يشير تقرير الرصد السياسي العاشر الصادر عن مدى الكرمل، المركز العربي للدارسات الاجتماعية التطبيقية، إلى أن الكنيست الثامنة عشرة تحولت إلى مصدر رئيسي لتقليص حقوق المواطنين الفلسطينيين والى جهاز مركزي لتقييد النشاط السياسي للأحزاب العربية. كما يتضح من مراجعة جميع اقتراحات القوانين الشخصية التي قدمت منذ بداية الكنيست الثامنة عشرة، والتي قام بها مركز مدى، محدودية تأثير الأحزاب العربية في منع سن قوانين تضر بالمواطنين الفلسطينيين من جهة، ومحدودية قدرة الأحزاب العربية على سن قوانين تحمي مصالح الفلسطينيين من جهة أخرى.   

  

من مراجعة جميع اقتراحات القوانين الشخصية التي قدمت منذ بداية الكنيست الثامنة عشرة، يتضح أنه تم تقديم 4100 اقتراح قانون من قبل كافة نواب الكنيست، منها 610 اقتراح قانون من قبل النواب العرب، أي 15% من مجمل الاقتراحات الخاصة. ومن بين مجمل هذه الاقتراحات تمت المصادقة على 163 اقتراح في القراءة الثالثة، ومن ضمنها 10 اقتراحات للنواب العرب، والتي تشكل 6.1% من مجمل اقتراحات القوانين التي تمت المصادقة عليها خلال العام ونصف العام الماضيين، ونحو 1.7% من مجمل الاقتراحات التي تقدمت بها الأحزاب العربية.

 

مراجعة اقتراحات القوانين التي قدمتها أحزاب عربية وتمت المصادقة عليها في القراءة الثالثة وأصبحت قوانين، تكشف صعوبة تشريع قوانين تتعلق بالهوية والحقوق الجماعية للأقلية الفلسطينية. غالبية اقتراحات القوانين التي تمت المصادقة عليها في القراءة الثالثة، كانت تتعلق بمسائل جودة البيئة والظروف الاجتماعية- الاقتصادية العامة التي تخص جميع المواطنين في إسرائيل وليس المواطنين الفلسطينيين فقط. ويمكن اعتبار اقتراح قانون واحد فقط استثنائيا بما يتعلق بالمواطنين الفلسطينيين، وهو "قانون السلطات المحلية وإلغاء دمج السلطات المحلية باقة الغرية-جت"، وهو قانون مشترك لجميع الأحزاب العربية ولنواب من أحزاب أخرى.

 

ويشير التقرير أيضا، الى تحول  الكنيست في السنوات الأخيرة، وخاصة منذ الكنيست الثامنة عشرة عام 2009، إلى احد الأجهزة الأساسية لمعاقبة الأحزاب العربية وتقييد نشاطها السياسي، ومصدر رئيسي لتقليص حقوق المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل؛ سواء من خلال التشريعات أو من خلال إفشال اقتراحات القوانين التي تتقدم بها الأحزاب العربية، وأحيانا من خلال استنزاف النواب والأحزاب العربية في الإجراءات الإدارية والملاحقات. في هذا السياق يقول مُعدّ التقرير، الباحث إمطانس شحادة: " في مثل هذا الوضع، من الصعوبة أن تقوم الأحزاب العربية بدورها الطبيعي كأحزاب تمثل أقلية قومية اصلانية:  تمثيل المواطنين الفلسطينيين؛ الدفاع عن مصالحهم؛ ومحاولة تحسين ظروفهم المعيشية".

 

من بين النماذج التي يستعرضها التقرير، والذي يتناول أشهر حزيران لغاية آب 2010، وتهدف الى معاقبة النواب العرب بسبب مواقفهم ونشاطاتهم السياسية، كان قبول هيئة الكنيست توصيات لجنة الكنيست بسحب ثلاثة امتيازات من حقوق النائبة حنين زعبي، والتي تُمنح لكل نائب في البرلمان. وهي: امتياز الخروج من البلاد (دون منع السفر)، امتياز الحصول على جواز سفر دبلوماسي، وامتياز تغطية المصاريف القضائية من قبل الكنيست في حال تقديم النائبة إلى المحكمة. و"اقتراح "قانون الإعلان عن الحركة الإسلامية الشمالية في إسرائيل كتنظيم ممنوع، 2010". وتقديم اقتراح قانون يتيح  للنواب فصل عضو كنيست في حال شارك في تأييد "الكفاح المسلح" ضد دولة إسرائيل من "قبل دولة" عدو أو "تنظيم إرهابي"، أو كان شريكا في "التحريض العنصري"، أو إذا نفى وجود دولة إسرائيل كدولة يهودية ديمقراطية.

 

كما استمرت الكنيست في التشريعات التي تهدف إلى المسّ بالمواطنين الفلسطينيين، حيث تم تقديم اقتراح قانون المواطنة (تعديل – الغاء المواطنة جراء عمل إرهابي أو تجسس)، 2010، الذي يطالب  بمنح المحكمة حق سحب مواطنة مواطن إسرائيلي إذا تمت إدانته بجناية وقررت المحكمة إنه عمل ارهابي. وتقديم "اقتراح قانون الجمعيات (تعديل- تحفظات على تسجيل جمعية ونشاطاتها)، 2010، الذي يطالب بعدم تسجيل جمعية اذا اقتنع مسجل الجمعيات أن الجمعية متورطة أو قد تقدم لعناصر أجنبية معلومات حول دعاوى قضائية جارية خارج دولة إسرائيل ضد موظفين كبار في الحكومة أو ضد ضباط في الجيش، تتعلق بجرائم حرب. في حالة المصادقة على هذا الاقتراح فهذا يعني إمكانية منع تسجيل جمعية حتى قبل قيامها بنشاط ما، حيث يكفي الشك "المعقول" حول أهداف النشاطات المستقبلية للجمعية من أجل معاقبتها.

 

النماذج الذي يستعرضها التقرير الحالي تشير إلى استمرار الإقصاء السياسي والاجتماعي للمواطنين الفلسطينيين وشرعنة خطاب الترانسفير، بل واشتراطه للمشاركة في الائتلاف الحكومي. اذ تعمل معظم سلطات الدولة، التشريعية والتنفيذية، بهدف منع أي تغيير سياسي يطرحه المواطنون الفلسطينيون، أو ممثلوهم في الكنيست. ويلخص الباحث إمطانس شحادة الوضع بقوله: "تعمل السلطتان  التشريعية  والتنفيذية كأدوات عقاب للمواطنين الفلسطينيين وكجهاز مكافأة وتشجيع للمواطنين اليهود".