ما زالت تصريحات رئيس الشاباك يوفال ديسكين التي تباهى فيها بقتل 810 فلسطينيين خلال عامي 2006 و 2007 تثير عاصفة من ردود الأفعال. وتبعها تصريح وزير الأمن الداخلي ورئيس الشاباك السابق أفي ديختر الذي بارك بذلك واعتبره غير كاف، وقال إن العدد الذي يتحدث عنه ديختر هو بمثابة 5% فقط من مجموع ما سماهم «المخربين»(مقاومي الاحتلال) في قطاع غزة.

وادعى ديسكين في جلسة الحكومة التي عقدت يوم أمس إن 200 من الشهداء هم مدنيون، والباقون من فصائل المقاومة. على اعتبار- من وجهة النظر الإسرائيلية- أن قتل المقاومين مشروع بل ويعتبر إنجازا. في حين ذكرت صحيفة هآرتس أن نصف الشهداء هم من عناصر المقاومة والنصف الآخر هم مدنيون.

وتعقيبا على تصريحات ديسكين أصدرت منظمة بتسيليم لحقوق الإنسان بيانا تساءلت فيه: هل ماريا عوكل ابنة الخمس سنوات هي أيضا مخربة؟ وأكدت بتسيليم إن من بين من قتلتهم سلطات الاحتلال 152 طفلا، و48 دون الرابعة عشرة، ولم تذكر عدد النساء.

ومضت بتسيليم تقول هل تشمل قائمة ديسكين آية الأسطل أبنة الثماني سنوات ومهند أمين ابن الست سنوات ويحيى أبو سلامية ابن التسع سنوات وأخاه نصر الله ابن الخمس سنوات؟

وتضيف بتسيليم: هل قائمة يوفال ديسكين تشمل ميساء ومرام وسعد ومحمود العثامنة ابناء التسعة شهور؟ وهل هديل ريبان ابنة السابعة ومحمود وسارة أبو رغال أبناء الثمانية، هل هم أيضا يعتبرهم ديسكين مخربين ودمهم مباح.

يذكر أن ديختر ألمح إلى أنه يؤيد شن حملة عسكرية واسعة في قطاع غزة، وقال: تشن ضدنا حرب استنزاف لا تتوقف. وينبغي وقفها. أدعو إلى إجراء تغييرات جذرية في عمليات الجيش في غزة.

وقال النائب جمال زحالقة معقبا على تصريحات ديسكين، إن هناك صمتا دوليا رهيبا وتغاضيا عربيا مريبا على الحرب العدوانية الهمجية التي تشنها قوات الاحتلال ضد أهلنا في قطاع غزة. ما تقوم به إسرائيل ليس عمليات عسكرية هنا وهناك إنما حرب استنزاف مدروسة ومنهجية جرى تصعيدها في الأشهر الأخيرة خاصة بعد أن أعلن باراك عن قطاع غزة كيانا معاديا.

وأضاف زحالقة: تستخدم إسرائيل في هذه الحرب كافة الأساليب الإجرامية الممكنة فهي تقتل المقاومين والمدنيين والأطفال والنساء ووضعت مليون وأربعمائة ألف فلسطيني في سجن كبير وفرضت عليهم عقابا جماعيا مثل حرمانهم من العلاج، حيث توفي أكثر من 60 فلسطينيا نتيجة لذلك، وهذا يدخل ضمن إحصائيات الإسرائيلية. كما تقوم بتقليص المواد الأساسية خاصة الوقود والمواد الغذائية.

وانهى زحالقة بالقول: كلها جرائم حرب تستصرخ ضمير العالم والعرب، ولا يعقل أن يستمر وضع فيه مفاوضات تجرى وحوار وأجواء صافية بين القيادة الفلسطينية في رام الله وحكومة إسرائيل، في الوقت لذي تحوم فيه الطائرات الإسرائيلية في سماء قطاع غزة تقصف وتزرع قتلا ودمارا.

وقال النائب سعيد نفاع معقبا: إن هذا التباهي بقتل الفلسطينيين ليس جديدا ويعكس الأجواء الشوفينية في الدوائر الأمنية والسياسية الإسرائيلية، التي تستبيح دم الفلسطينيين.

وأضاف نفاع قائلا: قبل شهور وقف الجنود المتواجدون في إحدى الثكنات العسكرية القريبة من قطاع غزة مصفقين طويلا لوحدة عسكرية عائدة إلى الثكنة بعد أن قتلت عددا من الفلسطينيين.

وتابع: لقد شهدت جلسة الحكومة الإسرائيلية مزايدات على قتل الفلسطينيين فقد تباهى ديسكين بقتل 810 فلسطينيين إلا أن وزير الأمن الداخلي ورئيس الشاباك السابق آفي ديختر رأى أن ذلك ليس كافيا وأن العدد المذكور هو 5% فقط من عدد نشطاء المقاومة في قطاع غزة البالغ عددهم 20 ألفا. أي بكلمات أخرى هي دعوة لارتكاب مجزرة يذهب ضحيتها عشرين ألف فلسطيني.

وخلص نفاع إلى القول لا يمكن اعتبار الممارسات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين سوى جرائم حرب بامتياز، وينبغي أن يقدم ديسكين وديختر إلى محكمة جرائم الحرب في لاهاي بسبب مسؤوليتهما المباشرة عن تلك الجرائم.

ومن جانبه ندد النائب إبراهيم عبد الله(العربية الموحدة) بتصريحات رئيس الشاباك الإسرائيلي يوفال ديسكين واعتبر ذلك تجسيدا لطغيان غريزة القتل التي لا ترى الحلول إلا من خلال بوابة الدم والمزيد من الدم ، الأمر الذي لن يبشر إلا بتصعيد دائم ومستمر للأوضاع في المنطقة .

وأكد عبد الله أنه قد آن الأوان لإسرائيل أن تغير هذا النهج، وأن تعلم أن الدم لن يُولِّدَ إلا الدم ، وان القتل لن يجلب إلا القتل ، وأنها مهما فعلت ومهما قتلت من الفلسطينيين فلن يزيدهم ذلك إلا تمسكا بحقوقهم المشروعة، وعنادا في دفاعهم عنها، وأنه لا حل يمكن أن يتحقق عبر فوهة البندقية ولا أن ينبت تحت لهيب حمم الصواريخ والقذائف، ولا أن ينمو في أرض تدمرها إسرائيل يوميا وفي أوساط قوم تسومهم أنواع العذاب تذبح أبناءهم ونساءهم ورجالهم وشيوخهم، وإنما يتحقق فقط بزوال الاحتلال الغاشم، وإقامة الدولة المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشريف، واستيفاء باقي الحقوق الفلسطينية التي لم تعد تخفى على أحد..