يهدد سد "النهضة" الأثيوبي المصحوب بسوء إدارة حكومية، انقراض نوعًا آخرًا من أنواع الزراعة المختلفة في مصر، ويبدو أن زراعة القطن شبه المنقرضة في مصر ستتبعها قريبًا زراعة الرز.

وأقر مجلس النواب المصري، الأسبوع الماضي، تعديلات تشريعية تفتح الباب أمام حظر زراعة محاصيل كثيفة الاستهلاك للمياه في بعض المناطق، بقرار من وزيري الزراعة والري.

ويمنح القانون الجديد السلطة في تحديد مناطق زراعة أصناف معينة، لوزيري الري والزراعة، ويتضمن عقوبة للمخالفين لتلك القرارات، منها "الحبس بمدة لا تزيد على 6 أشهر وغرامة لا تقل عن 3 آلاف جنيه (170 دولار أمريكي)، والحكم بإزالة المخالفة على نفقة المُدان".

ويتزامن إقرار القانون، مع إصدار السلطات المصرية قرارا يسمح بزراعة 724 ألف فدان من الرز، الذي تبدأ زراعته مطلع أيار/مايو الحالي لمدة ثلاثة أشهر.

وتمثل هذه المساحة "المسموح" زرعها، وفق تقديرات تجار أقل من نصف المساحة التي زُرعت في 2017، والبالغة 1.8 مليون فدان، التي زادت بدورها كثيرا عن المساحة المخصصة رسميا، والبالغة 1.1 مليون فدان.

وتجاهل فلاحون مصريون في دلتا النيل في شمال البلاد، القيود على الزراعة التي تهدف إلى "إدخار" المياه، لسنوات طويلة، واستمروا في زراعة الرز، الذي لا تخلو منه غالبية موائد المصريين، لاسيما المزارعين، لكن الزيادة من وطأة العقوبة، وصولًا للحبس يوشك أن يغير هذا الوضع.

يأتي ذلك، في ظل قلق بالغ من تداعيات سد "النهضة" الأثيوبي، وأن تكون لسرعة ملء خزانه آثار مدمرة على المزارعين المصريين، خشية أن يقلل من حصة مصر من مياه النيل، مصدر المياه الرئيسي في البلاد.

ويعتمد المصريون على نهر النيل في زراعة المحاصيل المختلفة منذ آلاف السنين.

ويبلغ عدد المصريين بحسب الإحصاءات الرسمية 96 مليون نسمة، و104 مليون نسمة بحسب مصادر أخرى، ومن المتوقع أن يصلوا إلى 128 مليونا بحلول 2030.

ويقول تجار مصريون، إن التعديلات على قانون الزراعة تعني أن يصبح بلدهم على الأرجح مستوردا للرز، بحلول 2019، بعد أن ظلت مصر لعقود تتمتع باكتفاء ذاتي، وأحيانا فائض.

ومنتصف نيسان/أبريل الماضي، قالت وزارة الموارد المائية والري المصرية، في بيان، إنه تلاحظ في الآونة الأخيرة زيادة في المساحات المزروعة بالمحاصيل شرهة الاستهلاك للمياه، كالموز، والأرز، وقصب السكر.

وقال رئيس مجلس النواب المصري، علي عبد العال، في 22 نيسان/أبريل الماضي، إن "الأمر ليس بزراعة أرز أو قصب (..) نريد مياها... مصر فيها فقر مياه".

وتبلغ حصة مصر السنوية من نهر النيل 55.5 مليار متر مكعب، وتدعي أثيوبيا، أن السد سيحقق لها فوائد، خاصة في إنتاج الطاقة الكهربائية، ولن يُضر بدولتي المصب، السودان ومصر.

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية (حكومي)، هاني رسلان إن القرارات الحكومية الأخيرة، تأتي ضمن توجه الدولة لـ"ترشيد" استخدام المياه، جراء حالة الفقر المائي التي تمر بها مصر، وكذلك الانخفاض المتوقع في إيرادات المياه، بسبب بدء ملء سد النهضة".

وحذر أحد قيادات الفلاحين في مصر، محمد برغش، من الخفض المتوقع في زراعة الرز بسبب القانون، حيث رأى أنه سيُضر الفلاح بشكل مباشر، بالإضافة إلى الأضرار التي قد تنجم عن هذه الخطوات للتربة في المحافظات الساحلية، التي لا غنى فيها عن زراعة الرز، التي تساعد الأرض في التخلص من نسب الملوحة العالية.

وتنتج مصر من الأرز 4.5 ملايين طن سنويا، تستهلك منها 3.5 ملايين، بحسب وزارة الزراعة.

وقال رئيس" شعبة الأرز في اتحاد الصناعات المصرية"، رجب شحاتة، إن مصر هذا العام لديها مليون طن فائض من الأرز، ولن تكون هناك أزمة قريبة.

وشدد شحاتة على أنه "في حال تقليص المساحات فعليا، ستكون زيادة سعر الرز حتمية، حيث ستلجأ الدولة إلى الاستيراد".

ونفى وزير الري والموارد المائية المصري، محمد عبد العاطي، وجود علاقة بين أزمة سد "النهضة" وقرار الحكومة بشأن تقليل مساحات الأرز المزروعة.

وقال عبد العاطي، في تصريحات صحفية مؤخرا: "من قبل بداية سد النهضة، ونحن نسعى إلى تخفيض مساحات الأرز، لتوفير مياه الري، حفاظًا على مقدرات مصر من مياه النيل، خصوصًا مع الزيادة المستمرة في السكان".

وشدد الوزير المصري على أن "الكمية التي تم تحديدها تكفي للاستهلاك المحلي وتحقيق الاكتفاء الذاتي لمصر".

اقرأ/ي أيضًا | العفو الدوليّة تتهم مصر بتعريض السجناء السياسيين للتعذيب