على الرغم من التصريحات التي صدرت، الثلاثاء، عن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، وأوحت بأن حكومته ستتخذ إجراءات عملية فورية في ما يتعلق بضم مناطق في الضفة الغربية المحتلة إلى السيادة الإسرائيلية، تشير التقديرات إلى أن الخطوات الإسرائيلية ستكون بطيئة ومدروسة وبالتوافق مع الجانب الأميركي، بما يتلاءم مع بنود "صفقة القرن"، وقد تستغرق وقتًا.

وقال مستشار الرئيس الأميركي وصهره، جاريد كوشنر، إن الإدارة الأميركية تأمل أن يجري الضم بعد الانتخابات الإسرائيلية القريبة مطلع شهر نيسان/ أبريل المقبل. وأوضح ردًا على سؤال إن كانت الإدارة تؤيد إجراء الضم في الوقت الحالي، أنه "لا، اتفقنا معهم (الحكومة الإسرائيلية) على تشكيل لجنة لتعد الخرائط. غور الأردن قد تعني أمورًا كثيرة جدًا، وأرغب أن تُحدد كل المعايير، ووقت ذلك سنعرف أيضًا ما هو التجميد (في التوسع الاستيطاني)"، في إشارة إلى البند في "صفقة القرن" الذي ينص على تجميد التوسع الاستيطاني لمدة أربع سنوات خلال المفاوضات.

وأضاف كوشنر في مقابلة مع موقع أميركي، اليوم الخميس، إن الصفقة في "الوقت الحالي هي مستند للشروط" وأن العمل عليه سيستغرق أشهرًا إضافية، وأوضح "أنني آمل أن ينتظروا (إسرائيل)، وبرأيي يجب أن تكون حكومة إسرائيل لنتقدم، لننتظر ما سيحصل"، في إشارة إلى الانتخابات الإسرائيلية.

ولفت تقرير لصحيفة "يسرائيل هيوم" إلى تحول في موقف نتنياهو الذي يتعجّل خطوات الضم وفرض القانون الإسرائيلي على مستوطنات الضفة المحتلة، حتى قبل الانتخابات الإسرائيلية المقررة في الثاني من آذار/ مارس المقبل.

وشددت الصحيفة على أنه بعد أن تعهد نتنياهو بالحصول على موافقة الحكومة في جلستها الأسبوعية التي تعقد يوم الأحد المقبل، على قرار فرض السيادة الإسرائيلية على غور الأردن وشمال البحر الميت، إلا أن المحيطين به خلصوا إلى أنه لم يحن الوقت المناسب بعد لإصدار قرار حكومي في هذا الشأن، وذلك لأسباب "فنيّة"، نظرا للحاجة إلى ما وصفته الصحيفة بـ"إجراءات إدارية معقدة وواسعة".

ونقلت الصحيفة عن مصادر وصفتها بـ"المطلعة"، أن عملية الضم ستستغرق وقتًا أطول لأنها ستتطلب ترسيمًا للخرائط لمطابقتها مع تلك الواردة في خطة ترامب، بالإضافة إلى ضرورة تنسيقها بدقة مع الإدارة الأميركية، وبالتزامن مع ذلك، يجري العمل مع رؤساء التجمعات الاستيطانية في الضفة الغربية المحتلة لضمان إدراج جميع المستوطنات في القرار وفقًا للخطط الرئيسية التي تحددها "صفقة القرن"، والتأكد من أن هذه التجمعات الاستيطانية "لن تتضرر من القرار على المدى الطويل".

ونقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي رافق نتنياهو في رحلته الأخيرة إلى واشنطن (لم تحدده)، قوله إن "مكتب رئيس الحكومة يعمل بجد على إعداد القرار"، مضيفًا أن الحديث يدور عن "عمل معقد يتضمن خرائط وصور جوية"، وعبّر عن أمله "في استكمال إجراءات إعداد القرار في أقرب وقت ممكن"، حتى يتمكن نتنياهو من طرحه لموافقة الحكومة.

يأتي ذلك بالتزامن مع تراجع سفير واشنطن لدى تل أبيب ديفيد فريدمان، عن تصريحات سابقة أكد فيها أن بإمكان إسرائيل البدء "فورا" بضم غور الأردن، وباقي مستوطنات الضفة الغربية، في إطار "صفقة القرن"، حيث أوضح فريدمان في حديث لصحفيين إسرائيليين بواشنطن، أن لجنة أميركية - إسرائيلية مشتركة سيتم تشكيلها لبحث هذه الخطوة.

جاء ذلك في رد فريدمان عن سؤال إزاء إمكانية اتخاذ إسرائيل خطوة أحادية الجانب، لضم غور الأردن وباقي مستوطنات الضفة إليها، بموجب الخطة الأميركية التي أعلنها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب. وقال فريدمان: "تريد الإدارة الأميركية تشكيل لجنة مع إسرائيل لبحث هذه المسألة"، وأضاف "هذه عملية ستتطلب جهدا ودقة وضمان أنها تتوافق مع خطتنا"، وشدد على أنه "سيتم تشكيل اللجنة في أقرب وقت ممكن، وسنحاول الانتهاء بسرعة، لكني لا أعرف مدة الوقت الذي يستغرقه ذلك".

كما رفض نتنياهو، الإجابة على أسئلة الصحافيين حول الضم، وذلك عندما سأل عن هذه المسألة قبل صعوده على متن الطائرة في مطار واشنطن متجهًا إلى العاصمة الروسية، موسكو، واكتفى بالقول: "ستكون الأمور على ما يرام".

ونقلت هيئة البث الإسرائيلية (كان) عن مصادر لم تحددها أن المسؤولين في قائمة "كاحول لافان" التي تصدرت نتائج الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة، تواصلوا مع البيت الأبيض، مساء الأربعاء، وحذروا من خطوة أحادية الجانب لفرض السيادة الإسرائيلي في غور الأردن وشمال البحر الميت والمستوطنات في الضفة الغربية المحتلة في وقت قريب.

وأشارت الهيئة إلى أنه على الرغم من زخم التصريحات التي صدرت عن مسؤولين في الحكومة الإسرائيلية بشأن "الضم الفوري" لمناطق في الضفة الغربية المحتلة، إلا أن الحكومة الإسرائيلية لم تتوجه حتى هذه اللحظة، أي طلب للمستشار القضائي للحكومة، لإصدار وجهة نظر قانونية في هذا الخصوص، وأوضحت القناة الرسمية أن الحكومة لا تستطيع اتخاذ أي قرار حول الضم دون إصدار وجهة نظر قانونية مفصلة "قد يستغرق إعدادها عدة أيام".

وعلى صلة، نقلت "يسرائيل هيوم" عن دبلوماسي غربي قوله: إن "ترحيب الدول الأوروبية بـ‘صفقة القرن‘ ليس مصادفة"، موضحًا أن كوشنر والمنظومة الدبلوماسية في البيت الأبيض، أجروا استعدادات مكثفة قبل إعلان ترامب عن تفاصيل "صفقة القرن"، لتلقي دعم أوروبي ودولي فور طرح الخطة الأميركية، وبرز ذلك في ردود الفعل الأوروبية غير القاطعة في موقفها من الصفقة، بما في ذلك المملكة المتحدة وفرنسا والنمسا وكذلك في الاتحاد الأوروبي.

وأفادت الصحيفة بأن مستشار الرئيس الأميركي وصهره، جاريد كوشنر، أطلع كبار الدبلوماسيين في واشنطن على تفاصيل "صفقة القرن" الأميركية، في إحاطة شارك فيها عدد من السفراء لدى واشنطن، طلبًا دعمهم في تقديمها إلى المجتمع الدولي.

ي المقابل، أطلع كوشنر، خلال اتصال هاتفي، الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، على "صفقة القرن" الأميركية، حيث أعلن المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، استيفان دوغريك، عن "تلقي الأمين العام غوتيريش مكالمة هاتفية، الثلاثاء، من كوشنر، بشأن الخطة الأميركية للسلام".

ورافضًا تحديد موقف من الخطة، المعروفة إعلاميًا بـ"صفقة القرن"، أضاف دوغريك، خلال مؤتمر صحافي: "لا أريد الانجذاب إلى توصيف أو تقييم خطة الرئيس الأميركي"، وكرر الإعراب عن موقف المنظمة الدولية بقوله: "لدينا محددات نلتزم بها، وتتمثل في قرارات مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة، ونحن نعمل على تنفيذها".

وأردف: "أعرب غوتيريش، مرارًا عن موقفه (إزاء عملية السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل)، ولن نتوقف عن مساعدة الفلسطينيين وإسرائيل لتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.. ولدينا المنسق الخاص (نيكولاي ميلادينوف) يفعل ما في وسعه في هذا الصدد، وأعربنا كثيرًا عن قلقنا إزاء الابتعاد عن حل الدولتين".

وتعتبر قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة ذات الصلة بالقضية الفلسطينية أن حل الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية هو الطريق الوحيد لإحلال السلام في الشرق الأوسط. وتؤكد تلك القرارات على عدم شرعية الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وضرورة إيقافه فورًا، وانسحاب إسرائيل من كافة الأراضي الفلسطينية التي تحتلها منذ عام 1967، بما فيها القدس الشرقية، التي ينبغي أن تكون عاصمة للدولة الفلسطينية المستقبلية.

وأعلن ترامب، الثلاثاء، الخطوط الرئيسية لخطته التي يرفضها الفلسطينيون، وتتضمن إقامة دولة فلسطينية "متصلة" في صورة "أرخبيل" تربطه جسور وأنفاق بلا مطار ولا ميناء بحري، وعاصمتها "في أجزاء من القدس الشرقية"، مع جعل مدينة القدس المحتلة عاصمة موحدة مزعومة لإسرائيل.

اقرأ/ي أيضًا | لجنة أميركية إسرائيلية مشتركة تمهيدًا للضم