لا تخلع عن دمك معطف إنتسابك لربيع هويتها الدائم, تصمد, تقاوم, تفرك جلد الشتات الطويل باظافر الإصرار على العودة إلى جذور البدايات القروية, إلى نسغ الأيام الفلسطينية الأولى, حيث شرفات الزيتون و الترقب الحميم قرب عيون اللقاء و الينابيع..

فاشلٌ هو الحل الذي لا يمر بدروب ذاكرتك ولوز المكان الأسير و قمح الصبايا و العزائم التي لا تخنع و لاتلين..محطمة أقدام الطريق التي تنكر عليك خطواتك في المشي على ذات الطريق الذي مشت عليه أفئدة الفلاحين ومشاوير الحصاد و الرجاء, و إفترشت تضاريسه و الحصى و العشب و إمتزجت بندى التحية النشيطة معالم أسرار كواكبه, برفقة مواويل الأعراس و أهازيج الزفاف و الخصوبة و المنى..

سمعت القلب المرابط, صحواً و ثباتا, وإنتباها جليليا يقول: أشجار جدتي أشجار احفادي..ساحل حكايتها الحزينة, ساحل حكايتي..أموت حيث ولدت و تولد حين أعود..لا أخلع عن دمي معطف إنتسابي..

و يكون شاطىء الساعات و المواقيت و الأغنيات الفضية أوضح عنوان سرمدي لسفائن الآتي, السار, إذ تتحول صخور ومياه و ملامح الإنتماء التاريخي, الصلد, الصريح, لموانىء ترحاب ورجوع و أحضان مودة و صفاء , تستقبل حشود العائدين إلى وقتهم و فجرهم على إمتداد الوطن السليب..

و تقول أيضا: دمي هو الخريطة البهية, الصحيحة, المتماسكة, روحاً, أمة, حضارة, إرادات و تفاصيل مجيدة, رغم أنوف و أحقاد و و دبابات و صواريخ"السايسبيكويين الجدد" و أتباعهم و أبواقهم و إسرائيل الإرهابية..

دمي هو الطريق الصائب الي يحمل في شرايينه وعلى ضلوعه مواكب الضياء السيادي الحُر و الانهار و الشموس و المواعيد المستقلة التي لا يلتفت إلى الوراء نسورها و بواسلها..الذين لا يبحثون عن عسل المكيدة و حلول خبيثة لعصبة المخالب الدولية و أخطبوط العولمة و الغطرسة و النهب و التهديد و أسلحة الفناء الإنساني..التي تريد أن تنفرد, بخيلاء مريضة, بتدمير الزمن و أهله..

فتسرق غزواتهم و أطماعهم الشريرة ذاكرة و كنوز و هويات و تقاليد الأمم و الشعوب..و تشوه أفكارهم الهجينة و تقنيات الخراب العام وجه السلام العالمي..فلا يفرغون من مهام و خطط التطويع و السطو و الإحتلال البغيض, حتى يقتلون قلب الحقائق, و يشرعون بتقطيع أوصالها, خدمة لمراكز إستغلالهم و لإسرائيل المتعنتة العنصرية..التي ترفض الإعتراف بجرائمها الكثيرة, المستمرة, المتعددة, من أكبر تلك الجرائم مسؤوليتها عن تشريد الشعب الفلسطيني, في عام النكبة 48 وكذلك في 67..
.
إن مسألة العودة و تطبيق قرار الجمعية العمومية,قرار 194 مسألة غير قابلة للتفريط و المساومة, و لا توجد حكومة فلسطينية أو غير فلسطينية مخولة بتقديم تنازلات و تراجعات بهذا الخصوص أو غيره من ثوابت و أهداف العمل الوطني الفلسطيني.

كل الشعب المشرد عن دياره و ممتلكاته و حقوله و مدنه وقراه التاريخية يقول و بصوت واحد: نريد العودة و تحقيق الإستقلال, وبناء دولتنا الوطنية المستقلة, كاملة السيادة, دون وجود مستوطنات وقتلة و إحتلال و مذابح. بإظافر الإصرار على الإياب..و الحرية, و العيش بكرامة في ربوع و جنات الإنتماء للوطن, سنظل نفرك جلد الشتات, نصبر ونصابر و نناضل..ذاكرتنا الجمعية الفلسطينية هي أكبر رأسمال نملكه و نصونه, كما نصون إنتفاضة الإستقلال و السيادة و إستعادة المقدسات و الحقوق الوطنية.

و نقول للنسيان و أصحابه و الذين يخنعون و يشجعون عليه: إبحثوا عن شعب آخر, ينسى أرضه و تاريخه و كل مفردات الحق و العدل و العذابات..لن نكون أصدقاء للأنذال, للنسيان, للجبناء, لن نكون لهم أصدقاء.. و بذا لا تموت الحكاية..لا يموت الشهداء, لا شيء أكثر قرباً للقلب الفلسطيني الواحد, من ذاكرة صلبة حية, معافاة, تقاوم و تقاوم, ولا تموت.