عقدت الخارجية الإسرائيلية يوم أمس اجتماعا طارئا لبحث «الأزمة الحادة» في العلاقات الإسرائيلية التركية، التي شهدت عدة هزات كان آخرها رفض تركيا مشاركة سلاح الجو الإسرائيلي في مناورات جوية مشتركة على الأراضي التركية.

وتفيد صحيفة "هآرتس"بأنه ثمة توجهين متناقضين في دائرة صنع القرار الإسرائيلية حيال العلاقات مع تركيا، الأول يرى أن تركيا لم تعد معنية بالعلاقات الإستراتيجية مع إسرائيل وأنه ينبغي إعادة النظر في تلك العلاقات، في حين يرى أصحاب الرأي الآخر أنه يمكن إصلاح العلاقات وإعادتها إلى مسارها.

ويقول مسؤول سياسي إن "تعريف العلاقات بأنها إستراتيجية أصبح من جانب واحد، وباتت القيادة التركية وخصوصا رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، غير معنية بعلاقات إستراتيجية مع إسرائيل. ويضيف: "ربما تغيرت الظروف. وببساطة انتهت العلاقات الإستراتيجية التي اعتقدنا أنها قائمة. وربما يتعين علينا أن نكون نحن المبادرين لإعادة النظر بتلك العلاقات واتخاذ خطوات". ويعتقد أصحاب الرأي الأول أنه من بين الدول التي تقيم علاقات مع إسرائيل تعتبر تركيا إحدى الدول المعادية لإسرائيل إن لم تكن أكثرهم عداء.

من جانب آخر وصفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العلاقات بين الجيش التركي والإسرائيلي، وبين وزارة الأمن الإسرائيلية ووزارة الدفاع التركي بأنها ما زالت علاقات ممتازة. ولكن الصحيفة تشير إلى أن رفض مشاركة إسرائيل في المناورات الجوية ينضم إلى سلسلة من الخطوات التركية من بينها إلغاء مشروع مشترك مع الصناعات الجوية الإسرائيلية، وإلغاء زيارة وزير الخارجية التركي بعد أن رفضت إسرائيل السماح له بدخول قطاع غزة، وإعلان تركيا أنها ستطلب طرح تقرير "غولدستون" على طاولة مجلس الأمن الدولي، والفتور في العلاقات الأمنية- الاستراتيجية بين الجانبين.

وتنقل "يديعوت أحرونوت" عن صحيفة "ميلييت" التركية أنها ترجح أن إلغاء المناورات المشتركة هي رسالة تمهد لزيارة رئيس الوزراء أردوغان لإيران، والحوار الاستراتيجي المزمع مع سوريا.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول سياسي أن «أردوغان يقود ثورة هادئة تهدف إلى إعادة تركيا إلى مجدها كإمبراطورية إسلامية». ويرى أن ثمة «مؤشرات مقلقة على أن أردوغان يقود تركيا إلى النموذج الإيراني».
وتنقل عن وزير رفيع المستوى في الحكومة الإسرائيلية قوله:" تتولد مشكلة مع تركيا آخذة في التفاقم، تبدو كقرار سياسي من أردوغان الذي استطاع أن يفرض على الجيش تبريد العلاقات الساخنة جدا مع إسرائيل".

وتقول صحيفة "هآرتس" إنه حسب المعلومات التي بيد إسرائيل فإن قرار رفض مشاركة تركيا جاء بتعليمات من رئيس الوزراء أردوغان. وقال مسؤولون في وزارة الخارجية الإسرائيلية إن أردوغان «هو من يؤجج التوتر ويقود نزعة حادة ضد إسرائيل». وأضافو أن «التوجه السلبي لأردوغان حيال إسرائيل بدأ بعد الحملة العسكرية على قطاع غزة».

كما ترى الخارجية الإسرائليية أن أردوغان "بدأ يتخذ مواقف وصفتها بأنها «متطرفة» حيال المشروع النووي الإيراني. حيث دعا لرفع كافة العقوبات المفروضة على إيران. علاوة على ذلك دعا إلى تركيز الجهود الدولية على المشروع النووي الذي قال عنه أنه أشد خطورة وهو المشروع النووي الإسرائيلي".

رغم ذلك ترى المنظومة الأمنية الإسرائيلية أن «التعاون العسكري بين الجيش التركي والإسرائيلي سيتواصل، ولكنه سيكون في الفترة القريبة أقل بروزا». وحسب التقديرات الأمنية الإسرائيلية فإن المناورات المستقبلية «ستجرى في سماء تركيا دو الإعلان عنها». وتشير الصحيفة إلى أن «تركيا قد شاركت في مناورات بحرية مشتركة أعقبت الحملة العسكرية على قطاع غزة قبالة سواحل أنطاليا».


من الجانب الآخر أعلن وزير الخارجية التركي، أحمد داود أوغلو، الأحد أن بلاده منعت مشاركة إسرائيل في مناورات عسكرية لحلف شمال الأطلسي بسبب العدوان الإسرائيلي على غزة قبل أقل من عام.

وقال أوغلو في مقابلة مع شبكة "شي إن إن" رداً على سؤال حول سبب استبعاد إسرائيل من المناورات: "نأمل أن تتحسن الأوضاع في غزة، وأن تعود الأمور إلى مسارها الدبلوماسي، الأمر الذي يخلق مناخاً إيجابياً وينعكس بالتالي على العلاقات التركية الإسرائيلية." وأردف قائلاً: "لكن في الظروف الحالية، بالطبع نحن ننتقد هذا الأسلوب.. أي الأسلوب الإسرائيلي."

وكان وزير الخارجية التركي قال في وقت سابق إن سبب تأجيل مناورات "نسر الأناضول" مسألة فنية وليست سياسية. وقال أوغلو إنه بعد مشاورات مع الأطراف المعنية، فقد تقرر إجراء مناورات عسكرية وطنية بدلاً من مناورات الناتو.

هذا وكان من المقرر مشاركة إيطاليا والولايات المتحدة في هذه المناورات، غير أنهما انسحبتا منها بعد أن علمتا أنه تم استبعاد إسرائيل من تلك المناورات، وفقاً لما أوردته صحيفة "هآريتس" الإسرائيلية، نقلاً عن مصادر في وزارة الخارجية الإسرائيلية.
على أن المتحدثة باسم السفارة الأمريكية في أنقرة، ديبورا غويدو، قالت إن الولايات المتحدة وحلفاءها طلبوا تأجيل المناورات "على أمل تحديد موعد آخر لاحقاً"، ورفضت تقديم المزيد من الإيضاحات باستثناء قولها: "إننا ننظر إلى هذا الأمر باعتباره تأجيلاً للمناورات وليس إلغاء لها."
يذكر أن المناورات المعروفة باسم "نسر الأناضول"، وهي مناورات جوية، تجري مرة كل عدة أعوام بهدف دعم وتعزيز التعاون العسكري الجوي بين دول الأطلسي، وغالباً ما تجري بين 12 و23 أكتوبر/تشرين الأول.

وتوترت العلاقات بعد أن انتقد رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، الرئيس الإسرائيلي، شمعون بيريز، خلال المنتدى الاقتصاد العالمي في دافوس، واتهمه بقتل الأطفال خلال حرب الأسابيع الستة.