كشف مؤرخ إسرائيلي أنه قرر مغادرة البلاد الشهر المقبل والإقامة في بريطانيا احتجاجا على الأجواء العنصرية داخل إسرائيل، ولفت إلى أنه فقد المشترك بينه وبين أغلبية ساحقة في مجتمعها اليهودي.

وأكد المؤرخ التقدمي إيلان بابه -الذي يعمل أستاذا في التاريخ والعلوم السياسية بجامعة حيفا أن قراره يأتي بعدما ضاقت به السبل في إسرائيل خاصة إثر العدوان على لبنان.

وأضاف "على المؤرخ والمثقف أن يكون قادرا على إدارة حوار مع مجتمعه، ويبدو لي أنه بعد الحرب الثانية على لبنان بل قبل ذلك فقد أشخاص أمثالي ما هو مشترك مع السواد الأعظم من المجتمع اليهودي الإسرائيلي".

وشدد بابه -المعروف بموقفه الداعي إلى إقامة دولة ثنائية القومية في فلسطين كحل للصراع- أن المجتمع الإسرائيلي مجتمع عنصري وانعزالي وعاجز عن فهم تاريخه وعن الاعتراف بجرائمه، لافتا إلى أن هذا يصعّب جدّا التأثير على الإسرائيليين من الداخل.

واستطرد بقوله "كما أنه من الصعب بحث التاريخ وسط ضغوط السلطات، وأرجو أن أواصل كتابة تاريخ البلاد في مؤسسة أكاديمية أكثر انفتاحا ونزاهة".

وأعرب بابه عن أمله أن يعود إلى إسرائيل مؤكدا رغبته في المحافظة على علاقات وطيدة مع كل من يؤمن مثله بأنه في وسع العرب واليهود العيش سويا في البلاد بشرط أن تكون ديمقراطية ومتساوية ولا تميّز بين أحد وآخر على أساس عنصر أو دين أو جنس.

وأضاف "تهيمن إسرائيل اليوم على كافة المساحة الممتدة من نهر الأردن حتى البحر المتوسط وتمارس نظاما احتلاليا يواصل التمييز والطرد"، كما نوه إلى أنه سيعمل من خارج البلاد وداخلها قدر استطاعته مع أصدقائه الفلسطينيين واليهود من أجل تغيير النظام المذكور وعودة اللاجئين، ومن أجل العرب واليهود معا.

وأعرب بابه عن أسفه لوجود خلافات بالجانب الفلسطيني، لافتا إلى أنه استمد التشجيع الكبير من قيام حكومة الوحدة الفلسطينية الوطنية.

وأضاف "أعتقد أننا نحن أصدقاء الشعب الفلسطيني مستعدون للعمل من أجل الحقوق الطبيعية والأساسية للفلسطينيين وننتظر قيادة فلسطينية موحدة تبلور إستراتيجية واضحة لأجل المصالحة والسلام وإنهاء الاحتلال".

وأشار المؤرخ الإسرائيلي إلى أن الفلسطينيين لم يحظوا بعد بقيادة موحدة، لافتا إلى أن ذلك تسبب في غياب إستراتيجية موحدة.

وأضاف "فقط عندما يشترك اللاجئون الفلسطينيون في المخيمات والمنافي وداخل إسرائيل في القيادة المذكورة ويساهمون في صياغة إستراتيجية مستقبلية يكون بمقدورنا نحن أصدقاء الشعب الفلسطيني التحرك بنجاح وممارسة الضغط الكبير على إسرائيل من الخارج بغية إنهاء الاحتلال والعمل من الداخل لبناء مستقبل مشترك".

وقال بابه إن هناك كثيرين في العالم الواسع خاصة ضمن المجتمع المدني والمجتمعات اليهودية في الغرب ممن هم مستعدون للتحرك الآن وهم بحاجة لقيادة وخريطة واضحة.

يشار إلى أن المؤرخ إيلان بابه هو أحد المؤرخين الإسرائيليين الجدد، وقد أصدر سلسلة أبحاث حول تاريخ البلاد آخرها كتاب "التطهير العرقي في فلسطين"، وفيه أشار إلى أن "الصهيونية استغلت حرب 48 كوسيلة لتطبيق خطة تهجير وتطهير عرقي وضعت قبل النكبة بسنوات".