اسم في الأخبار: سرت... «معقل» العقيد
برز اسم مدينة سرت الليبية قبل الثورة الليبية الحالية عندما فضلها العقيد معمر القذافي على شقيقتها طرابلس لاستضافة القمة العربية في العام الماضي، كونها مسقط رأسه.
جغرافياً، فالمدينة صحراوية تطل على البحر الأبيض المتوسط وتقع في منتصف الساحل الليبي بين طرابلس وبنغازي. على خط طول 31:12:19 شمالا ودائرة عرض 16:35:18 غربا وتبعد عن العاصمة طرابلس 450 كلم شرقا. تجمع في طقسها بين الاعتدال البحري والطقس الصحراوي.
وتعتبر مدينة سرت الآن من المواقع البالغة الأهمية حيث تحتل موقعا متوسطا بين شرق ليبيا وغربها، وهي في الوقت نفسه تعتبر بوابة للمناطق الداخلية بفزان، ويمكن اتخاذها قاعدة للانطلاق إلى الواحات التي تقع إلى الشرق والجنوب.
في أواخر التسعينات من القرن العشرين شهدت المدينة أهم حدثين في تاريخها هما اعلان الاتحاد الأفريقي في 9 سبتمبر 1999 بمجمّع قاعات واقادوقو الذي هو من معالمها الشهيرة وتوقيع اتفاق سلام البحيرات العظمى. وتعقد فيها بشكل دوري اجتماعات مؤتمر الشعب العام الليبي، وتنظم فيها المؤتمرات الدولية ومؤتمرات القمة. وقد رشحت لتستظيف بعض مقار الاتحاد الأفريقي الوليد. كما عقدت في قاعات واقادوقو بسرت القمة العربية الثانية والعشر
التركيبة السكانية: عدد سكان المدينة حوالي 70 ألف نسمة، أما عدد سكان "الشعبية" فيبلغ 141495 نسمة، يعيشون على العمل في مجال تربية الماشية والإبل في المساحات الشاسعة من الأراضي الرعوية.
ويعتبر العقيد القذافي أشهر شخصية تنتمي إلى هذه المدينة، فهي مسقط رأسه حوالي 1942. ومنذ وصوله إلى السلطة في 1969 اكتسبت اهمية خاصة. حيث نقلت إليها معظم الوزارات في فترة الثمانيات والتسعينات وبني فيها مجموعة من المباني الحديثة أهمها قاعة واقادوقو الضخمة للمؤتمرات. وهي مسقط رأس السيد أحمد سيف النصر أحد قادة الجهاد الليبي فترة الغزو الإيطالي ومسقط رأس ومدفن((الولي الشريف سيدي بن همال))9 ذائع الصيت في المنطقه وماحولها جد الهمامله في ليبيا.
ويراهن الليبيون على هدوء سرت وحيادها، وأنها آخر مدينة ليبية سوف تسقط في يد الثورة، ويقولون إن المدينة التي لم يعد بها من أقارب القذافي سوى أخته، لن تحتضنه، ولن تكون ملاذا أخيرا له، فأمنيا هي لا تصلح لذلك، لأنها أصبحت بمثابة فضاء سياحي مكشوف، بعد أن غير القذافي معالمها التاريخية، وحولها إلى منتجع لإدارات الحكومة، فأصبحت تضم مجمع الأمانات، ويشمل قصر المؤتمرات الضخم ومقار بعض الوزارات، والمقر الرئيسي لمؤتمر الشعب العام (البرلمان)، وبها جامعة سرت، إحدى أكبر الجامعات الليبية، كما تتوافر بها شبكات الطرق الحديثة والمجمعات السياحية والاستراحات.
ويصعب من لجوء القذافي إلى سرت، بحسب الليبيين أنفسهم، أنه يلتقي عندها أنبوبا النهر الصناعي العظيم القادم من واحات السرير والكفرة، والآخر القادم من جبل الحساونة، ليشكلا أطول وأضخم شبكة لنقل المياه في العالم. ويتجمع الماء القادم في بحيرتين صناعيتين معلقتين، سعة الأولى أربعة ملايين متر مكعب، وسعة الثانية 17 مليون متر مكعب، ويؤكد الليبيون أن اندلاع أي اشتباكات عسكرية في سرت قد يعرض هذه المنشآت للخطر.
نشأت مدينة سرت في حوالي منتصف القرن الثامن الميلادي على مكان قرية بونيقية عرفت باسم كراكس كما عرفت خلال السيطرة الرومانية باسم أتشينا. ذكر عدد من الرحالة والجغرافيين مدينة سرت كابن حوقل الذي قال عنها في القرن العاشر الميلادي: "وسرت مدينة ذات سور صالح كالمنيع من طين وطابية وبها قبائل من البربر ولهم مزارع في نفس البرّ تقصد نواحيها إذا مُطرت وتنتجع مراعيها ولها من وجوه الأموال والغلات والصدقات في سائمة الإبل والغنم ما يزيد على حال اجدابيه ومالها في وقتنا هذا وبها نخيل تجتنى أرطابها وليس بها من القصب والتمر ما تذكر حاله لأنّ نخيلهم بقدر كفايتهم ولهم أعناب وفواكه وأسعارهم صالحة على مرّ الأوقات، والمتّلي صدقاتهم وجباياتهم وخراجاتهم وما يجب على القوافل المجتازة بهم صاحب صلاتهم واليه جميع مجارى أمر البلد والنظر فيه وفيما ورد إليه وصدر في استيفاء ضرائبه ولوازمه واعتبار السجلات والمناشير بمواجب ما على الأمتعة وتصفّحها خوف الحيلة الواقعة دون الأداء عنه بافريقية ودخلها أوفر من دخل اجدابيه لما ذكرت، وهى عن غلوة سهم عن البحر في مستواة من رمل وترد المراكب أيضا عليها بالمتاع وتصدر عنها بشيء منه كالشبّ السرتي فإنّه بها غزير كثير وبالصوف أيضا ولحوم المعز أغذى فيها من الضأن وأنفع وتقوم لحوم الضأن فيها مقام لحم المعز بغيرها لأنّها غير ملائمة لأهلها وللسافرة المجتازين من أجل مراعيها وشرب أهلها من ماء المطر المختزن في المواجل".
القذافي في صورة جماعية مع "القادة العرب" في سرت العام الماضي
وقد تولى إنشاءها قائم مقام قضاء سرت عمر باشا المنتصر الذي استمر في منصبه أكثر من 20 سنة أشرف فيها على تأسيس المدينة ووطن بها من يرغب من قبائل البادية يذكر منهم (القذاذفة والعمامرة والهماملة والورفلة والفرجان ومعدان وقماطة ولحسون وأولاد سليمان والجماعات ووالمزاوغة والربايع والمشاشي وأولاد وافي والمغاربة والهوانة والزياينة وغيرهم)، كما نقل إليها عدد من العائلات من مصراتة، وأسس بها في سنة 1898م الزاوية المعروفة اليوم بجامع بن شفيع، والتي تعد اليوم أهم المعالم القديمة بمدينة سرت، وقد عرفت بهذا الاسم نسبة إلى الشيخ محمد علي بن أحمد الشفيع السناري الذي تولى مشيخة الزاوية منذ تأسيسها وحتى وفاته.