نعم إليك أيها المعلم، يا عماد المجتمع ونبراس طريق العلم، نعم أنت المرافق اليومي للطالب، وأنت الذي سيخرجه من عالم المدارس إلى عوالم الحياة الجدية، تلك العوالم المليئة بالمصاعب والتحديات التي لا بد أن يمر بها كل فرد في المجتمع.

هنا يكون دورك كمعلم، فأنت المثال الذي يقتدي به الطلاب والشمعة التي تنير دروبهم، وأنت المثل الأعلى لهم في كثير من الحالات. فلا بد أن تكون القدوة الحسنة لتلاميذك، وعليك أن تسلحهم بسلاح التفكير والبحث في شتى أمور الدنيا، لكي لا تخرِّج للمجتمع أناسًا اتكاليين ومغلقي التفكير. 

لا قيمة لرسالة التربية والتعليم إذا اقتصرت على تلقين المادة والمعلومات التي تمرر عبر الوزارة، فهذه المادة لا تحقق أهداف التربية التي يحتاجها المجتمع للنهوض به، أي أنها لا تثقف العقل ولا تنمي الفكر ولا تبني الشخصية ولا الاعتماد على النفس، ولا تنمي الشجاعة، كما أنها لا تبعث في نفس الطالب حب العلم ولا الشعور بالواجب تجاه نفسه وعائلته ومجتمعه ووطنه ولا تعمل على تحمله المسؤولية الاجتماعية. 

نعم أيها المعلم، لك أنت أكتب هذة الرسالة. لكي تنهض نهضة المهتم والملهِم لطلابه، ولكي تكتب بين سطور تاريخ حياتك أنك أنت علمت الباحث الفلاني والمهندس الفلاني والطبيب الفلاني والفنان الفلاني وغيرهم. حان وقت إمساكك بزمام الأمور وعدم ترك دورك السامي بالنهوض بالمجتمع وزرع حب الانتماء للمجتمع والوطن، نعم أنه الوقت الذي تبادر فيه لتعليم طلابك أدب الحوار ونبذ العنف والكراهية، وأيضا هو الوقت الذي تشجيعهم فيه على حب المعرفة من خلال القراءة ومشاهدة الأفلام الوثائقية الهادفة عبر الشبكة العنكبوتية، فكن على يقين أنه ما من عالم أو قائد إلا وله معلم أثر على حياته، فكن أنت هذا المعلم لطلابك.

ولكي تكون أنت القدوة والنبراس للطلاب، ما عليك إلا أنت تباشر بعمل واجبك الأخلاقي والقيمي والتحلي بصفات المعلم المربي الناجح والتي أساسها:

1- الإخلاص والاجتهاد: عليك أن تعمل بإخلاص واجتهاد ونية صادقة يرجو بها وجه الله سبحانه وتعالى، وأن ترضي بها ضميرك أمام نفسك.

2- القدوة الحسنة: عليك أيها المعلم أن تكون قدوة حسنة لطلابك في مظهرك، سلوكك، تعاملك وحديثك، واعلم أنك تستطيع التاثير بجدية عليهم بكونك قدوتهم.

3- الرحمة والرفق: عليك أيها المعلم أن تكون عطوفًا رحيمًا بطلابك تشفق عليهم وتعاملهم بلطف وتصبر عليهم فإن أكثر ما يؤثر على الطلاب هو التعامل!

4- الأسلوب الجذاب: عليك أيها المعلم أن تكون مثال الشخصية جذابة، في تكوينها وحديثها وطريقة تفكيرها وأسلوب معاملتها والتي تغري الطلاب بالإقبال عليها نتيجة الارتياح إليها.

5- التمكن من المادة العلمية: وهي صفة ضرورية ولازمة لكل معلم. فتمكنك ايها المعلم من المادة العلمية أمر ضروري لحفظ مركزك كمعلم من جهة وقدرتك على التعليم من جهة أخرى. ومن المعروف أن التمكن من المادة يبعث في نفسك نشاطًا وإقبالًا على عملك، أيضاً عليك أن تكون ذا ثقافة واسعة تحبب الطلاب فيك وفي دروسك.

6- الإعداد الجيد للدروس: فعليك أيها المعلم أن تعد لدروسك إعدادًا جيدًا وأن تخطط لدروسك بجهد وانتظام، فعليك أن تبتعد عن الارتجالية التي لطالما أفقدت الدروس المتعة والفائدة، واعلم أن لكل مادة أهدافاً عامة ولكل درس أهدافاً خاصة يجب عليك  كمعلم أن تطبقها بكل فعالية.

7- الحرص على النمو العلمي والمهني: وذلك من خلال القراءة المتخصصة في كتب التربية وطرق التدريس والدوريات والنشرات التربوية واللقاءات التربوية ويمكنك والالتحاق بالدورات التربوية التي تعقد للمعلمين والاستفادة من خبرات الزملاء المتميزين في مدارسهم. ولا تكن  مثل العديد من المعلمين الذين يقعون في خطأ كبير عندما يظنون أن تخرجهم ونيلهم للوظيفة هو نهاية المطاف.

8- مراعاة الفروق الفردية: فمراعاتك للفروق الفردية ومعرفة خصائص الطلاب وصفاتهم من المسلمات التي يجب أن ترتكز عليها، فمن متابعة معرفة الفروق الفردية وخصائص كل طالب وطالب يمكنك ان تحدد كمعلم سبل التدريس المناسبة.

9- البشاشة وحسن الخلق: فعليك أيها المعلم أن تكون بشوشًا مع طلابك صاحب ابتسامة تسحر قلوبهم وحبذا لو كنت صاحب دعابة ومزاج خفيف، بشرط ألا يكون هذا المزاح فيه إيذاء لمشاعر أحد طلابك، فالمزاح الخفيف من الأمور التي تروح عن النفس وتطرد الملل، وتجعل طلابك متفاعلين مع الدرس، يمضي الوقت عليهم سريعًا وأيضًا يزداد حبهم لك كمعلم ولدروسك بشكل خاص. اما في حال كنت عابس الوجه مقطب الجبين تجد طلابك وكأن على رؤوسهم الطير ينتظرون بفارغ الصبر سماع صوت الجرس معربًا عن انتهاء حصتك.

10- التشجيع والثناء: له آثار كبيرة على النفس فالتشجيع بالثناء والكلمة الطيبة والتشجيع بالجوائز والتشجيع المعنوي بوضع الاسم في لوحة المتفوقين وغيرها من وسائل لا تكلفك شيئاً! أما بالنسبة للطالب وخصوصا في المدارس الابتدائية والإعدادية،  وحبذا لو ابتكرت وسائل تشجع بها طلابك وتحفزهم.

تأكد أيها المعلم أنك السلاح الوحيد الباقي للمجتمع والورقة الأخيرة التي بقيت للنهوض به، أنت الشخصية التي تحمل رسالة التربية والتعليم وليس صدفة أن التربية سبقت التعليم في التعريف، علم طلابك ما قاله السلف الصالح في العلم كقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه  “كل يوم لا أزداد منه علما، فلا بورك لي في طلوع شمس ذلك اليوم”.