين في بلاد الاغتراب إلى صناديق الاقتراع لاختيار 18 عضوا من المجلس التأسيسي للبلاد، قبل 3 أيام من انطلاق العملية داخل تونس. وتعدّ الجاليات التونسية في الخارج حوالي 900 ألف شخص معظمهم في فرنسا، من أصل كتلة ناخبة اجمالية تعد 7 ملايين، ما يعطي التصويت في الخارج وزنا تمثيليا حقيقيا. 


وينتخب التونسيون المقيمون في الخارج 18 عضوا من اصل 217 سيتكون منهم المجلس الوطني التأسيسي، ومن المقرر ان تستمر عملية الاقتراع في الخارج ثلاثة ايام. وتم تخصيص اكثر من 400 مركز اقتراع غالبيتها في القنصليات او السفارات في ست دوائر انتخابية: اثنتان لفرنسا وواحدة لايطاليا وواحدة لالمانيا وواحدة لاميركيا الشمالية وواحدة للدول العربية. 


وستقوم الجالية التونسية في فرنسا وحدها بانتخاب 10 من اصل المقاعد الـ18 المخصصة للتونسيين في الخارج. واقبل التونسيون المقيمون في فرنسا بكثافة على مكاتب الاقتراع في الساعات الاولى من الانتخابات. واصطف عدد كبير منهم مع فتح مكاتب الاقتراع في قنصليتي باريس ومرسيليا وتسبب تدفقهم في باريس بتأخير بداية الاقتراع عشر دقائق. وعلق المعارض التاريخي ورئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات كمال الجندوبي الذي صوت في باريس «انه اكثر من مؤشر جيد وكل الوفود التي التقيناها قالت لنا ان التونسيين المقيمين في الخارج يصوتون قليلا اجمالا. لكننا نشعر ان تصويت التونسيين في الخارج ربما سيكون استثنائيا. سيصوتون بكثافة على الارجح». 


وقال الجندوبي «احاول السيطرة على مشاعري». وقد فاضت عيناه بالدموع وهو يدخل مقر القنصلية العامة التونسية بباريس حيث قدم عدد كبير من التونسيين للتصويت حال فتح مكاتب الاقتراع. مضيفا قبل القيام بواجبه الانتخابي «كنت احلم بهذا اليوم ولم اكن اتصور حدوثه لكن الان انا اعيشه». وتابع قائلا «حين كنا نأتي الى هنا (القنصلية العامة) قبل اشهر قليلة وسنوات غير بعيدة كانوا يرفضوننا بكل بساطة. لم تكن هذه دارنا... واليوم اعتقد اننا إزاء تونس جديدة ونحن ندخل دارا جديدة». واضاف «بفضل هؤلاء الناس (الذين يصوتون في فرنسا) وبفضل التونسيين المقيمين في تونس، سنعيد بناء الدار. واول خطوة هي التصويت والطريق لا يزال طويلا لكننا مصممون وانه ليوم فخر كبير». وقال ان كل هذه الجماهير التي تصوت تثبت «الرغبة في القطع الجذري مع الماضي والرغبة في فتح صفحة جديدة. وهذه الرغبة كانت تخالجنا منذ سنوات بعيدة وكنا نحبسها وهي تبرز اليوم في اشكال متعددة من التعبير الحر ومن خلال التصويت، اننا ازاء رغبة استثنائية وطاقة استثنائية». 


واكد الجندوبي ان «الناس يعرفون لماذا يصوتون. انهم يريدون شيئا مختلفا، وتونس مختلفة. انهم لا يريدون رؤية اي بن علي في تونس وفساد عهده. انهم لم يعودوا يريدون رؤية هذا النظام الذي حرمنا من الحرية وعذبنا. هناك آلاف من الاسر التي تعاني في تونس إنها اليوم فخورة لانها بشكل ما اخذت ثأرها من الدكتاتورية والطغيان». 


وأمام القنصلية العامة بباريس وقف شبان وكهول وامهات مع ابنائهن الرضع في طابور امتد لاكثر من 200 متر. وقال رئيس الهيئة الفرعية للانتخابات في شمال فرنسا علي بن عامر «قبل فتح مكاتب الاقتراع كنت اتساءل كيف ستكون الامور. وحين رأيت الحشد امام القنصلية سألت نفسي هل سيكون بإمكاننا التعامل مع كل هذا الحشد». واضاف «قبل عام لم يكن احد يتوقع هذا. لقد اعددنا الانتقال الديموقراطي طوال اشهر عديدة والان انطلق. اليوم يتحقق الفصل الثاني من الثورة» التونسية. 


وبدا الوضع مشابها في قنصلية مرسيليا. وقالت رئيسة اللجنة الانتخابية في جنوب فرنسا ليلى الرياحي «لم نكن نتوقع هذا الاقبال نحن بصدد اضافة مكتب انتخاب رابع». 


وسيتم فرز الاصوات المغتربة السبت المقبل على ان تعلن النتائج بعد انتهاء التصويت الاحد المقبل في تونس. وفي الخارج كما في تونس، تعتبر المشاركة احد اكبر العوامل غير المحسومة في هذه الانتخابات الاولى التي تتم بأجواء حرة بعد عقدين من حكم بن علي كانت خلالهما النتائج معروفة مسبقا بسبب التزوير. 


وفي سياق مواز، ذكرت صحيفة «الشروق» التونسية الواسعة الانتشار أن مدينة نابل استيقظت أمس الأول، على وقع وثيقة مجهولة المصدر تُدين حزب «النهضة» الإسلامي بـ«العمالة لإسرائيل». وتحمل الوثيقة على ظهرها 12 صورة توثق لبشاعة الاعتداءات الاسرائيلية على الاطفال في غزة في العام 2008 ولبنان في العام 2006. والى جانب تلك الصور صور أخرى صغيرة الحجم لسياسيين اسرائيليين وفي داخلها تحمل المطوية نسخة من مقال صادر في جريدة «الفجر» المتحدثة باسم «النهضة» وذلك بتاريخ 20 أيار 2011 يتحدث عن الزيارة التي أداها وفد من الحزب الى واشنطن في مقدمته الامين العام حمادي الجبالي وعضوا المكتب التنفيــذي سمـير ديلو وفريدة العبيدي. 


والى جانب المقال تمّ التعريف بالشخصيات الثلاث التي التقاها وفد «النهضة» في واشنطن وهم السيناتوران جوزيف ليبرمان وجون ماكين والنائب غاري أكرمان. 


وتحمل الوثيقة توقيع «الحملة الوطنيّة لحماية تونس من إجرام الصهاينة». 


إلى ذلك، قضت الدائرة الجناحية الثامنة في المحكمة الابتدائية في تونس بإدانة بعض الشبان المتهمين في قضيّة الاحتجاجات اثر بث فيلم «برسيبوليس» على قناة «نسمة» الفضائية، وتغريمهم مبلغ 10 دنانير (حوالي 3 دولارات) بتهمة «الهرج في الطريق العام»، وتبرئتهم في قضيّة الاعتداء على موظف عمومي كما قضت بإدانة أحدهم وسجنه لمدّة عام وتغريمه ألف دينار بعد أن تبيّن استهلاكه لمادة مخدّرة.