تشير التقديرات إلى أن إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الثلاثاء، عن الخطة التي أعدها البيت الأبيض، بادعاء التوصل إلى تسوية سياسية في الشرق الأوسط تشمل إنهاء الصراع العربي/ فلسطيني - الإسرائيلي، سيؤدي إلى غضب جماهيري عارم قد يقود إلى تصعيد في المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1967، وسط مؤشرات على أن القيادة الفلسطينية ستطلق العنان لهذه الاحتجاجات، بعدم لجمها على أقل تقدير.

يأتي ذلك في ظل التصريحات التي أدلى بها الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، خلال الاجتماع الذي عقده الأحد، مع قيادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، وتم تسريبها إلى وسائل الإعلام، الإثنين، أكد خلالها أن السلطة الفلسطينية ستكون "في حالة طوارئ في الأيام المقبلة"، مشددًا على أنه قال "لا لـ‘صفقة القرن‘.. وسأبقى أقول لا".

وفي هذا السياق، أبلغ عباس، أعضاء في حركة "فتح"، خلال جلسات مغلقة، أنه تلقى تهديدات بـ"دفع ثمن عدم الرد على اتصال هاتفي" من الرئيس الأميركي، لمناقشة "صفقة القرن" التي يعتبرها الفلسطينيون "ميتة أصلا".

جاء ذلك وفق ما نقلت قناة "الجزيرة" عن مصادر فلسطينية، وذلك في أعقاب تأكيد مسؤولين فلسطينيين رفض عباس محاولات عدة قام بها ترامب لمناقشة خطة السلام المرتقبة؛ وقال المسؤولون إن البيت الأبيض حاول خلال الأشهر الأخيرة إجراء اتصالات غير مباشرة مع الرئيس الفلسطيني، لكنها قوبلت جميعها بالرفض.

وأضاف مسؤول فلسطيني فضل عدم الكشف عن اسمه "لن يكون هناك نقاش مع الأميركيين. والرئيس متمسك بحل على أساس دولة فلسطينية مستقلة على حدود العام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية".

لقاء سابق بين عباس وترامب

هذا ودعا الرئيس الفلسطيني، مساء اليوم، إلى عقد اجتماع طارئ للقيادة الفلسطينية، وذلك يوم غد الثلاثاء الساعة السابعة مساء، في مقر الرئاسة بمدينة رام الله.

وذكرت تقارير صحافية، أن الرئيس الفلسطيني، حذر خلال اجتماعه بقيادات حركة "فتح"، أمس، الأحد، من التطورات المتوقعة في الضفة الغربية في أعقاب الإعلان عن خطة ترامب المقرر غدًا. وحول التصعيد المتوقع، قال عباس: "لن يتجنب المتظاهرون مواجهة قوات الجيش الإسرائيلي عند نقاط الاحتكاك في الضفة الغربية".

ووفقا للتقارير التي تداولتها وسائل الإعلام الإسرائيلية، أكد عباس أن القيادة الفلسطينية أبلغت مصر أنها ستسمح للفلسطينيين بالتعبير عن رفضهم لـ"صفقة القرن"، وقال: "أمامنا أيام صعبة ويجب أن نتحمل عواقب رفض الخطة، مهما كانت".

ونقلت القناة 12 عن مصادر حضرت اجتماع عباس بقيادات "فتح"، أن الرئيس الفلسطيني، رجح اندلاع تظاهرات شعبية حاشدة رفضًا للخطة الأميركية، وشدد على أنه "لن يتم توجيه قوات الأمن الفلسطينية لمنع المتظاهرين من الوصول إلى نقاط الاحتكاك مع الجيش الإسرائيلي".

وفي محادثة مع وزير الخارجية البريطاني، دومينيك راب، أكد عباس، مساء اليوم، أنه "نحن جاهزون لتحقيق السلام وفق قرارات الشرعية الدولية، ومستعدون لمفاوضات تشارك فيها الرباعية الدولية وعدد من الدول الأخرى، ولن نقبل بأي دور للولايات المتحدة لوحدها في العملية السياسية، وذلك جراء انحيازها الواضح".

تعزيزات أمنية للاحتلال في الضفة

وعلى صلة، عزز جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم، إجراءاته الأمنية وتواجده العسكري على المدخل الشمالي لمدينة البيرة، وسط الضفة الغربية، تحسبا لخروج مسيرات فلسطينية رافضة لـ"صفقة القرن" الأميركية المزعومة.

وأفادت مصادر صحافية بأن الجيش أغلق بالسواتر الترابية طريقا قرب مستوطنة "بيت إيل"، المقامة على أراضي مدينة البيرة، كما أغلق بوابة حديدية على الطريق الواصل بين المدينة ومخيم الجلزون للاجئين.

وذكرت المصادر أن الجيش نصب خياما على تلة قبالة مدينة البيرة، وأطلق منطادا يُعتقد أنه يحمل كاميرات مراقبة. كما شوهدت، جيبات عسكرية وجرافات إسرائيلية تتواجد بكثافة قرب المستوطنة المذكورة.

يأتي ذلك عقب دعوات وجهتها فصائل وناشطون فلسطينيون ونشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، لخروج مسيرات رافضة لخطة الإدارة الأميركية لتصفية الحقوق الفلسطينية، والتي سيعلن عنها الرئيس الأميركي، مساء يوم غد، الثلاثاء.

وفي مؤتمر لدى استقباله "صديقه" رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، أن خطته لتسوية النزاع في الشرق الأوسط التي سيعرضها الثلاثاء لديها "فرصة" في النجاح رغم رفض الفلسطينيين القاطع لها.

وقال ترامب إن الصفقة المزعومة "هي خطة مهمة للشرق الأوسط سيحبها نتنياهو وخصمه (زعيم المعارضة بيني غانتس)"، مضيفاً "نحن قريبون جداً للسلام".

دعوة للسفراء العرب والمسلمين إلى مقاطعة حضور إعلان "صفقة القرن"

وفي بيان صدر عن الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، مساء اليوم، الإثنين، قال: "إننا نهيب بالسفراء العرب والمسلمين الذين وجهت لهم دعوات لحضور إعلان ‘صفقة القرن‘ المشؤومة غدًا، بعدم المشاركة في هذه المراسم التي نعتبرها مؤامرة تهدف إلى النيل من حقوق شعبنا الفلسطيني وإفشال قيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية".

وأضاف أبو ردينة "إننا علمنا بأن عددا من سفراء الدول العربية والإسلامية الشقيقة الذين وجهت لهم دعوات رفضوا المشاركة"، مؤكدا أن الشعب الفلسطيني وقيادته الوطنية "يثمنون ويقدرون المواقف المشرفة لهذه الدول تجاه قضيتنا وشعبنا".

رفض فلسطيني تام

وأعلن الفلسطينيون في تصريحات لمسؤولين حكوميين رفيعي المستوى وقادة في جميع الفصائل الفلسطينية، عن رفضهم للصفقة الأميركية المزعومة التي تبدد حلمهم بإقامة دولة مستقلة ذات سيادة عاصمتها مدينة القدس، وعملهم على مواجهتها وإفشالها.

من جانبه، أكد رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية رفض الخطة باعتبارها "تصفية للقضية الفلسطينية"، مضيفا "نطالب المجتمع الدولي أن لا يكون شريكا فيها لأنها تتعارض مع أبجديات القانون الدولي وحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف".

وقال إن الإعلان عن "هذه الخطة في هذا التوقيت ما هو إلا "لحماية ترامب من العزل وحماية نتنياهو من السجن، وليست خطة سلام للشرق الأوسط".

وهدد الفلسطينيون الأحد بالانسحاب من اتفاقية أوسلو التي تحدد العلاقة مع إسرائيل في حال أعلن ترامب خطته المرتقبة. وقال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، إن "خطواتنا للرد على إعلان صفقة القرن تتمثل بإعلان تنفيذ قرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير وأبرزها إعلان انتهاء المرحلة الانتقالية".

كما رفضت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أيضا الخطة. وصرح رئيس المكتب السياسي للحركة، إسماعيل هنية، أن خطة السلام الأميركية "لن تمر"، مشيرا إلى أنها قد تقود الفلسطينيين "إلى مرحلة جديدة في نضالهم".

ودعا حركة فتح والفصائل الفلسطينية إلى الاجتماع في القاهرة "لنتوحد في خندق الدفاع عن قدسنا وحرمنا وحرماتنا".

اقرأ/ي أيضًا | اشتراطات خليجية للمشاركة في "صفقة القرن": دولة فلسطينية دون تحديد إطارها