أشاد سياسيون ومثقفون فلسطينيون، الثلاثاء 23/12/2008، بكتاب – من ذاكرة الاسر- للأسير المقدسي المحرر راسم عبيدات، والذي يرصد ظروف الأسر في المعتقلات الاسرائيلية عبر عقدين من الزمان هما تجربة السجن والاعتقال التي خاضها الكاتب على جلده من خلال تنقله عبر محطات اعتقالية عديدة.

وأجمع المتحدثون على ان الكتاب عبارة عن شهادات تسجيلية حية نادرة لم يجر تسجيلها أو تدوينها من قبل بهذه الحميمية والشفافية وما تكتنزه من صور ومعان نفسية واجتماعية وسياسية مهمة.

واعتبر إبراهيم جوهر الناقد الادبي المعروف في حفل التوقيع على الكتاب قي قاعة مدرسة المطران في القدس أن الاحتفاء بالكتاب والكاتب هو مظهر حضاري مهم في ظل تراجع عادة القراءة والاهتمامات الفارغة للاجيال الجديدة.

ودعا الكاتب راسم عبيدات الى إيلاء الأسرى كل الاهتمام السياسي والنضالي والتضامني وعدم توقيع أية اتفاقيات مع الجانب الاخر قبل اطلاق سراحهم وتحريرهم جميعا من قيود الأسر والاعتقال الإسرائيلية الدامية والتكفير عن الخطأ الاستراتيجي في هذا المجال . وأضاف أن الكتاب هو صرخة عالية لاستذكار نضالات وتضحيات أبطال الحركة الأسيرة الذين كانوا وما زالوا الشموع التي تضيء درب النضال الفلسطيني الطويل والمعمد بدماء الأسرى والشهداء.

وهاجم عمر شحادة، مدير مؤسسة "الهدف"، السياسة الرسمية الفلسطينية التي أجلت بحث ملف الأسرى وجعلته مجالا للمساومة مع طرف معاد لا يحترم إنسانية الإنسان والمناضلين من اجل الحرية والاستقلال. وتحدث مطولا عن الواقع السياسي الفلسطيني الراهن، وقال إن حالة الانقسام السياسي والجغرافي بين جناحي الوطن يجب أن تنتهي.

وأضاف أن الخروج من هذا المأزق غير ممكن دون الحوار الوطني. كما ودعا شحادة إلى ضرورة وقف المفاوضات العبثية التي لم تثمر شيئاً، بل زادت وفاقمت من حالة الانقسام الداخلي، وكذلك هذه المفاوضات شكلت غطاء للإحتلال من أجل مواصلة سياسة التهويد والأسرلة، ودعا إلى أوسع حملة تضامن مع أسرى شعبنا الفلسطيني.

وقال إن أبطال شعبنا هم الناس البسطاء من عمال ومهندسين ومثقفين ومدرسين وغيرهم، وراسم عبيدات واحد من هؤلاء الأبطال، والذي ظل وفياً لأسرى شعبنا، وكذلك هو صاحب القلم الحر، والذي لم يبع قلمه أبداً وما قام به من جهد في عملية توثيق لحياة أسرى شعبنا ومعاناتهم في سجون الاحتلال، هو خطوة نوعية لم يقم بها أي باحث أو مؤسسة من قبل ، وهذا الكتاب يستحق وجدير بالقراءة أكثر من مرة ، لما تضمنه من معلومات قيمة وجهد نوعي على درجة عالية من الأهمية.

وهنأ حنا عميرة عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الكاتب عبيدات على كتابه المفيد والحيوي في رصد وتسجيل مواقف ذات دلالات معينة جرت وقائعها داخل اسوار المعتقلات الاسرائيلية. وطالب كل من له تجربة مفيدة وذات أبعاد ودلالات أن يسارع إلى توثيقها لأنها بمثابة التاريخ الحي لشعبنا الفلسطيني الذي ذاق في غالبيته مرارة الاسر وتكبيل الحريات.

وقال هاني عيساوي أحد النشطاء السياسيين المقدسيين إن لا احد يدرك أهمية كتاب من هذا النوع الخاص الا الأسرى أنفسهم ومن ذاق مرارة الاسر من قبل. واعتبر العمل، الذي نشر على شكل مقالات في موقع عــ48ـرب وجريدة القدس، قطعة أدبية وجدانية وإنسانية تصور بأسلوب جميل وممتع ما يجيش في خواطر وهواجس الأسرى الفلسطينيين المكبلين ومغلولي القيد وفاقدي الحرية في ظل ممارسات تعسفية استفزازية خطيرة.

وأضاف العيساوي في كلمته، أن أهمية هذا الكتاب وقيمته، أنه لأول مرة في تاريخ الحركة الأسيرة الفلسطينية، تجري عملية توثيق لواقع وتجارب الحركة الأسيرة بهذا الشكل، وهذا الكتاب يشكل إضافة نوعية، ومهم أن تقوم وزارة التربية والتعليم بالعمل على تدريسه للطلبة، كي يقفوا على حقيقة وواقع أسرانا وظروفهم في السجون الإسرائيلية. وطالب المؤسسات والمراكز التي تعنى بشؤون الأسرى بالعمل على رصد وتوثيق تجارب الحركة الأسيرة منذ عام 1967 وحتى اللحظة الراهنة.

وحيا الأسير المحرر محمود الصفدي الكاتب عبيدات على كتابه المتميز الفريد من نوعه على الساحة الفلسطينية. وقال إن الأسرى تلقوا بفرح غامر الكتاب واعتبروه وساما على صدورهم لأنه ينقل بصدق وامانة انسانيتهم ومواقف صمودهم الرائعة داخل السجون دون تهويل أو ادعاء بطولة زائفة، بل رصد وتسجيل دقيق لأحلام وطموحات المعتقلين كبشر وكمناضلين لهم أشواقهم وأحلامهم مثل غيرهم من فئات الناس. وطالب بترجمة الكتاب إلى لغات عالمية حية حتى تقف الشعوب الاخرى على معاناة وأحلام مناضلينا وأسرانا البواسل.

وحضر حفل توقيع الكتاب جمهور غفير من الكتاب والمثقفين والسياسيين المناضلين، إضافة إلى عدد من مربيات الاجيال والمثقفات والأمهات الفلسطينيات وأهالي الأسرى المقدسيين.

تجدر الإشارة الى أنه صدر للكاتب في حزيران 2007 ،كتاب آخر بعنوان"صرخات في زمن الردة".