ما تداعيات الحظر الأميركي على الخام الروسي؟
تصاعدت في الأيام الأخيرة الدعوات المطالبة بحظر استيراد النفط الروسي خصوصًا في واشنطن في أعقاب غزو روسيا لأوكرانيا.
وقدمت مجموعة من المشرعين من الحزبين، الأسبوع الماضي، مشروع "قانون واردات الطاقة الروسية"، والذي من شأنه الإعلان عن حالة طوارئ وطنية نتيجة للغزو الروسي وحظر جميع واردات الولايات المتحدة من الطاقة الروسية.
وكانت إدارة الرئيس، جو بايدن، قد عارضت في البدء حظرا أميركيا على النفط خشية تفاقم التضخم وارتفاع الأسعار في المحطات. لكن مع تصاعد السخط الشعبي إزاء موسكو، يقول البيت الأبيض الآن إنه يخوض نقاشات مع الحلفاء بشأن فرض حظر وبموازاة العمل على ضمان إمدادات نفطية ملائمة، علما بأن أي قرار لم يُتخذ بعد.
في ما يلي بعض الأسئلة الرئيسية ذات الصلة:
كيف سيكون تأثير فرض حظر على سوق النفط الأميركي؟
تبلغ حصة روسيا أقل من 10% من واردات الولايات المتحدة من منتجات النفط والبترول والتي تشمل المازوت، وهو وقود متدني النوعية يمكن تكريره وتحويله إلى منتجات ذات نوعية أعلى.
وتعني الحصة الضئيلة نسبيا من سوق الطاقة الأميركية أنه "أسهل للولايات المتحدة من أي جهة أخرى" حظر تلك الواردات، وفق الباحث لدى مركز سياسة الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا أنطوان هالف. وقال إنه "لن أقلل مما يتطلبه الأمر لسد نقص النفط الروسي، لكنه قابل للتحقيق".
ما التداعيات على أسعار النفط؟
وحتى من دون حظر، ارتفعت أسعار النفط بنسبة 30% على وقع الغزو الروسي. وبلغ متوسط أسعار البنزين في الولايات المتحدة 4,07 دولار للغالون، أمس الإثنين، أي بزيادة بمقدار 0,62 دولار مقارنة بالشهر الماضي، وأعلى بنسبة 47% عن معدل العام الماضي.
وفرضت واشنطن وبروكسل عقوبات اقتصادية قاسية على موسكو بهدف عزل روسيا عن الاقتصاد العالمي وقطع مصادر تمويلها. لكن العقوبات استثنت تحديدا التعاملات المتعلقة بالطاقة.
ومع ذلك يقول خبراء إن بعض أسباب ارتفاع الأسعار تعود لمشترين "يفرضون عقوبات ذاتية"، ويتجنبون شراء النفط الروسي.
ويعتقد المستشار في شؤون النفط في هيوستن، أندرو ليبو، أن السوق قامت بتسعير قرابة ثلاثة ملايين برميل يوميا من الإنتاج المعطّل، بسبب إجراءات مثل رفض مالكي الناقلات تحميل النفط الروسي أو انسحاب التجار لنقص التمويل المصرفي بسبب العقوبات الغربية.
وقال ليبو إنه "لا أحد يريد شراء حمولة نفط خام تُصادر فيما بعد لأنها كانت مخالفة للعقوبات"، مشيرا إلى القلق إزاء شراء خام "ملوث" بارتباط مع كيان خاضع لعقوبات.
هل تنضم أوروبا لحظر؟
سيكون حظر أميركي أكثر إيلاما إذا ما انضم له الاتحاد الأوروبي. عموما يعتمد الاقتصاد الأوروبي بشكل أكبر على موارد الطاقة الروسية، وخصوصا الغاز الطبيعي الذي يمثل نحو 40% من الإمدادات.
وقال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الأحد، إن "نقاشات نشطة تجري مع دول أوروبية بشأن حظر واردات النفط الروسي، لكن مسؤولين أوروبيين قللوا من أهمية الفكرة الإثنين معتبرين أنه لا يمكن ضمان إمدادات القارة في هذه المرحلة".
وأعلن المستشار الألماني، اولاف شولتس، في بيان أن "أوروبا تعمدت استثناء إمدادات الطاقة الروسية من العقوبات" مضيفا "لا يمكن ضمان إمدادات الطاقة الأوروبية لإنتاج الحرارة والتنقل والكهرباء والصناعة بأي طريقة اخرى في الوقت الحالي".
كيف ستعوض الولايات المتحدة عن نقص في النفط الروسي؟
برزت مؤشرات على شكل تأثير انسحاب للغرب من موسكو على المشهد الجيوسياسي. فالأزمة الأوكرانية رفعت الرهانات في محادثات الملف النووي الإيراني والتي يمكن أن تلغي العقوبات الأميركية عن قطاع النفط الإيراني.
وفي تحول آخر على ما يبدو، توجه مسؤولون أميركيون إلى فنزويلا في نهاية الأسبوع الماضي لمحادثات مع حكومة نيكولاس مادورو، على ما ذكرت تقارير. والدولة الواقعة في أميركا الجنوبية كانت فيما مضى من أكبر موردي النفط للولايات المتحدة، لكن واشنطن أوقفت الاستيراد منها في 2019 عقب فرض عقوبات عليها.
وبالمقارنة تعتبر إيران في وضع أفضل لزيادة الإنتاج فيما تبرز تساؤلات أكثر بشأن فنزويلا نظرا لوضع البنى التحتية لديها، بحسب الباحث في جامعة كولومبيا أنطوان هالف.
وقال إن روسيا دولة منتجة كبيرة بحيث لا يمكن سد نقص كل البراميل الضائعة، لكن "يمكن التعويض عن بعض منها".
هل يمكن لمنتجي البترول الأميركي سد الفارق؟
أبدت شركات محلية كبرى مثل إيكسون موبيل وشيفرون حذرا بشأن زيادة الاستثمار ردا على ارتفاع أسعار النفط، لأسباب منها تشكيك وول ستريت إزاء خطط حفر كبيرة. وحولت الشركات جزءا من أموالها الإضافية من الأرباح المرتفعة، إلى توزيع عائدات الأرباح على المساهمين وإعادة شراء الأسهم.
وبقاء سعر النفط فوق 100 دولار للبرميل من شأنه على الأرجح تحفيز مزيد من النشاط، لكن المنتجين يراقبون المشهد الدولي لمعرفة تطورات الوضع.
وقال الخبير في شؤون النفط، ستيفن شورك، إن "الخطر الأكبر هنا يتعلق بما إذا بوشر الحفر ثم تبرم الولايات المتحدة اتفاقا مع إيران فيغزو هذا النفط الإيراني السوق".
كيف ستؤثر الأزمة الروسية على سياسات المناخ الأميركية؟
يواجه مشروع قانون بايدن "إعادة البناء بشكل أفضل"، والذي يعد دعامة سياساته المتعلقة بالمناخ، صعوبة في إقراره في الكابيتول هيل، حتى قبل أن يتحول الانتباه الوطني إلى الغزو الروسي لأوكرانيا.
وقال منتقدو بايدن في الحزب الجمهوري إن الأزمة تسلط الضوء على الحاجة لإعادة النظر في سياسيات للبيت الأبيض، مثل التراجع عن خط أنابيب كيستون ومساحات حفر في ألاسكا، وغيرها من الأماكن ذات الحساسية البيئية.
غير أن نشطاء البيئة يقولون إن ما علمته الأزمة ليس الحاجة لمزيد من انتاج النفط المحلي إنما المزيد من الاستثمار في السيارات الكهربائية والطاقة المتجددة.
وقال نائب رئيس صندوق الدفاع عن البيئة، مارك براونستين، إنه "توفر روسيا اليوم 10% من نفط العالم".
وأضاف أنه "تريدون جعل ذلك النفط غير ذي قيمة؟ أظهروا لبوتين إنكم لستم بحاجة له. هذا ما يحققه تسريع الانتقال إلى مستقبل الطاقة النظيفة".
اقرأ/ي أيضًا | خبراء يحذرون من ارتفاع أسعار النفط إلى 185 دولارا