في تشرين الأوّل/أكتوبر عام 2009، وعندما كان الاقتصاد العالميّ يعاني ما بعد صدمة سقوط سوق العقارات في أميركا وأوروبا، باع طالب علم الحاسوب الفنلنديّ مارتي مالمي، المعروف باسم سيريوس، 5050 حبّة بيتكوين بسعر 5.02، وجرت العمليّة عبر منصّة "باي بال"، ليكون سعر البيتكوين الواحدة في تلك "البيعة" 0.0009 دولار أميركيًّا. عادة، السؤال الّذي يتكرّر عند المستثمرين الصغار أو الإنسان العاديّ فيما يخصّ الاستثمار عند مراقبة ارتفاع سعر سهم هو "ماذا لو". في حالة سيريوس، ماذا لو ليست بالسهلة، فإذا سُئلنا ماذا لو احتفظ بما لديه حتّى يومنا هذا سيكون المبلغ كالآتي. 60 ألف دولار معدّل قيمة البيتكوين الواحدة، ليساوي قيمة ما كان لديه حينها مبلغ 303 ملايين دولار. الأمر مؤلم جدًّا، لا شكّ في ذلك!

البدايات لم تكن بالسرعة الّتي يتخيّلها البعض، بين العامين 2009، عند صدور العملة الرقميّة، وحتّى عام 2011 صعد السعر من "صفر" إلى 0.11 سنت. ومن ثمّ استمرّ الارتفاع حتّى اخترق السعر عتبة الدولار واحد في عام 2011. استمرّ الارتفاع بعد ذلك ليصل إلى 29.6 دولار للبيتكوين الواحد في شهر حزيران/يونيو من العام نفسه، وانخفض بعدها السعر إلى 5 دولارات فقط عند نهاية السنة.

الانفجار العظيم "بيغ بانغ"

تعدّ سنة 2013 بداية الانفجار السعريّ للعملة الرقميّة، فبعد سنة مخيّبة في 2011 و 2012 ارتفع السعر في بداية السنة الّتي تليها إلى 13 دولار ثمّ وصل السعر إلى 100 دولار في نيسان/أبريل ومن ثمّ 200 دولار في تشرين الأوّل/أكتوبر، ومع نهاية السنة، انطلق البيتكوين ليتخطّى حاجز الألف دولار! واستمرّ السعر عند تلك المستويات حتّى عام 2016

بين عامي 2016 و2020 كسر السعر حاجز 2000 دولار أميركيّ، ومن ثمّ بدأ الانفجار العظيم بوصول السعر إلى 19.188 في شهر كانون الأوّل/ديسمبر. أثار وصول العملة الرقميّة إلى تلك المستويات المستثمرين والحكومات والعلماء والاقتصاديّين، بالإضافة إلى جهات أخرى. وبدأت عمليّات "التنقيب" لإدراج عملات أخرى لمنافسة بيتكوين.

انخفض السعر بعد ذلك إلى مستويات 6 آلاف، ولكن مع جائحة كورونا، بدأ الخوف يدبّ في المستثمرين مع التقارير الحكوميّة عن الوضع الاقتصاديّ العالميّ، وبدأ البيتكوين في ذلك العام عند سعر 7 آلاف دولار، ولكنّ الإغلاقات وإجراءات الحجر والتباعد الاجتماعيّ دفعت العملة إلى الأعلى. ومع نهاية عام 2020 في شهر كانون الأوّل/ديسمبر ارتفع السعر إلى 23.993 دولارًا أميركيًّا ليكون الارتفاع منذ بداية السنة 416%.

في أقلّ من شهر، في بداية عام 2021، قفز السعر إلى 40 ألفًا، ومن ثمّ 60 ألفًا في شهر نيسان/أبريل، ورغم الانخفاض الّذي تبع ذلك، إذ وصل السعر إلى 30 ألف، فقد استمرّ بالصعود ليصل إلى عتبة 75 ألف دولار في العام الحاليّ.

ساتوشي المؤسّس

العملة الرقميّة الّتي ظهرت بعد الأزمة الاقتصاديّة في العام 2008، يرجع "اختراعها" إلى شخص يسمّى "ساتوشي ناكاموتو"، بالطبع لا أحد يعلم إن كان ذلك الاسم صحيحًا أم لا، ولا أحد لديه أيّة معلومات حول ساتوشي، الجنسيّة والعمر وحتّى الجنس لا زالت غامضة. في ذلك الوقت قدّم ساتوشي العملة الرقميّة بما يسمّى بالورقة البيضاء متاحة للجميع عبر الإنترنت، وفي تلك الورقة يشرح ناكاموتو طريقة عمل العملة الرقميّة.

بالطبع، ليس من السهل شرح عمل تقنيّة الكُتَل أو الـ"بلوك شين" الّتي تعتمد عليها العملات الرقميّة بشكل أساسيّ، ولكن يمكننا القول إنّ التقنيّة مفتوحة المصدر وغير قابلة للسيطرة عليها، وتعدّ تلك التقنيّة كدفتر تسجيل رقميّ للمعاملات يمكن للجميع الاطّلاع عليه ويتمّ تكرار تلك المعاملات وتوزيعها عبر الشبكة الكاملة للنظام في كتل السجلّات المشفّرة، تلك الكتل مربوطة ببعضها البعض ومؤمّنة فيما بينها بشيفرات خاصّة. يدخل في ذلك خوارزميّات رياضيّة مشفّرة.

مركز لتعدين عملة بتكوين (Getty)

ولم يتوقّف الأمر عند البيتكوين، فخرجت إلى العلن عملات أخرى في وقت لاحق، منها إيثيريوم وسولانا وعملات أخرى، وأصبح عالم العملات الرقميّة منفردًا عن النظام البنكيّ الكلاسيكيّ.

لاحظ علماء الاقتصاد والمستثمرين قوّة تلك العملات، فأصبح الاستثمار فيها طبيعيًّا كأيّ نوع استثمار آخر، وبالنظر إلى الأرقام نجد أنّ العائد على الاستثمار في العملات الرقميّة قد يكون هائلًا مقارنة بالاستثمار في العملات العاديّة أو الذهب أو الأسهم أو حتّى العقار.

لم يقتصر الأمر على المستثمرين أصحاب رؤوس الأموال الصغيرة أم الكبيرة، بل تعدّى ذلك إلى مؤسّسات كبيرة ومحافظ استثماريّة برؤوس أموال بملايين ومليارات الدولارات، فأصبح مجال العملات الرقميّة معتركًا للجميع!

الولايات المتّحدة تلتحق بالركب

الولايات المتّحدة، أكبر اقتصاد في العالم وأكبر دخل قوميّ إجماليّ يقدّر بربع الدخل القوميّ العالميّ، أبدت الكثير من التحفّظات في بداية الأمر، واستمرّ ذلك عبر العقد الماضي بدون اتّخاذ أيّة خطوات جدّيّة للتعامل مع السوق الناشئ. إدارة الرئيس ترامب، على سبيل المثال، أبدت تحفّظات كبيرة على سوق العملات الرقميّة، وانتقدت الإدارة الأميركيّة حينها السوق، ووصفت العملات الرقميّة بأنّها "عملات مزيّفة" وأضافت أنّ "السوق متقلّب جدًّا ومبنيّ على الهواء"، وحذّرت الإدارة أنّ أموال العملات الرقميّة تساعد على الجريمة المنظّمة والاتّجار بالمخدّرات وغيرها من النشاطات غير القانونيّة. "لدينا عملة واحدة فقط في الولايات المتّحدة، وهي أقوى من أيّ وقت سابق، وتسمّى الدولار الأميركيّ" غرد ترامب على تويتر في عام 2019.

ولكنّ الحال تغيّر، ترامب الأمس ليس ترامب اليوم! المرشّح الحاليّ للانتخابات الرئاسيّة، المزمع عقدها في تشرين الثاني/نوفمبر من هذه السنة، خاطب التجمّع السنويّ الأكبر لسوق العملات الرقميّة في ناشفيل، الولايات المتّحدة. ولكنّ هذه المرّة لم يأت ترامب كمشكّك في السوق وإنّما الداعم والمناصر الأوّل بما يعدّ تغيّرًا كبيرًا للآراء الّتي صرّح بها عندما كان في البيت الأبيض. وليثبت للجميع "اعتناقه" للعملات الرقميّة، فإنّ حملته الانتخابيّة تقبل التبرّعات بالبيتكوين، ويشير تقرير على شبكة سي إن إنّ إلى أنّ المرشّح استقبل بالفعل ما يقارب 4 ملايين حتّى الآن تبرّعات بالعملة الرقميّة، وقد انتقد المرشّح الجمهوريّ محاولات إدارة الرئيس بايدن تقنين السوق ووصفها بالـ"حرب على العملات الرقميّة". ووعد الناخبين بأن يجعل التنقيب وتداول البيتكوين أسهل في الولايات المتّحدة.

المرشّح للرئاسة الأميركيّة دونالد ترامب، ناشفيل (Getty)

من جهتها، قامت إدارة الرئيس بايدن بالعمل على إطار تنظيميّ لسوق العملات الرقميّة، وقد أقرّ مجلس النوّاب، حسب تقرير لوكالة الأنباء العالميّة رويترز، الإطار التنظيميّ بالرغم من تحذيرات هيئة الأوراق الماليّة الأمريكيّة SEC. الإطار التنظيميّ أقرّ بموافقة الحزبين بأغلبيّة 279 مقابل 136، وليس من المعروف حتّى الآن إذا كان مجلس الشيوخ سيقرّ الإطار التنظيميّ أم لا.

يأتي القرار بعد تلميحات مفاجئة من لجنة الأوراق الماليّة والبورصة أنّها من الممكن أن توافق على تطبيقات لتداول العملات الرقميّة ودفع السوق إلى الأمام.

ولكنّ وجود الأطر التنظيميّة من عدمها لم يثن الإدارة الأميركيّة عن الاشتراك في السوق الرقميّة. حسب تقرير منشور في حزيران/يونيو الماضي، في مجلّة فوربس تحت عنوان "حكومة الولايات المتّحدة تملك بيتكوين أكثر من أيّ شخص آخر، لماذا لا تبيعها"، فإنّ الولايات المتّحدة تملك أعلى "احتياطيّ" من عملات البيتكوين في خزائنها، ويقدّر بـ 207,189 ألف بيتكوين أو ما يقدّر بـ 5 مليارات دولار أميركيّ. ويضيف التقرير أنّ أغلب العملات الرقميّة في حوزة الحكومة الأميركيّة تأتي نتيجة عمليّات "مصادرة" مثل الّتي حصلت في عام 2020 عن طريق وزارة العدل الأميركيّة إلى ما يساوي المليار دولار تقريبًا من البيتكوين.

في رسالة الدكتوراه، نشر الدكتور ساشين جايتلي، الشريك في وكالة "مورغان كريك" للاستثمار، أنّه في السنة الماضية وحدها حازت الولايات المتّحدة على 69,640 ألف بيتكوين، وذلك يساوي 94% من الكمّيّات الموجودة في خزائن الحكومات في ذلك الوقت. "يمكن مطابقة المعلومات العامّة المتوفّرة من خلال الميديا والبلوك شين، ايليمنتوس بمقدورها التحديد بالتفصيل المحافظ العالميّة الرقميّة للدول" حسب رسالة الدكتوراه. وشركة "ايليمنتوس" هي شركة مرتبطة بشركة "مورغان كريك" ووفّرت المعلومات للبحث الّذي أجراه ساشين جايتلي.

ويضيف الدكتور جايتلي "بما أنّ التدفّق الماليّ كان يستمرّ بالارتفاع في العام 2022، وبالنظر إلى التخوّف من التضخّم ارتفع تبنّي الحكومات السياديّة البيتكوين؛ وبالتّالي كان هناك ارتباط إحصائيّ واضح".

وتشير شركة "ايليمنتوس" المعنيّة بتحليل البلوك شين إلى أنّ دولًا مثل أوكرانيا وضعت قوانين للعملات الرقميّة لتلقّي التبرّعات بعد الأزمة الأوكرانيّة الروسيّة في 2022 ولديها في خزائنها ما يزيد عن 600 بيتكوين تعادل 16 مليون دولار أميركيّ. دول أخرى، حسب ذات التقرير، مثل السلفادور تقوم بالتنقيب عن البيتكوين ولديها برامج شراء بيتكوين، ويقدر المخزون فيها بـ 2473 بيتكوين، ومن الدول الأوروبّيّة أيضًا ألمانيا وفنلندا وهولندا، وحصلت تلك الدول على العملات الرقميّة عن طريق مصادرات بشكل عامّ.

نقل الأموال بدون عمولات أو طرف ثالث

من المعروف أنّ ما يميّز بيتكوين هو ما يسمّى بالإنجليزيّة peer-to-peer وذلك يعني أن تنقل العملات الرقميّة يكون بين المرسل والمستقبل فقط، دون تدخّل أيّ طرف ثالث، وبالتّالي فإنّ العمليّات الماليّة المتعلّقة بالعملات الورقيّة لا يتمّ التحكّم بها من أيّ طرف أو حكومة، وليس هناك أيّ رسوم على تلك العمليّات، ويأتي ذلك في وقت ترزح فيه روسيا تحت مجموعة من العقوبات على إثر الأزمة الروسيّة الأوكرانيّة في عام 2022، وتعدّ تلك العقوبات من الممارسات الّتي تسعى من خلالها الولايات المتّحدة وحلفاؤها في حلف شمال الأطلسيّ إلى وضع الكرملين تحت الضغط للانسحاب من أوكرانيا.

روسيا، وبسبب توقّف عدد كبير من البنوك، تحت الضغط، من التعامل معها أو التعامل بحذر شديد في حالة البنوك الروسيّة المحلّيّة، وإرغامها على الخروج من نظام سويفت العالميّ، وجدت نفسها تحت ضغوط لإجراء الدفعات الماليّة الدوليّة. وبسبب تأخير الدفعات الدوليّة مع الشركاء الرئيسيّين مثل الصين والهند والإمارات وتركيّا، لجأت إلى تقنين سوق العملات الرقميّة.

وبالفعل، أقرّ البرلمان الروسيّ في تمّوز/يوليو الماضي القانون الناظم للعملات الرقميّة. القانون يسمح بإجراء الدفعات الماليّة الدوليّة والمحلّيّة عبر العملات الرقميّة. وأشار تقرير على موقع سي إن بي سي إلى أنّ محافظة البنك المركزيّ الروسيّ إلفيرا نابيولينا صرّحت بأنّ البنك المركزيّ يسعى إلى تحريك الأموال خارج الحدود الروسيّة قبل نهاية السنة.

"إنّنا نتّخذ قرارًا تاريخيًّا في المجال الماليّ" صرّح أناتولي اكساكوف، رئيس مجلس الدوما الروسيّ حسب تقارير لوكالة الأنباء العالميّة رويترز. وحسب موقع "بيتكوين أي تي إم رادار" يوجد الآن حوالي 75 جهاز صرّاف آليّ مخصّص للعملات الرقميّة في روسيا، 24 منها في العاصمة موسكو. بحيث يمكن ربط المحفظة الرقميّة في البنك المحلّيّ واستلام النقد.

صرّاف آليّ مخصّص لعملة بتكوين الرقميّة (Getty)

وفي الوقت الّذي تشير فيه عدّة تقارير إلى حيازة الكرملين عددًا من العملات الرقميّة، إلّا أنّ التقرير المذكور سابقًا في مجلّة فوربس يشير إلى عدم امتلاك روسيا أيّ عملات رقميّة في الوقت الحاليّ.

الصدمة الصينيّة

من جهتها، حظرت الحكومة الصينيّة التداول أو التنقيب عن العملات الرقميّة منذ عام 2021، ولكن يرى الكثير من الاقتصاديّين والمحلّلين أنّ مسألة "فتح الباب" مجدّدًا للعملات الرقميّة في البرّ الرئيسيّ في الصين مسألة وقت لا أكثر، خصوصًا أنّ هونغ كونغ تسمح بتداول العملات الرقميّة والتنقيب. يقول بروك بيرس، المشارك في إنشاء العملة الرقميّة المستقرّة USDT إنّ "الصين ستفتح الباب مجدّدًا للعملات الرقميّة. أنا أقول إنّه لا يمكّن الحؤول دون ذلك" وأضاف في تعليق لصحيفة "ساوث تشاينا مورنينج بوست" إنّ "السؤال ليس من الممكن أم لا، أنّها مسألة وقت لا أكثر".

إذًا، هناك إجماع بين المحلّلين والمراقبين على أنّ الصين ستفتح بابها مجدّدًا للعملات الرقميّة، ولكن يبقى السؤال هو "متى؟". ولفهم العلاقة بين القوانين الصينيّة وأثرها على سوق العملات الرقميّة يرجّح الخبراء أنّ القرار الصينيّ في عام 2021 بمنع التنقيب عن العملات الرقميّة، ومنها إيثيريوم وإكس آر بي دفع سوق العملات إلى الانهيار في ذلك الوقت.

حسب تقارير عدّة منها المنشور على موقع فوربس، الحكومة الصينيّة تتحضّر لحزمة إعانات غير مسبوقة تقدّر بـ 1.4 تريليون دولار أميركيّ. يتساءل البعض عن تأثير تلك الحزمة، إن أقرّتها بكين، على سوق العملات الرقميّة. الأسباب الرئيسيّة هي أوّلًا: ضخّ تلك الكمّيّة من الأموال في السوق الصينيّ يعرض اليوان، العملة الصينيّة، إلى انخفاض قيمة العملة، وبالتّالي من الممكن أن تلجأ الحكومة الصينيّة إلى الاستثمار في العملات الرقميّة للحفاظ على عملتها. السبب الثاني أنّ ضخّ تلك الكمّيّة من النقود الـ "كاش" في الأسواق يجعل السيولة النقديّة كبيرة وذلك يفسح المجال أمام المستثمرين، الكبار والصغار، إلى الاستثمار في العملات الرقميّة. على المستوى العالميّ أيضًا، فإنّ ضخّ السيولة الصينيّة يدفع المستثمرين إلى اللجوء إلى الملاذات الآمنة للحفاظ على رأس المال وعلى رأسها العملات الرقميّة وخاصّة البيتكوين. ويرى محلّلون اقتصاديّون أنّ الحزمة الصينيّة تأتي ردًّا على العقوبات ومحاولات التضييق الأميركيّة على الاقتصاد الصينيّ، وبعد أرقام أقلّ من التوقّعات بالنسبة للاقتصاد الصينيّ تأتي تلك المعونات لدفع الاقتصاد. في وسط ذلك "الجوّ المشحون" عالميًّا يأتي البيتكوين كملاذ آمن للمستثمرين إلى حين انحلال الأزمة بين القوى الدوليّة.

تأتي تلك الأخبار في وقت خرجت فيه تقارير تشير نيّة الصين القيام بخطوات أخرى لدفع اقتصادها. منها ما صرّح به زانغ مينغ، نائب مدير معهد الدراسات الماليّة والمصرفيّة التابع للأكاديميّة الصينيّة للعلوم الاجتماعيّة، لوكالة بلومبيرج، بأنّ الحكومة الصينيّة تنوي رفع قيمة السندات السياديّة الخاصّة إلى 420 مليار دولار لهذه السنة، بعد الأرقام الّتي جاءت أقلّ من التوقّعات بالنسبة للاقتصاد الصينيّ وانخفاض سوق الأسهم الصينيّ في السنوات الثلاث الماضية؛ بسبب القيود الّتي فرضت بسبب جائحة كورونا.

الخطوات الصينيّة القادمة لدفع الاقتصاد ستترك أثرًا كبيرًا على سوق العملات الرقميّة المندفع إقليميًّا بتوتّرات الشرق الأوسط، وإذا تزامنت تلك القرارات مع تقنين التنقيب عن العملات الرقميّة، فذلك يدفع السوق العملات الرقميّة إلى أرقام وقمم تاريخيّة جديدة. تلك القرارات، أيضًا، من شأنها أن تؤثّر على منطقة آسيا، وتدفع الدول الأخرى نحو تقنين تلك العملات ليكون ذلك دافعًا أكبر أمام السوق نحو الاستقرار والثبات.

في الوقت الّذي تقنّن فيه دول اقتصادات كبيرة مثل الولايات المتّحدة وروسيا، بصرف النظر عن الغاية من التقنين، تتابع كثير من الدول تلك القرارات، ربّما للخروج بقرارات تنظّم حتميّة وجود السوق الرقميّة في العصر الحديث. تأتي الصين بنظام "الصدمة" للسوق لتخطف أنظار المحلّلين والمراقبين لتوقّع المستقبل فيما يخصّ العملات الرقميّة.