تواصلت، اليوم الأحد، فعاليّات مؤتمر إحياء ذكرى النكبة الفلسطينية، في مقر المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في العاصمة القطريّة، الدّوحة، بمشاركة عددٍ من الباحثين والمؤرّخين والسياسيّين.

وخصّصت الجلسة الأولى، التي أدارها أستاذ العلاقات الدّوليّة ودراسات الصّراع في كليّة القانون والديبلوماسيّة في جامعة "تافتس" الأميركيّة، البروفيسور نديم روحانا نقاشاتها لموضوع "في نقد المفاهيم الإسرائيلية للنكبة".

درويش جزائرلي

وحول تاريخ التطهير العرقي لفلسطين، سلّط الأستاذ المشارك في قسم الدراسات الإنسانية في جامعة فتشبرغ الأميركية، الدكتور ياسر درويش جزائرلي، الضوء على تاريخ التغيّر في تناول المؤرّخين لقضية التطهير العرقي لفلسطين.

واستهل جزائرلي حديثه بالقول إن الأسطورة الصهيونية "نشأت عن مسؤولية الحكومات العربية عن مغادرة الفلسطينيين لبلادهم – بينما كان الصهاينة يدعونهم إلى البقاء - مع قيام دولة إسرائيل، وكان هدفها التغطية على التطهير العرقي الذي جعل قيام دولة ذات أكثرية يهودية ممكنًا".

وخاض درويش جزائرلي في تاريخ المؤرخين الحديثين، مبيّنًا، على سبيل المثال، دور المؤرخ بيني موريس الذي وصفه بأنه "شديد التعقيد"، قائلًا إنه "على الرغم من أن أبحاثه أسهمت في زعزعة الأسطورة الصهيونية، إلّا أنها خلقت مرحلة جديدة من الإنكار يتمثّل في نفي وجود خطة لتهجير الفلسطينيين".

وأوضح أن "انتقال الإعلام الأميركي – الذي أمضى عقودًا وهو يروّج للرواية الصهيونية - من مرحلة الإنكار إلى مرحلة التعويم يتجلى في ترحيبه الكبير بكتاب شافيت وغياب أي اهتمام بكتاب إيلان بابيه "التطهير العرقي لفلسطين" الصّادر عام 2006".

محمود محارب

وفي سياق متّصل، استعرض الباحث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السّياسات والمحاضر في جامعة القدس، د. محمود محارب، رواية الحزب الشيوعي الإسرائيلي للنكبة برؤية نقديّة.

وقال محارب إن "الحزب الشيوعي الإسرائيلي تجاهل الطبيعة الكولونيالية الإجلائية للحركة الصهيونية وتحالفها المتين مع الدول الاستعمارية، وتجاهل، كذلك، هدف الصّهيونية ونشاطها لطرد الشعب الفلسطيني، وتشخيصه سعيها لإقامة الدولة اليهودية على حساب الشعب العربي الفلسطيني".

وأضاف أن الحزب "الشيوعي الإسرائيلي تبنّى، في حينها، الرؤية الإسرائيلية الصهيونية لطبيعة حرب 1948، لا سيّما ما يخص طرد الفلسطينيين وتحميلها الضحية مسؤولية التهجير، وتجاهلها الكامل للمجازر التي ارتكبت بحقهم"، مردفًا أن "الحزب الشيوعي الإسرائيلي وقف إلى جانب الحركة الصهيونية في توسيع حدود الدولة اليهودية في المنطقة المخصصة للدولة العربية الفلسطينية وفق قرار التقسيم، موجها نقده الشديد للحكومة الإسرائيليّة لسحبها الجيش الإسرائيليّ من أراضٍ عربية احتلها خارج المنطقة المخصّصة للدولة اليهوديّة".

عادل منّاع

وفِي الجانب الفلسطيني، تناول المؤرّخ الفلسطيني المختصّ بتاريخ فلسطين خلال العهد العثماني والفلسطينيين في القرن العشرين، الدكتور عادل مناع، في مداخلته قراءة مجدّدة في الأدبيّات التاريخية حول النكبة ومفاهيمها.

وقال منّاع إن الباحثين والمؤرخين العرب يعانون من ندرة في الأرشيفات عربية من جهة، واستمرار التعتيم على الوثائق في المواضيع "الحسّاسة" المتعلقة بالنكبة في الأرشيفات الإسرائيلية من جهة أخرى.

وأضاف أنه "لو لم تكن عمليات التطهير العرقي في فلسطين المحتلة في عام 1948 مرغوبًا بها لعاقبت الحكومة الإسرائيلية المسؤولين العسكريين والأمنيين الذين ارتكبوا الجرائم والمجازر بحق الشعب الفلسطيني".

وانتهى إلى القول إنه "لم تكن النكبة حدثًا تاريخيًا مرّ وانتهى بل سيرورة وتجربة حياتية عاشها الباقون في شمال فلسطين حتى عام 1956 على الأقل".

اقرأ/ي أيضًا | عزمي بشارة: مستقبل القضيّة الفلسطينية ومآلاتها في ظل الوضع الراهن

واستند مناع في محاضرته إلى دراسة أوسع نشرها مؤخرًا بعنوان "نكبة وبقاء: حكاية فلسطينيين ظلوا في حيفا والجليل، ١٩٤٨ إلى ١٩٥٦".