تقترب جولة المحادثات السورية في جنيف، وبعد ثمانية أيام من الاجتماعات، من الانتهاء من دون تحقيق أي خرق يذكر، إذ ركزت على بحث جدول أعمال يؤسس لجولات أخرى لم يتم الاتفاق عليه بعد بسبب الهوة الواسعة بين النظام والمعارضة.

ويرى كل من الطرفين أنه حقق تقدما وإن بسيطا في هذه الجولة. بالنسبة للمعارضة، تناول البحث خلال لقاءاتها مع مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية، ستافان دي ميستورا، الانتقال السياسي، وهو الموضوع الأبرز في نظرها على طريق إيجاد الحل لنزاع مستمر منذ حوالي ست سنوات تسبب بمقتل أكثر من 310 آلاف شخص. وبالنسبة للنظام السورية، بات ما يصفه "مكافحة الإرهاب" محورا أساسيا في مواضيع البحث.

لكن ما يراه الطرفان تقدما هو في الواقع ما اصطدمت به جولات المحادثات السابقة. فلطالما طالب النظام بإعطاء الأولوية ل"الإرهاب"، معتبرا أن القضاء عليه ينهي النزاع، لكن النظام يدرج معظم أطراف المعارضة في خانة "الإرهابيين". بينما تطالب المعارضة بحصر الكلام في المرحلة الانتقالية التي يفترض استبعاد أي دور فيها لبشار الأسد.

ويلتقي دي ميستورا اليوم، الجمعة، الوفود الأربعة المشاركة في جولة المفاوضات السورية الحالية التي بدأت في 23 شباط/فبراير، والممثلة للنظام ولأربع جهات معارضة، أبرزها وفد الهيئة العليا للمفاوضات برئاسة نصر الحريري.

وذكرت مصادر مواكبة للمفاوضات أن دي ميستورا، وبعد اجتماعات رسمية في مقر الأمم المتحدة أمس، واصل مباحثاته غير الرسمية مع الأطراف المشاركة حتى وقت متأخر من الليلة الماضية.

وبعد لقاء جمع دي ميستورا صباح اليوم بوفد منصة القاهرة المعارضة التي تضم عددا من الشخصيات المعارضة والمستقلة بينهم المتحدث السابق باسم وزارة الخارجية جهاد المقدسي، قال الأخير إن دي ميستورا "لم يتوقع أي اختراقات ولا نحن توقعنا، لكن نعتقد أنه نجح في الحفاظ على الزخم السياسي لهذا المسار".

وأضاف أنه "إذا أنهى (دي ميستورا) الجانب الإجرائي ...، الجولة القادمة التي أعتقد ستكون قريبة، سيكون الخط فيها مفتوحا لانجاز تقدم سياسي".

وتتوقع مصادر مطلعة على المفاوضات أن تحدد جولة جديدة خلال بضعة أسابيع.

ولم ينجح المبعوث الدولي حتى الآن في عقد جلسة تفاوض مباشر واحدة. ولم تلتق الوفود وجها لوجه إلا في الجلسة الافتتاحية التي اقتصرت على كلمة ألقاها دي ميستورا وقال فيها إنه لا يتوقع خرقا ولا معجزات.

وكان عضو الوفد المعارضة منذر ماخوس قال هذا الأسبوع إنه "لا نزال هنا. هذا بحد ذاته إنجاز".

وصرح رئيس وفد النظام إلى جنيف، بشار الجعفري، أمس، بعد لقاء مع دي ميستورا في مقر الأمم المتحدة أن النقاش تناول "مسألة مكافحة الإرهاب كسلة على قدم المساواة مع بقية السلات".

وبعد حوالى ساعة من تصريحات الجعفري، خرج وفد الهيئة العليا للمفاوضات من لقاء مع دي ميستورا ليعلن بلسان الحريري أن الاجتماع تركز لليوم الثالث على "الانتقال السياسي، وهذه النقاشات تتطور أكثر كل يوم".

وتؤكد المعارضة أن موضوع مكافحة الإرهاب "لا يحتاج إلى مفاوضات". وتتهم النظام السوري بـ"المماطلة"، عبر طلبه إضافة "مكافحة الإرهاب" إلى العناوين الثلاثة التي اقترحها المبعوث الدولي، على أن تبحث بالتوازي، وهي: الحكم والدستور والانتخابات، التي تشكل محاور العملية الانتقالية.

وبحسب مصادر في وفد الهيئة العليا للمفاوضات، فان الهيئة لا تريد بحث العناوين الثلاثة التي طرحها دي ميستورا بالتوازي، بل تفضل البدء بالانتقال السياسي أولا والتقدم في هذا الملف قبل بحث الدستور والانتخابات.

أما في ما يتعلق بإضافة "الإرهاب"، فتقول المصادر إن قبول الهيئة العليا للمفاوضات بإضافته مرتبط باقترانه ببحث جرائم الحرب والبراميل المتفجرة التي يحملون النظام مسؤوليتها.

أما منصة القاهرة فلا مانع لديها بإضافة "الإرهاب" إلى جدول الأعمال. وقال المقدسي إنه "ليس لدينا مانع طالما البيان الإجرائي الذي وضعه السيد دي ميستورا واضح وهو التقدم بالتوازي بين السلال".

ويشارك مبعوثون من دول عدة، على رأسها الولايات المتحدة وروسيا، بالإضافة إلى قطر وتركيا وفرنسا، في المحادثات مع الوفود بعيدا عن الإعلام وقاعات الاجتماعات الرسمية.