في إطار تغطيته الخاصة لانتفاضة القدس والأقصى في الداخل، يعيد 'عرب 48' نشر نصوص نشرت في صحيفة 'فصل المقال' خلال تشرين الأول (أكتوبر) من العام 2000.


بين رصاصتين
وعقب بندقيّة
تختصر قضية
بين رصاصتين من حقد وغدر
في العنق الأسيل. في شمخة
الصدر
وبندقية تجوس في لؤلؤ
الثغر
تنطفي عينان من اللوز
وتشحب شفتان من الكرز
ويرعف أنف يضجّ من الكبر
وأسيل البهيّ
الأبيّ
الفتيّ
يسيل
وأسيل الجميل
النبيل
الأصيل
يسيل
وأنا، كبدي يا أسيلُ!
أسيلُ
قبل يومين من ارتقائك
قرعت بابي فانفتح
على جبهة كالسنا
وضحكة هي الغنا
وبريق عينين يزيح العَنا
وحدّثتني عن لبنان والمجزرة
وعن أبي خالد يزاحم الشُّهبا
باذلاً أنفاسه كي يجمع العُربا
وعلى وعد باللقاء خرجت
تاركا في غرفتي عبقا وخصبا
خرجتَ
وما دريت ولا دريت
أنّ الغد يحمل الموت
ثمّ التقينا جثتين
أنا وأنت

*‫**‬

بُنيّ أسيل‬
كوكبة الأحباب في الطابق الرابع‬
توثّبٌ وصهيل‬
والمقعد شوق‬
والساحة توق‬
والردهة تشتاق خطى كالنسيم‬
أنا لن أنبيك عمّا يسيل‬
وعمّا إليه الأمور تؤول‬
وما قالوه وما لم يقولوا‬
بنيّ المغمدُ المسلولُ‬
أكبرت يومكَ أن يكون عويلُ‬
فالقدس عرس والعروس أسيلُ‬
أكبرت يومك أن يكون عويل‬
فالأرض عرض والنجيع سبيلُ‬
بنيَّ أسيلُ.. والحديث يطول‬
أما زلت تلاعب الأبجدية‬
وتداعب الذال العصيّة‬
والبحر والشراع والقوارب‬
والفضاء مشعشعا بالشموس‬
مفضّضا بالكواكب‬
أما زلت‬
تكتب رثاءك حيّاً وميتا‬
تطارد الأزهار والأقمار، تسابق‬
الصوتا‬
وتفيئُ إلى زيتونة تزنر البيتا‬
أما زلت؟‬

***‬

خبّر بنيَّ، خبّر أسيلُ‬
ارأيت صلاح الدين‬
على أهدابه غبار معارك القدس‬
وعلى صدره سنابل من حطين؟‬
خبّر أسيل‬
أما زال فتى الحلّة صفيّ الدين‬
يلملم الأطياف والألوان والحلما‬
وينسج العلما ‬
وتندفق من أصابعه‬
معارك الأمس‬
ويبارق الشمس؟‬
أشفق بُنيّ عليه‬
وامسح بجرحك دمعتيه‬
وإن ساءلك عن ألوانه الأربعه‬
ورايتنا المشرعه‬
فبشّره أن سيراها بعد قليل‬
تلفُّ أسيلا بجنب أسيل‬
وخبىء في جرحك المستحيل‬
حقيقة أنا‬
بيضٌ بيارقنا‬
سودٌ صنائعنا‬
خضرٌ مراتعنا‬
حمرٌ ليالينا

*‫**‬

تسائلني أسيل عن العرب
وعما فعلت أمه النُّجب
أما زالوا على العهد؟
ماذا أقول في أحوالهم ولدي؟
دفقٌ شبابهم. فالأرحام لم تلد
صفقٌ كبارهم. فالأنساب لم تفد
تنادوا إلى قاهرة المعزّ وأطلقوا
خطابا قويا يُعتق
وفتحوا ذخيرتهم عن أخضر
عفن
وفتحت صدرك عن خافق لدن
وماذا أقول في أحوالهم ولدي
ألا عفني
تنتحر الكلمات في جسدي
فاحقن دموعك
وانثرها بلا ثمن
تساقط مطرا على ثرى الوطن
لتبزغ من وضاءة الكفن
شمس الغد الآتي
محمّلة بالمنّ ممزوجا مع الشهدّ

‫***‬

ويا أختي الملوعة
إن سألوك عن أسيل فقولي
خرج لمهمة مسرعا
ليذود عن ألوانه الأربعه
وعمّا قليل سيعود
حاملا الزوبعه
وراية مشرعه
مرصعه
بدم قانٍ
وزيتونة
وياسمينة
وأرض بأنفاسه
مترعه

‫***‬

بعضُ أعزائي فيك
إجماع اللوعة عليك
ولأنّ الشهيد بدفق الحب يقات
باقٍ أنت
ونحن، بعدنا الموت
فدمُك المنساب في أوصالنا
وقود وزيت
فلك عدن والسدرة
ولنا في المنتهى وطنٌ وبيتٌ
وبين رصاصتين
وعقب بندقيه
تنتصر قضيّه.