يشير تصريح مقتضب أدلى به مصدر رفيع في جهاز الشاباك الاسرائيلي، لصحيفة "معاريف" الاسرائيلية، اليوم، الى تخوف أجهزة الامن الاسرائيلية من احتمال تنفيذ عملية اغتيال سياسي أخرى في اسرائيل، تستهدف هذه المرة، زعيم اليمين نفسه، وذلك على خلفية "تبنيه" لخارطة الطريق الاميركية .

وكان اريئيل شارون، رئيس الحكومة الاسرائيلية الحالي، وزعيم الليكود، نائبا في المعارضة البرلمانية، عندما وقف، في النصف الأول من التسعينيات، على منصة الشرفة المطلة على ميدان صهيون في القدس، الى جانب زعيم الليكود، آنذاك، بنيامين نتنياهو، وقادة المعسكر اليميني المتطرف لشن هجوم شديد اللهجة على رئيس الحكومة الأسبق، يتسحاق رابين، وقادة حزب العمل، الذين وقعوا اتفاقيات اوسلو، ما قاد في حينه الى حملة تحريض واسعة على رابين انتهت باغتياله على ايدي المتطرف اليميني يغئال عمير.

ولم يكن شارون يتصور بأنه يمكنه في يوم من الأيام ان يحضر الى ميدان صهيون ثانية، ولكن كمتهم، وان يتعرض الى الهجوم، ليس من قبل المنافسين السياسيين الذين هاجمهم في السابق على اتصالاتهم مع الفلسطينيين وعمل على تدمير كل ما توصلوا اليه من اتفاقيات معهم، بل من جانب معسكره، ومن قبل وزراء يشاركونه طاولة حكومته، وعلى الخلفية ذاتها: الاتصالات مع الفلسطينيين والمضي نحو المفاوضات السياسية.

وتتخوف الاجهزة الامنية الاسرائيلية، الآن، من تعرض شارون الى خطر ملموس من قبل الجهات اليمينية. وبرأي هذه الأجهزة، بدأ الخطر يتهدد حياة شارون منذ اعلن نيته التوجه نحو استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين، وتصاعد بعد "تبنيه" لخارطة الطريق، وبات ملموسا، بعد قمة العقبة، امس. وحسب اقوال الاجهزة الامنية الاسرائيلية فان الشعارات التي يرفعها المستوطنون واليمين المتطرف، الذي ازداد تطرفاً، هذه الأيام، يجعل شارون مستهدفا في كل لحظة، خاصة في ضوء التصريحات التي اطلقها بعض حاخامات المستوطنات ضده، والتي لا تختلف عن التصريحات والفتاوى التي اصدرها هؤلاء الحاخامات ضد رابين في حينه.

ومن الشعارات التي يرفعها اليمين المتطرف والتي تتخذ منها الاجهزة الامنيا سببا للتخوف، شعار "يجب تغيير اسم ساحة رابين في تل ابيب ليصبح ساحة رابين وشارون"، وشعار "شارون الآتي بالدور" وغير ذلك من شعارات يرفعها بشكل خاص من يطلق عليهم الاعلام الاسرائيلي اسم "فتيان التلال"، وهم الشبيبة المتعصبة التي تتولى حراسة البؤر الاستيطانية ومقاومة اخلائها. ولا تستبعد الجهات الامنية الاسرائيلية قيام هؤلاء المتعصبين باستخدام الأسلحة لمواجهة الجيش ومنع اخلاء البؤر الاستيطانية.

مع ذلك لا يرى الشاباك الاسرائيلي حاجة الى تغيير معايير الحراسة الحالية التي يحظى بها رئيس الحكومة، والتي يعتبرها الشاباك شديدة بما يكفي، علما انه تم تغييرها بعد اغتيال رابين وبموجب توصيات لجنة شمغار التي حققت في عملية الاغتيال.

لكن الشاباك لا يستبعد اعادة النظر في هذا القرار، مع ازدياد التهديدات المتوقع تزامنه مع التقدم في تطبيق خارطة الطريق. وقال مصدر في الجهاز الامني ان الشاباك الاسرائيلي قد يقلص ظهور شارون بين الجمهور بشكل اكبر، علما انه يكاد لا يظهر بين الجمهور، باستثناء اجتماعات الليكود، منذ انتخابه.

الى ذلك، علم ان المستشار القضائي للحكومة، الياكيم روبنشطاين، ينوي استدعاء قادة الشاباك والجيش والشرطة، الاسبوع المقبل، للاتفاق على سياسة عمل محددة ضد اليمين المتطرف استعداداً لاخلاء البؤر الاستيطانية.

وكان روبنشطاين، وعلى غير العادة، قد اصدر، امس، بيانا، حذر فيه من التحريض السياسي، وذلك قبيل ساعات من تظاهرة اليمين في القدس، التي تهرب منها، امس، العديد من اقطاب اليمين المتطرف، وعلى رأسهم افيغدور ليبرمان وعوزي لنداو وتساحي هنغبي، وبنيامين نتنياهو، خوفا من توفير مظلة لشعارات شديدة التطرف ضد شارون، على غرار تلك التي وفر بعضهم مظلة لها عندما رفعت في الميدان نفسه ضد رابين.