اتخذت الأزمة المالية اليونانية مساء الأحد بعدا دراماتيكيا مع إعلان رئيس الوزراء الكسيس تسيبراس، إغلاقا موقتا للمصارف الاثنين مع مراقبة لحركة الرساميل، وذلك حفاظا على النظام المصرفي في البلاد المهددة بخطر العجز عن السداد وإمكانية الخروج من منطقة اليورو.

وقال رئيس الوزراء الكسيس تسيبراس مساء الأحد إن اليونان ستفرض قيودا على حركة رؤوس الأموال وستأمر بإغلاق البنوك فيما تكافح أثينا لتفادي انهيار النظام المالي في البلاد.

وقال في خطاب متلفز إلى الأمة إن البنك المركزي اليوناني أوصى بهذه التدابير بعد أن اتخذ البنك المركزي الأوروبي قرارا ضد زيادة مقدار أموال الائتمان الطارئة التي يقدمها لمصارف البلد المطل على البحر المتوسط.

وفي الوقت الذي زاد فيه عدد المواطنين الذين اصطفوا في طوابير أمام ماكينات الصراف الآلي، حث تسيبراس اليونانيين على التحلي بالصبر والحفاظ على رباطة الجأش، مؤكدا لهم أن الودائع المصرفية 'آمنة تماما'.

وأضاف 'نفس الشيء ينطبق على الأجور والمعاشات التقاعدية - فهما أيضا مضمونان'.

وتابع 'في هذه الساعات الحرجة، يجب علينا أن نتذكر أن الشيء الوحيد الذي نخاف منه هو الخوف نفسه'.

ولم يدل تسيبراس بتفاصيل عن القيود التي سيتم فرضها على حركة رؤوس الأموال. لكن يمكن أن تتضمن تلك القيود تحديد كمية النقد التي يمكن سحبها من أجهزة الصراف الآلي وتحديد سقف للمبلغ المالي الذي يمكن تحويله إلى الخارج.

 

وأضاف تسيبراس أن رفض «اليورو-غروب» تمديد برنامج المساعدة لليونان إلى ما بعد الثلاثين من حزيران/يونيو 'دفع المصرف المركزي الأوروبي إلى عدم زيادة السيولة للمصارف اليونانية، وأجبر المصرف المركزي اليوناني على تفعيل إجراءات الإقفال الموقتة للمصارف والحد من السحوبات منها'، مضيفا أيضا إن 'ودائع المواطنين في المصارف اليونانية ستكون مضمونة تماما'.

إلى ذلك، أكد أنه طلب مجددا من الاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي تمديد برنامج المساعدة لليونان بعدما رفض هذا الطلب السبت.

وأفاد رئيس أحد المصارف اليونانية بأن الحكومة اليونانية قررت إغلاق المصارف غدا الاثنين الذي يوافق أول أيام التعاملات الأسبوعية. وقالت وكالة أنباء (بلومبرج) الاقتصادية إن انثيموس تومابولوس، رئيس مجلس إدارة بنك بيريوس، أوضح اليوم الأحد لصحافيين أن الحكومة تسعى من هذا الإجراء إلى الحيلولة دون حدوث انهيار مالي وذلك في أعقاب قرار البنك المركزي الأوروبي الصادر اليوم بتجميد برنامج قروض الطوارئ للمصارف اليونانية عند سقفه الحالي البالغ نحو 90 مليار يورو.

ووفقا لصحيفة 'كاثيميريني' فإن من المنتظر أن يتم إعادة فتح المصارف في السادس من تموز/يوليو المقبل على أقل تقدير أي بعد يوم من الاستفتاء المزمع إجراؤه حول برنامج الإصلاحات والتقشف.

وتسارعت الأحداث سلبا في نهاية الأسبوع مع دعوة تسيبراس مساء الجمعة مواطنيه إلى استفتاء في الخامس من تموز/يوليو للموافقة أو لا على اقتراحات الجهات الدائنة التي تطالب أثينا بإصلاحات تعتبرها غير مقبولة. وصادق البرلمان اليوناني مساء السبت على أجراء هذا الاستفتاء.

وكانت المفاوضات بين أثينا ودائنيها توقفت السبت مع دعوة السلطات اليونانية مواطنيها إلى الاستفتاء، ما يعني اتجاه اليونان إلى سيناريو كارثي يهدد بخروجها من منطقة اليورو.

وفي غمرة هذه التطورات، أكد الرئيس الأميركي باراك أوباما، والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، الأحد ان عودة اليونان إلى سلوك طريق الإصلاحات والنمو 'داخل منطقة اليورو' هو أمر 'بالغ الأهمية'، بحسب ما نقل البيت الأبيض.

وقالت الرئاسة الأميركية إنه خلال اتصال هاتفي مع ميركيل تناول الأزمة اليونانية، توافق الزعيمان 'على الأهمية الكبرى لان تتخذ (اليونان) كل التدابير للعودة إلى طريق يتيح لها أجراء إصلاحات جديدة والعودة إلى النمو داخل منطقة اليورو'.

وأوضح أوباما وميركل إن مستشاريهما يتابعون الأزمة اليونانية عن كثب.

والأحد، كان مزيد من اليونانيين في شوارع أثينا يحاولون سحب الأموال لمواجهة نفقات الحياة اليومية.

وقالت مواطنة غاضبة لوكالة فرانس برس 'جربت العديد من الآلات (أجهزة الصرف الألي). انا قلقة وحزينة وغاضبة على الحكومة'.

وانتقلت عدوى القلق من الافتقار للسيولة إلى خارج اليونان. إذ أوصت دول عدة بينها المانجا مواطنيها المتوجهين إلى اليونان لتمضية عطلهم بحمل ما يكفي من السيولة النقدية.

وكان البنك المركزي الأوروبي منح في وقت سابق اليونان فرصة لتنفس الصعداء عبر إعلانه انه سيواصل أمداد البنوك اليونانية بالسيولة النقدية الطارئة عند المستويات الحالية وفي الوقت ذاته سيراقب الأسواق المالية فضلا عن 'أي انعكاسات محتملة على السياسة النقدية'.

كما منح البنك الأوروبي اليونان ودائنيها مزيدا من الوقت من أجل محاولة أخيرة لإنقاذ الموقف قبل إن تصبح أثينا عاجزة تماما عن السداد الأربعاء إثر إخفاق مفاوضات السبت.

وفي سياق جهود اللحظة الأخيرة، كرر المفوض الأوروبي، بيار موسكوفيسي، عبر تويتر أن 'الباب لا يزال مفتوحا' للتفاوض.

ونشر رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، على الموقع نفسه نص اقتراح الدائنين 'لاطلاع الشعب اليوناني' عليه، في إشارة ضمنية إلى أن الوقت لم يفت بعد في حال وافق الناخبون اليونانيون على الإصلاحات المطلوبة.

ويعقد يونكر مؤتمرا صحافيا ظهر الاثنين.

بدوره، حض رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس، اليونانيين على 'العودة إلى طاولة المفاوضات'، داعيا إلى 'القيام بكل ما هو ممكن' لضمان بقاء أثينا في منطقة اليورو.

وفي مقابلة مع صحيفة بيلد الألمانية نشرت اليوم، اعتبر وزير المالية اليوناني يانيس فاروفاكيس، أن 'مفتاح' حل الأزمة هو في يد المستشارة الألمانية.

وقال الوزير اليوناني: 'على رؤساء حكومات الاتحاد الأوروبي أن يتحركوا. وبين هؤلاء تحمل (ميركل) مفتاح (الحل) بوصفها تمثل البلد الأكثر أهمية. وآمل أن تستخدمه'.

وأعلن المتحدث باسم ميركل أن الأخيرة ستلتقي الاثنين في الساعة 13,30 (11,30 ت غ) رؤساء الكتل البرلمانية والأحزاب الألمانية لتبحث معهم تطورات الأزمة اليونانية.