رجحت عناصر سياسية وأمنية إسرائيلية أنه من غير المتوقع أن يقوم الجيش الإسرائيلي بحملة عسكرية واسعة على قطاع غزة، بالرغم مما أسمته بـ"التصعيد الأمني" حول القطاع، وإنما سيكتفي بردود موضعية. وبحسب المصادر ذاتها فمن غير المتوقع أيضاً أن تنعقد اليوم جلسة للمجلس الوزاري السياسي- الأمني.

وكانت قد قالت عناصر في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أن هجمة الصواريخ وقذائف الهاون التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية صباح اليوم، الثلاثاء، كانت بمثابة تغطية لمحاولة أسر جنود من جيش الاحتلال. وقالت مصادر عسكرية إسرائيلية إن العملية على ما يبدو فشلت نتيجة لـ "يقظة الجنود في محيط قطاع غزة والرد السريع لسلاح الجو".

وذكرت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي أن قيادة الجيش تنظر بخطورة بالغة إلى "محاولة حماس اختطاف جنود، وبالذات في يوم استقلال الدولة".

وفي أعقاب إطلاق الصواريخ عقد وزير الأمن، عمير بيرتس، جلسة مشاورات عاجلة شارك فيها رئيس الأركان غابي أشكنازي وعدد من قادة الجيش. واتهم مسؤول أمني رفيع بعد الجلسة حكومة الوحدة الفلسطينية بأنها تشكل غطاء سياسيا لـ "تنظيم إرهابي". فيما أجرى رئيس الوزراء الإسرائيلي، ظهر اليوم مشاورات أمنية، وسيعقد جلسة مشاورات أخرى خلال اليوم من أجل التباحث حول"الرد الإسرائيلي" على إطلاق الصواريخ على المستوطنات الإسرائيلية التي اعتبرتها المقاومة الفلسطينية ردا على جرائم الاحتلال التي ذهب ضحيتها تسعة فلسطينيين في الثلاثة أيام الأخيرة الأخيرين.

وقال مسؤولون إسرائيليون أنه لأول مرة تعلن "حكومة حماس" مسؤوليتها على إطلاق الصواريخ. ودعوا إلى مزيد من المقاطعة للحكومة الفلسطينية.

وعقب نائب رئيس الوزراء وزير ما يسمى بـ"التهديدات الاستراتيجية" المتطرف، أفيغدور ليبرمان، بالقول: "إطلاق الصواريخ المتواصل، الذي استمر أيضا في يوم استقلالنا، أثبت أن ضبط النفس يفسر على أنه ضعف. يجب اتخاذ خطوات فورية تؤمن سلامة سكان سديروت".

وأعلنت كتائب عز الدين القسام، الجناح المسلح لحركة المقاومة الاسلامية (حماس)، اليوم الثلاثاء، انتهاء هدنة مبرمة منذ خمسة أشهر في قطاع غزة رسميا وحمل الدولة العبرية المسؤولية عن ذلك.

وقال أبو عبيدة المتحدث باسم كتائب عز الدين القسام بعد أن استأنفت المقاومة إطلاق الصواريخ على المستوطنات الإسرائيلية من قطاع غزة إنه لا وجود لتهدئة مع إسرائيل قائلاً: "لا يوجد أي تهدئة بيننا وبين الاحتلال، فالاحتلال قضى على التهدئة منذ أن انطلقت ونحن لم نثق منذ البداية في نوايا الاحتلال، ولكن ثبت أمام العالم أن الاحتلال هو الذي يرتكب الجرائم وهو الذي يبدأ بخرق أي اتفاق للتهدئة".

وكان قائد المنطقة الجنوبية لجيش الاحتلال، يوآف غالنت، قد قدم مؤخرا ذرائع لأولمرت لضرب فصائل المقاومة، وعرض خطة عمل إسرائيلية تستهدف المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة.

ويدفع غالنت وثلة من العسكريين باتجاه حملة عسكرية واسعة على قطاع غزة ويحاولون توفير الذرائع والأسباب لها.

وزعم غالنت في كلمة ألقاها في "مركز أورشليم لشؤون والدولة" أنه "يتواجد في قطاع غزة خبراء إرهاب وحرب عصابات إيرانيون من أجل تدريب فصائل المقاومة الفلسطينية". ويعتبر غالنت أن "إيران هي مصدر المعلومات حول استخدام العبوات الناسفة والصواريخ المضادة للدروع" وأن هذه المعلومات "تتدفق للمناطق الفلسطينية ولبنان والعراق".

وأضاف، أن هناك تنقلاً حراً لـ«عناصر إرهابية» بين قطاع غزة ومصر ومن هناك إلى سوريا ولبنان وإيران من أجل المشاركة في التدريبات. وأن خبراء إيرانيين يصلون إلى غزة من أجل مراقبة الوضع عن كثب وإجراء تدريبات".

وبرأيه فإن كتائب شهداء الأقصى، الذراع المسلح لحركة فتح، "قد تحولت إلى تنظيم إيراني، ولإيران تأثير عليها شبيه لتأثيرها على الجهاد الإسلامي".

ويرى أنه في أعقاب فك الارتباط تحولت "التنظيمات الإرهابية في قطاع غزة إلى تركيز عملياتها في إطلاق الصواريخ، وحفر الأنفاق، ومحاولة عبور الحدود من القطاع إلى سيناء، ومن هناك لتسريب عناصر إلى إسرائيل". وبحسب تقديراته "يعمل في غزة خبراء إرهاب وحرب عصابات كثيرون، يتلقون المعرفة والسلاح من الخارج، وبالأساس من إيران، من أجل تنفيذ عمليات ضد إسرائيل".

وحسب أقواله، يبذل الجهاد الإسلامي ولجان المقاومة الشعبية جهودا من أجل إدخال انتحاريين إلى إسرائيل. وأن حماس غير نشطة في الوقت الراهن ولكنها "على استعداد لأن تكون جاهزة للهجوم خلال لحظات". وقال إن حماس قامت بتهريب 30 طنا من المواد المتفجرة من سيناء إلى قطاع غزة في السنة الماضية، وأن "هذا السلاح ليس للاستخدام في الصراع الداخلي مع فتح بل ضد إسرائيل.

واعتبر غالنت أن اختيار الشعب الفلسطيني لحماس في الانتخابات البرلمانية هو "اختيار للإرهاب". ويرى " أن قادة حماس قد يتنازلون عن الإرهاب لفترة محدودة، من أجل التوصل إلى تسوية فيما يتعلق بالحكومة الفلسطينية، ولكنهم لن يتنازلون عن أيدلوجيتهم أبدا".
وكانت مصادر أمنية فلسطينية وشهود عيان أفادت يوم أمس الاثنين أن منطقة التماس مع قطاع غزة شهدت تحركات عسكرية اسرائيلية، وشوهدت عشرات الآليات العسكرية تتمركز على طول حدود التماس شمال قطاع غزة.

وقالت المصادر إن التحركات العسكرية الاسرائيلية والحشود شمال القطاع تنذر ببدء حملة عسكرية واسعة على القطاع، خاصة في ظل التهديدات الإسرائيلية المتواصلة بتنفيذ عدوان واسع بذريعة استمرار إطلاق الصواريخ.

وأوضحت المصادر أن مروحيات إسرائيلية ألقت منشورات بالعربية تتضمن تحذيرا بهذا الصدد. وذكرت ذات المصادر أن حشوداً عسكرية إسرائيلية شوهدت على خطوط التماس شمال قطاع غزة ما ينذر بقرب عملية عسكرية على قطاع غزة.

ورغم التهديدات الاسرائيلية المتواصلة تواصل فصائل المقاومة الفلسطينية شن هجمات صاروخية تجاه المدن والبلدات الإحتلالية، حيث اعترفت مصادر احتلالية اليوم بسقوط ثلاث صواريخ على إحدى المدن شمال القطاع.

وفي المقابل، نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" في موقعها على الشبكة أن الجيش الإسرائيلي ينفي أن يكون الجيش قد ألقى بالمنشورات في مناطق شمال القطاع، والتي تنص على التحذير من دخول الجيش إلى المنطقة خلال 48 ساعة في حال لم يتوقف إطلاق الصواريخ.

كما أشارت الصحيفة إلى أن "طريقة المنشورات" هي عملية متبعة في الجيش منذ سنوات، وهي موجهة في الغالب للمدنيين، وتعلن عن استعدادات الجيش لعمليات عسكرية في منطقة معينة.

كما جاء أن جيش الاحتلال كان قد استخدم طريقة المنشورات طوال السنوات التي كان ينفذ فيها عمليات في قطاع غزة ولبنان أيضاً.