أصدرت دار المتوسط في إيطاليا حديثًا الترجمة العربية لكتاب "ثلاث سنوات ونصف مع ناظم حكمت - في سجن بورصة ومراسلاتهما التي تلتها" الّذي يعدُّ اليوم من بين أهمِّ الوثائق عن ناظم حکمت، للكاتب والروائي التركي أورهان كمال.

ويتناول الكتاب الّذي ترجماه عن التركية أحمد زكريا وملاك دينيز أوزدمير رؤية حكمت للشِّعر، والرَّسم الذي كان يُمارسه في السّجن أيضًا، والفن بشكلٍ عامٍّ. بالإضافة إلى تناوُلِه للعديد من الجوانب الشَّخصيَّة في حياةِ شاعر تُركيا الأكبر.

وقد أضاف إیشیق أووتشو ابن أورهان كمال على هذا الكتاب بعد ذلك مذكِّرات والده في السّجن، كما أرسل إليه محمَّد فؤاد ابن ناظم حکمت قسمًا من المراسلات بين أورهان وناظم، وأُلحقت المراسلات بالكتاب أيضًا.

وأوضح المترجمان في مقدّمتهما للكتاب أنّه أثناء تأدية الرِّوائيِّ التُّركيِّ أورهان كمال الخدمة العسكريَّة، وتحديدًا في عام 1938، تمَّ القبض عليه بسبب نشاطه السِّياسيِّ، وعُثِرَ على أحد دواوين الشَّاعر حكمت المحظورة حينها في حقيبته، وحُكم عليه بالسّجن خمس سنواتٍ.

وخلال الفترة الأولى، تنقَّل أورهان كمال ما بين سجنَي قيصري وأضنة، حتَّى استقرَّ أخيرًا في سجن بورصة عام 1940. وفي العام نفسه، حدثَتْ صُدفةٌ غيَّرتْ حياة أورهان كمال بالكامل، حيث نُقل حکمت من سجن تشانکیري لأسبابٍ صحيَّةٍ إلى سجن بورصة، وهكذا بدأت صداقة الشَّاعر الكبير بأورهان كمال الذي كان شاعرًا أيضا حتَّى ذلك الوقت. وأصبح اسمان من أكبر الأسماء الأدبية التركية يتشاركان عنبرًا واحدًا، العنبر 52.

ويأتي الكتاب في 176 صفحة من القطع المتوسط، ويعدُّ واحدًا من أبرز الآثار الأدبية التركية في العصر الحديث، بتناولهِ حياة اثنين من كبار الأدباء الأتراك أثناء إقامتهما معًا في السّجن، ويوثّق الكتاب هذه المرحلة وما بعدها في سردٍ شيّق.

من الكتاب:

كنتُ كأيّ أحد مفتونًا بعد من بعيد، وكأيّ أحد، كنتُ ممتعضًا منه، دون معرفة سبب ذلك، ولكنْ، ربّما مثل أيّ أحد، دون أن أعرف السبب أو ربّما أعلم قليلًا أنّني أحببتُ فنّه المدهِش والمُعظَّم الذي يشبعني.

خرجتُ بهدوء من غرفة السِّجلات، كنتُ سأخبر صاحبَيَّ اللَّذيْن يكتبان الشِّعْر، ويظنّان نفسَيْهما شعراء، بالخبر الذي علمتُهُ من الكاتب.

أحدهما اسمه نجاتي، كان في عمري نفسه، ولكنْ، حُكِمَ عليه بسبع سنوات ونصف، قضى خمسًا منها. لم يرَ في سنواته المتدهورة أيَّة نقود لتساعده. تعرَّف إلى ناظم حكمت في سجن إسطنبول، وأصبحا صديقيْنِ مُقرَّبيْن ... أوَّل شيء عرفتُهُ عن ناظم حكمت كان من نجاتي الذي تحدَّث معه وجهًا لوجه. نجاتي كان يعمل بأشغال التنظيف في إدارة السجن. عثرتُ عليه جانب السلك الأمني لحجرة الزيارة في الطابق الأسفل، وقلتُ لهُ:

-"هل علمتَ بالخبر؟ سيأتي ناظم حكمت".

لم يصدّق، أقسمتُ له، فصفَّقَ بيَدَيْه مثل الطفل، وصاحَ "فليَحيَ"، ثمَّ حدّثني عن قباقيب ناظم حكمت في سجن إسطنبول، وجاكته الصّوفيّ الأخضر الطويل.

اقرأ/ي أيضًا | "زوجةٌ سرِّيَّةٌ للغياب".. مجموعة شعريّة جديدة للسوريّة رشا عمران