طالب "ائتلاف الجمعيات من أجل تمثيل النساء في لجنة المتابعة العليا"، مطلع هذا الأسبوع، قيادة اللجنة والأحزاب السياسية العربية بفتح باب اللجنة للتمثيل النسائي، من خلال إقرار التغيير المطروح على طاولة لجنة المتابعة العليا، في اجتماعها القريب غدًا السبت 13.09.2008، بعد سنوات من التأجيل ورغم موافقة قيادة اللجنة على المقترح المقدّم.

والمقترح بسيط: يختار كل حزب وحركة سياسية امرأة من قيادته التنظيمية لتشارك في اجتماعات لجنة المتابعة، أي زيادة عضوية الأحزاب والحركات السياسية في اللجنة إلى اثنين بحيث يكون العضو الثاني امرأة دون أن يغيّر ذلك من الوزن السياسي القائم (صوت واحد)، في لجنة تعتمد أصلاً على منهجية الإقرار بالإجماع.

لقد قررت لجنة المتابعة في آذار الماضي، بعد نقاش جديّ عبّرت خلاله قيادة التيارات السياسية المختلفة عن تأييدها للمقترح، عقد جلسة خاصة أوائل نيسان لبحث قضية التمثيل النسائي، لكن مسلسل التأجيل لا يملّ من تكرار نفس المشاهد، وعود وشعارات ومثل عليا في اللجنة العليا.

يبدو لي أنّ مشهد الرجال المجتمعين حول طاولة خشبية بنية بقمصان وبناطيل رسمية هو جزء محدّث من مشهد "مجلس العضوات" في الحارة الشامية المجتمعين، حول الزعيم، على كراسي خشبية مصدّفة ومزخرفة يلبسون القمباز والحرير الدمشقي، الشكل يتغير مع السنين التي غيّرت من المعايير والتفاصيل وطابع الحياة ومساحات الهامش، لكن المبنى بقي عندنا، وبغض النظر عن الأسباب الموضوعية، كما هو جوهرًا وباطنًا.

لعلّ مجرد الأمل الذي يسكنني بأننا قاب قوسين أو أدنى من تغيير تركيبة "مجلس العضوات" ولو شكلاً، يحفزّني لمتابعة مشاهدة مسلسل مجتمعنا الفلسطيني في الداخل، متشوقًا لمشاهد تصاعد درامي في نضالنا من أجل وجودنا يفاجئني بشخصيات جديدة تدخل إطار الصورة وتطلق حوارات تغيّر مسار الأحداث. في الدراما الأحداث تؤدي إلى أحداث أخرى، وفي تغيير المجتمعات وتحرّر الشعوب على الإنجاز أن يدفع الإنجاز والمسيرة خطوات والتاريخ مسيرة، والمستقبل أفق نمشي إليه اليوم.

يحقّ للنساء الفلسطينيات أن يتمثّلن في لجنة المتابعة، ولا يحقّ لأحد أن يؤجّل مشاركتهن في صنع القرار. النساء في المتابعة لن تمثّلن النساء كقطاع بل ستمثّلن أحزابهن ومواقفها، ستنقلن قضايا المرأة الفلسطينية بالطبع وستهتمين بهمومها، لكن الفكرة بالأساس هي كونهن قياديات لكلّ المجتمع.
التأجيل دون سبب مقنع هو من أسوأ سمات الأفراد والمؤسسات ومعيقات تقدّمهم، وغالبًا ما يرتبط بالكسل وانعدام الجرأة والإرادة والقناعة الذاتية والتنظيم. وتنفيذ المؤجّل يريح ويفسح الطريق للمهمة القادمة.

في حال أقرّت لجنة المتابعة العليا تمثيل النساء فيها سيكون لهذا القرار تأثيرات جدية بعيدة المدى على مجمل مشاركة النساء العربيات في الحياة العامة ومكانتهنّ فيها، وسينقل التجربة إلى مختلف المؤسسات المدنية والأهلية كبوصلة قيمية وسياسية ومجتمعية.

الإشكالية الأساسية في مشروع القرار هذا، والتي تعتبر في الوقت نفسه أفضلية عملية له، هو أنه يفصل نفسه ضمنًا عن المشروع العام لإعادة بناء وهيكلة لجنة المتابعة. لا شكّ في أنّ تحقيقه هو خطوة في الاتجاه الصحيح، لكن علينا أن نؤكّد من جديد، كحركة وطنية وديمقراطية، أنّ المشروع الأساس في هذا الإطار هو تنظيم الأقلية العربية الفلسطينية على أساس قومي في مؤسسات ديمقراطية، حيث نطالب في أن تكون لجنة المتابعة هيئة وطنية تمثيلية عليا كإطار سياسي جامع وفاعل ومؤثّر.

فلتفتح لجنة المتابعة غدًا بابها للنساء، ليكون لنا جميعًا غدٌ أفضل..