شرع رئيس الحكومة الإسرائيلية وزعيم حزب "الليكود"، بنيامين نتنياهو، بمشاوراته في محاولة لتشكيل الحكومة المقبلة، على وقع مخاوف من العودة إلى انتخابات جديدة في ظل الأزمة المتواصلة التي تعصف بالنظام السياسي الإسرائيلي، والتي عمّقتها نتائج انتخابات الكنيست الـ24، مع تشبث نتنياهو في الحكم وانقسام المعسكرات حول شخصه.

تابعوا تطبيق "عرب ٤٨"... سرعة الخبر | دقة المعلومات | عمق التحليلات

وفي هذه الأثناء، يعمل رؤساء أحزاب المعسكر المناوئ على ترتيب أوراقهم ومراقبة خطوات نتنياهو، إذ يجتهد رئيس حزب "يش عتيد"، يائير لبيد، باستعراض "مخططاته البديلة" على حساباته الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي، في الوقت الذي يقدم فيه رئيس حزب "تيكفا حداشا"، غدعون ساعر، نفسه، على أنه الوسيط بين لبيد وبين رئيس حزب "يمينا"، نفتالي بينيت، الذي "يرقص في عرسين"، على حد تعبير محلل الشؤون الحزبية في صحيفة "هآرتس"، يوسي فيرتر.

وفي المرحلة الأولى، سيعمل نتنياهو على التواصل مع قادة أحزاب معسكره لضمان عدم وجود منشقين بينهم، فيما سيحاول جذب أعضاء كنيست من الأحزاب اليمينية في المعسكر المناوئ إلى طرفه، خصوصا من أولئك الذين التحقوا بحزب ساعر، الليكودي السابق، فيما يلتقي بنفتالي بينيت، يوم غد، الخميس، في حين يبقي على ورقة "القائمة الموحدة" في جعبته لاستخدامها عندما تسنح الفرصة لتشكيل حكومة بقيادته، على الرغم المعارضة الحثيثة التي أبداها قادة تحالف الصهيونية الدينية والكاهانية لهذه الإمكانية، غير أن جميع الخيارات لا تزال مفتوحة.

ووفقا للتصريحات الصادرة عن كل من بينيت وساعر ورئيس حزب "الصهيونية الدينية"، بتسلئيل سموتريتش، تبدو مهمة نتنياهو لتشكيل حكومته السادسة في غاية التعقيد، على الرغم من التصريحات التي صدرت عنه أمس، وشدد فيها على أن "مهمة تشكيل الحكومة الجديدة ليست سهلة وليست مستحيلة"؛ وفيما أشارت القناة العامة الإسرائيلية ("كان 11") إلى أن نتنياهو يبحث إمكانية تشكيل حكومة تدعمها "القائمة الموحدة" والصهيونية الدينية من الخارج، دون الانضمام إليها، فيما تؤكد القناة 12 أن سموتريتش يرفض بشدة إمكانية التعاون مع رئيس "الموحدة"، منصور عبّاس، حتى من خلال هذه الصيغة.

يأتي ذلك في ظل تصريحات منصور عبّاس خلال جولة المشاورات التي عقدها الرئيس الإسرائيلي، رؤوفين ريفلين، يوم الإثنين الماضي، قال فيها عباس إنه منفتح على التعامل مع نتنياهو أو المعسكر المناوئ للأخير، إذا كان ذلك يساعد في تحسين مستويات المعيشة للعرب داخل إسرائيل. لكن حزب الصهيونية الدينية يرفض بشدة الجلوس مع "القائمة الموحدة" في الحكومة، أو في حكومة تدعمها "الموحدة" من الخارج، مما يعقد آفاق ائتلاف نتنياهو.

وفي المعسكر المقابل، أكد كل من ساعر وبينيت رفضهم لإمكانية المشاركة في حكومة تدعمها القائمة المشتركة التي امتنعت عن التوصية؛ غير أنهما قد يدرسان المشاركة في حكومة تقوم على دعم "القائمة الموحدة"، بحسب القناة العامة الإسرائيلية ("كان 11")، التي نقلت عن مسؤولين في "يمينا" و"تيكفا حداشا" نفيهم لهذا السيناريو.

وما أن أعلن الرئيس الإسرائيلي تكليف نتنياهو بمهمة تشكيل الحكومة المقبلة، تلقت عضوتا الكنيست عن "تيكفا حداشا"، يفعات شاشا - بيتون وشاران هسكيل، اللتين كانتا عضوتين سابقتين في الليكود، عرضا للانضمام إلى الليكود مقابل تعينهما في مناصب وزارية، غير أنهما رفضتان وأخطرتا قيادة الحزب بالعروض التي تلقتاها.

بينيت يترقب فشل نتنياهو

من جانبه، نُقل عن بينيت قوله في الجلسات المغلقة، إنه "سيشكل حكومة مع لبيد، فور فشل نتنياهو"، وذلك على الرغم من تصريحاته في المؤتمر الصحافي الذي عقده أمس، وشدد خلاله على ضرورة تشكيل "حكومة يمينية مستقرة"، معتبرا أن الناخب الإسرائيلي حسم المعركة على هوية الحكومة المقبلة، واختار اليمين، وذلك في ظل هيمنة الأحزاب اليمينية على تركيبة الكنيست.

وخلال الأيام الـ28 المقبلة، سيعمل الليكود على طرح مشاريع قوانين كان كل من بينيت وساعر قد قدمها في الماضي، بهدف إحداث شرخ بين أحزاب اليمين واليسار وسط في المعسكر المناوئ لنتنياهو، إذا ما قرر بينيت وساعر توجيه حزبيهما لدعم هذه القوانين ذات الصبغة اليمينية. ووفقا للقناة 11، فإن بينيت مفتوح على الخيارين، تشكيل حكومة يمينية بقيادة نتنياهو أو تشكيل حكومة تناوب مع لبيد.

في غضون ذلك، تشتد المعركة على تركيبة اللجنة المنظمة للكنيسا. في حين طرحت عرض على الكتل البرلمانية إحدى الصيغتين؛ التركيبة الأولى: 10 أعضاء من معسكر نتنياهو، و10 أعضاء من المعسكر المناوئ، وعضو من "يمينا" وآخر من "القائمة الموحدة. التركيبة الثانية: 14 من معسكر نتنياهو، و16من المعسكر المناوئ، 2 من "يمينا"، وعضو واحد من "القائمة الموحدة".

لبيد يستعرض حكومة يرغب بتشكيلها

وقدم لبيد اليوم، على حسابه بموقع "فيسبوك" الحكومة التي يرغب في تشكيلها، إذا فشل نتنياهو هذه المهمة. وبحسب لبيد، ستكون حكومته "حكومة توافق وطني. لن يحصل أحد على كل ما يريد، لكن سيكون هناك توازن يجبرنا على التركيز على أهداف عملية".

وكتب لبيد على أنه "المرحلة الأولى لم تأت في صالحنا. حصل نتنياهو على التفويض، لكن هذا لا يعني أننا سنتوقف عن العمل. إسرائيل دولة جريحة؛ اقتصاديا واجتماعيا ووطنيا. ومهمتنا أن نفعل كل شيء للتغيير"، ورفض لبيد تقسيم المعسكر المناوئ لنتنياهو على أساس حسابات اليمين واليسار، مشددا على أن حكومته "ستكون حكومة الإسرائيليين القلقين. أولئك الذين يعتقدون أنه يجب التركيز في الوقت الحالي على سبل العيش والسلام في المجتمع الإسرائيلي".

وقال لبيد إن حكومته ستتشكل من "3 أحزاب يمينية ("يمينا" و"تيكفا حداشا" و"يسرائيل بيتينو") وحزبين وسطيين ("كاحول لافان" و"يش عتيد") بالإضافة إلى حزبين يساريين ("العمل" و"ميرتس")؛ هذا يعني أنه لن يحصل أحد على كل ما يريد، ولكن سيكون هناك توازن يجبرنا على التركيز على أهداف عملية: الميزانية، والصحة، والتعليم، والحاجة الملحة لإخماد النيران في المجتمع الإسرائيلي".