الاسكندرية تشيع الساخر جلال عامر إلى مثواه الأخير
- جلال عامر -
شيعت الإسكندرية المصرية جثمان الكاتب السّاخر جلال عامر إلى مثواه الأخير، والذي توفي صباح أمس الأحد، إثر أزمة صحية ألمت به مؤخرا.
وذكرت صحيفة محبي الكاتب جلال عامر على موقعي "فيس بوك" و"تويتر"، خبر الوفاة، وهي الصفحة التي يشرف عليها رامي جلال، نجل الكاتب الكبير.
وكان الكاتب الساخر قد أجرى مساء أول أمس عملية في القلب، بعد إصابته بجلطة في القلب.
وجلال عامر كاتب صحفي مصري مرموق، تخرج في الكلية الحربية، وكان أحد ضباط حرب أكتوبر، وشارك في تحرير "مدينة القنطرة شرق"، درس القانون في كلية الحقوق والفلسفة في كلية الآداب، حيث عمل كاتبًا صحفيًا و نشرت مقالاته في عدة صحف، وكان له عمود يومي تحت عنوان "تخاريف" في جريدة المصري اليوم.
كما كتب في جريدة الأهالي الصادرة عن حزب التجمع، وأشرف كذلك على صفحة مراسيل ومكاتيب للقراء في جريدة القاهرة، إلى جانب أنه أحد أهم الكُتاب الساخرين في مصر والعالم العربي، كما يعتبر صاحب مدرسة في الكتابة الساخرة، تعتمد على التداعي الحر للأفكار والتكثيف الشديد.
....................................................
نصّ لجلال عامر: طلوع روح القانون:
من المعروف أن خالى "عبدالحفيظ" مات متأثرًا بأغنية "بحبك يا حمار"، عندما منعه الطبيب من تعاطيها، لكن سربها إليه فى المستشفى أحد أتباعه، وكتب فى وصيته أن فى مصر ضباطًا لكن لا يوجد انضباط.. تكسر إشارة تهدم عمارة ماحدش هيفصل.. تلزق طوابعك تطرقع صوابعك جوابك هيوصل..
والذى أريد أن أناقشك فيه اليوم هو خطورة "فكرة الاعتياد"، أن تتعود عيوننا على "القبح" ورؤية القانون طريحًا على الرصيف على هيئة "كشك"، أو في الشارع على هيئة "خيمة"، أو في الحقل على هيئة "عمارة"، وأن يشب جيل يظن أن ذلك هو العادي، وقد ظل الناس فى كهف أفلاطون سنوات طويلة، يظنون أن الواقع هو الخيال، وأن الحق هو الضلال، وعندما جاء من يوقظهم رفضوه وقتلوه، والحياة قصيرة وإن طالت، والفترة الانتقالية طويلة وإن قصرت..
فالاعتياد على غياب القانون أخطر من غياب القانون ذاته، فالقانون نغيره فى يوم، والعادة نغيرها في سنوات.. وعودت عينى على رؤياك.. وأنا شخصيًّا ظللت سنوات أظن خطأ أن "داية قانونية" معناها "داية عادية"، لكن معمول لها محضر إجهاض ومحالة للمحاكمة، ثم اكتشفت أنها تستولد الفجر من رحم المستحيل بعد تسعة أشهر من الثورة، لتأتي لنا ببرلمان حقيقي يعيد القانون أو كهف أفلاطوني يعيد ويزيد.. من الخطأ والخطر أن تصبح الحياة فى مصر مثل "الختم" المتحرك ذي التاريخ الموجود في المصالح الحكومية، الذي يحتوي على كلمة واحدة ثابتة لا تتغير "فترة انتقالية"، بينما يغير الموظف الأرقام المتحركة لتدل على تاريخ اليوم: يناير.. فبراير.. مارس..
وهكذا، وهو ختم اخترعته البلاد المستقرة على حجر الزمن، التى بحثت عن الخلود في علم التحنيط وفي فن المبايعة، لذلك يجب أن يعود القانون قبل أن يجيء الرئيس، فالرئيس المقبل ليس المهدي المنتظر، ويجب أن نشعر بحاجتنا الشديدة إلى ذلك، فالخباز لا يبيع لك الخبز لأنه في حاجة إلى أن يطعم أولادك، ولكن لأنه في حاجة أن يطعم أولاده هو.. ابحثوا عن الجديد قبل أن يعود رمسيس إلى باب الحديد.. استدعوا حكيمًا روحانيًّا يستحضر روح القانون، ومن فضلكم كفاية حوار سياسي.. مش عارف أنام.