مؤلفة هذا الكتاب هي الباحثة المصرية د. صفا محمود عبدالعال، حيث لديها رحلة جادة في تشريح المجتمع الإسرائيلي، وهي متخصصة في الشأن العبري وعلوم التربية، وحصلت من قبل على درجة الماجستير عن أطروحة بعنوان «التعليم غير النظامي في إسرائيل» ثم دكتوراه الفلسفة عن «التعليم العلمي والتكنولوجي في إسرائيل» ويكشف كتابها الجديد «تربية العنصرية في المناهج الإسرائيلية» ما تعانيه الصهيونية من الإسقاط والهلاوس البصرية، ويحتوي الكتاب على نصوص عبرية، تدرس في المناهج الإسرائيلية.


أقل ما توصف بأنها بذور مختارة لسلالات غير مسبوقة في نبت العنصرية والاستعلاء والإرهاب وعدم الاعتراف بالآخر..يقع الكتاب في سبعة فصول تركز شواهدها على النظرة الدونية للعرب من الصهيونية والتأكيد على تفوق اليهود العرقي، وتمايز تراتبهم الاجتماعي، ومفاهيم التوسع الاستيطاني وهواجس الأمن الإسرائيلي وعمليات تهويد القدس المخططة.


في مقدمة الكتاب يروي عالم التربية الشهير الدكتور حامد عمار جانبا من فترة بعثته في جامعة لندن بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها، حيث عايش في بيت الطلبة شعوبا بيضاء وسوداء وسمراء وصفراء، مواطنين من دول كبرى وصغرى، من دول استعمارية ودول مستعمرة، وقد ساعده ذلك التنوع الهائل على معرفة حقيقة إنسانية عظمى وهي أننا جميعا بشر متساوون وبعد مزيد من التعمق خلال المعايشة تكشف له التمايز العنصري، على المستوى السياسي بين الشعوب.


حيث أقوام مستعمرة (بكسر الميم) مستعلية وأقوام مستعمرة (بفتح الميم) مقهورة، فالأولى هي الأعلى والأخرى هي الأدنى، وقد صيغت لذلك ـ كما يقول عمار ـ مقاييس الذكاء الفطري أثبتت علو معدلات الذكاء لدى المستعمرِ وتدنيها لدى المستعمرَ واستخدم هذا المقياس العلمي الزائف (إذ إنه ليست ثمة وجود ذكاء فطري خالص إنما هو نتاج للبيئة والظروف المعيشية) لإقرار ذلك التمايز وترسيخه.


وفي العام الثاني من بعثة الدكتور عمار تقع مأساة قيام دولة إسرائيل عام 1948 وفجأة تظهر جماعات الطلبة اليهود في تجمعاتها في أنحاء الجامعة، وفي مطعمها الكبير يشيرون بأصابعهم نحونا نحن العرب شامتين مفتخرين وتحتدم المناقشات ليتجلى موقف الاستعلاء والنازية الجديدة فهم شعب الله المختار.


تقول المؤلفة في كتابها المتابع للفكر الصهيوني سوف يكتشف أن كلمة «الوطن» تتناول جوهر القضية، وأن كلمتي «الوطن» و «الأرض» من أكثر الكلمات ترديدا في الكتابات الصهيونية على مدى مراحل التاريخ المختلفة.


ولكن في الوقت نفسه من أقل الكلمات دقة وأشدها غموضا مشيرة في ذلك إلى «جابوتنسكي» الذي قال: «إن اصطلاح الوطن ليس له معنى ثابت ويمكن تفسيره من جانب الأشخاص المهتمين بالأمر..».


وترى المؤلفة أن أخطر كتب التربية في إسرائيل هو كتاب «أرض الوطن» بجزأيه الأول والثاني حيث يتم تدريسه على مدار عدة سنوات دراسية.


وتورد د. صفا في مؤلفها الهام نصوصا من الكتب التعليمية العبرية والتي تؤكد من خلالها النظرة الدونية تجاه عرب فلسطين. فتحت عنوان «تعليمات للحارس المستجد» يقول النص: «وفقاً لقوانين الحراسة يلتزم الحارس بأن يسمع دبة النملة على الأرض، وأن يكون سلاحه على أهبة الاستعداد، وأن يسترق السمع لبيت الزواحف العربية».


وفي نص آخر عن المستوطنة يقول: «نتذكر المخاطر التي تعرض لها الفلاحون القلائل، لقد كانوا على استعداد للتضحية بالذات في سبيل توطينهم في المكان وامتلاكه، رغم قسوة المناخ والبيئة الغريبة العامرة بحوادث المختلسين واللصوص والإرهابيين العرب الطامحين للأخذ بالثأر».


وفي نص آخر يشير إلى تفوق اليهود العرقي، بعنوان: «جماعة الحارس» جاء: «دافعوا عن المستوطنات ضد المتوحشين واللصوص العرب.


كان أعضاء «الحارس» من الصفوة وكان السكان العرب ينظرون إليهم بهيبة، لقد تعلم العرب منهم حتى طريقة ارتداء ملابسهم».


وفي نص آخر يتحدث عن النقاء العرقي لليهود يقول: «إن 98% من يهود يافا يسكنون في بيوت عربية.. مساكننا يجب أن تكون بالقرب من يافا، فهي المدينة العبرية الأولى وبها يسكن عبريون مئة في المئة، ففيها يتحدثون العبرية، وفيها سنحافظ على النقاء العرقي».

(أمين اسكندر - "البيان")