"في كل ما يتعلق بحماية البلدات المتاخمة لقطاع غزة، وبالرغم من معرفة التهديدات والحاجة والطلب العملي، فإنه بكل ما يخص الحفاظ على حياة الإنسان، كانت العملية غير لائقة وغير جادة، حيث استمر ذلك لفترة طويلة، بما فيها فترة إعداد هذا التقرير نوفمبر/ تشرين الثاني 2005"
هذا ما جاء في تقرير مراقب دولة إسرائيل، القاضي المتقاعد ميخا ليندنشطراوس، الذي سمح بنشره والذي يؤكد فيه أن "خطة فك الارتباط شكّلت خطرًا على حياة المواطنين الإسرائيليين".

ومن المتوقع أن يستغل اليمين الإسرائيلي نشر هذا التقرير، لصالح معركته الانتخابية، بصفته عارض الخطة.

ويأتي هذا التقرير، الذي يقع في 27 صفحة، وهو جزء من الفصل الأول من التقرير الكامل الذي أجراه مراقب الدولة في "الوقت الحقيقي" حين تم تنفيذ خطة فك الارتباط الإسرائيلية من قطاع غزة، في الفترة الواقعة بين أغسطس-آب وحتى اكتوبر-تشرين الأول من العام الماضي.

وجاء في التقرير أنه في مايو-أيار 2004 تم عرض خطة حماية أولى لـ83 مستوطنة بمبلغ 4.2 مليار شيكل، إلا أن هذه الخطة لم يتم تحويلها إلى خطة عملية ولم يتم المصادقة عليها.

وقد تم عرض خطة حماية المستوطنات أمام وزير الأمن في يونيو-حزيران 2004، حيث صادق شاؤول موفاز على حماية سبع بلدات متاخمة لقطاع غزة بمبلغ 130 مليون شيكل، إلا أن الخطة لم تنفذ.

وقد تم لاحقًا عرض خطة لحماية 46 مستوطنة حول قطاع غزة، الأولى في 17.11.2004 حيث تم المصادقة عليها في مارس-آذار 2005، وتم رصد ميزانية قدرها 70 مليون شيكل (من أصل 210 مليون شيكل)، ولكن وزارة المالية لم تصادق عليها؛ في فبراير-شباط 2005 كان تداول بين الجبهة الداخلية للجيش الإسرائيلي وبين وزارة الأمن حول إطار الميزانية لتمويل خطة حماية بمبلغ 334 مليون شيكل إلا أن الإطار للميزانية صودق عليه في 19.7.2005 وكان بمبلغ 70 مليون شيكل، مقابل 110 مليون شيكل طالبت بها الجبهة الداخلية لعام 2005 و-100 مليون شيكل لعام 2006. وأكد المراقب أن معظم تركيبة الميزانية التي كان على السلطات القيام بها قبل تنفيذ خطة فك الارتباط لم تنفذ حتى 15.8.2005 – أي بداية تنفيذ خطة فك الارتباط.

* "سديروت بقيت غير محمية" *

وبيّن مراقب الدولة أنه في أكتوبر-تشرين الثاني من العام المنصرم تم تحويل مبلغ 15 مليون شيكل إضافي للجبهة الداخلية في الجيش الإسرائيلي، الذي كان مسؤولا عن تنفيذ خطة فك الارتباط من داخل قطاع غزة، وفي 17.11.2005 توجه مدير عام وزارة الأمن الإسرائيلية إلى وزارة المالية بطلب إكمال ميزانية لمبلغ 210 مليون شيكل – إلا أن ذلك لم يتم.

وأكد مراقب الدولة، القاضي المتقاعد ليندنشطراوس، إنه حتى بعد إكمال خطة فك الارتباط في 12.9.2005، فأن جهاز الأمن لم يكمل بعد أعمال الحماية في البلدات التي تم تحديدها، بالرغم من أنه وفق أمر التنفيذ الذي نشرته مديرية التنفيذ في مايو أيّار من العام نفسه، كان يجب إنهاء هذه الأعمال في أغسطس-آب 2005.

وأردف مراقب الدولة، أنه "حتى موعد إنهاء المراقبة فقد نفذت الجبهة الداخلية اتصالات مع منفذي الحماية بحجم نحو 64% من أصل مبلغ 70 مليون شيكل كان مصادق عليه (قبل إضافة 15 مليون شيكل)، حيث جاء الاستغلال الجزئي للميزانية بسبب عمليات التأخير في المصادقة على الميزانية. وبالتالي بقيت مدينة سديروت والبلدات المتاخمة للجدار – والتي تم شملها في الميزانية الأولى – بدون وسائل حماية عرفها الجيش بأنها ضرورية". وأضاف المراقب انه بعد تنفيذ خطة الارتباط، تم تنفيذ التهديدات وتم إطلاق عشرات صواريخ القسام من قطاع غزة تجاه سديروت والبلدات المتاخمة للقطاع.

وأكد المراقب أنه لم يتم توضيح سبب شمل 46 مستوطنة بمحاذاة قطاع غزة في خطة الحماية المعلن عنها، وان المصادقة على مبلغ 70 مليون شيكل في لجنة الوزراء لشؤون "تطوير" النقب والجليل – في يوليو-تموز العام الماضي - جاءت متأخرة ما شكك في إمكانية تنفيذها حتى موعد تنفيذ خطة الارتباط.

وأضاف المراقب أن الوثائق والمستندات التي فحصها تؤكد أن الجيش لم يدرس قراره عدم حماية المستوطنات المتخمة لقطاع غزة من الصواريخ، واكتفى بغرف مؤمنة فقط – كما كان الأمر في مستوطنات قطاع غزة التي تم الانسحاب منها – في كيبوتس "كيرم شالوم" وناحل عوز" المحاذية للقطاع، وذلك فقط من منطلق الرغبة في عدم المس بالمواطنين الإسرائيليين، وليس منع إطلاق الصواريخ.

وفي الوقت الذي عقب فيه الجيش الإسرائيلي في رده على مراقب الدولة، بأن السبب في تنفيذ الخطة جاء على خلفية تقديم موعد الانسحاب من نهاية العام 2005 إلى نهاية أغسطس-آب، وكذلك استمرار الجدل بين وزارة الأمن والجيش وبين وزارة المالية، يقول مراقب الدولة أن الأجهزة كلها فشلت في إدارة ميزانية فك الارتباط وبالتالي أخّر في أعمال الحماية للبلدات الإسرائيلية المحاذية لقطاع غزة.


وأضاف مراقب الدولة أن التنسيق بين الجبهة الداخلية ووزارة الأمن ووزارة المالية في شأن علاج خطة حماية المستوطنات المحاذية كان غير لائق، لأن خطة الارتباط - بالرغم من المصادقة عليها من قبل مسؤولين كبار في الجيش ووزارة الأمن – لم يتم دعمها بالمصادقة على ميزانيتها لتنفيذها حسب الوقت الذي حدد مسبقًا.

وأضاف مراقب الدولة: لقد قررت قيادة اللواء الجنوبي في الجيش والجبهة الداخلية أن مبلغ 210 مليون شيكل يشكل ميزانية "حد أدنى لحماية 46 بلدة متاخمة لقطاع غزة، ومن هنا فإن مبلغ 85 مليون شيكل الذي تم المصادقة عليه حتى أكتوبر 2005، لن يؤدي إلى حماية هذه البلدات حتى نهاية 2005، حتى "كحد أدنى للحماية" – في الوقت الذي أكدت فيه وزارة الأمن الإسرائيلي أن 55% من الميزانية المصادق عليها لحماية رياض الأطفال في البلدات المهددة بقصف صاروخي.