"كفى ترددا"
إن مداولات الطاقم السباعي حول صفقة شاليط تدل على شدة التردد التي يواجهها المستوى السياسي في إسرائيل. وكلما تقلصت الفجوات بين موقفي حماس وإسرائيل يبدو التردد أشد. إن الإنذار النهائي الذي حدده الوسيط الألماني أوضح لحكومة إسرائيل أن ساعة الحسم لا يمكنها أن تنتظر مزيدا نم الوقت.
إن التعادل الذي يبدو بين وزراء الحكومة يفرض على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن يحسم الأمر، وهو الذي سيقف أمام معارضي قراره، في حال قررر قبول الصفقة وأمام مؤيديه في حال قرر رفضها، ويشرح لهم دوافعه.
ولكن هذه المداولات تأتي بتأخير ثلاث سنوات ونصف. فمطالب حماس ليست جديدة، والمفاوضات الطويلة والمضنية تدل على أنه يوجد حدود للتنازلات من الجانبين. حملت العراقيل في المفاوضات في فترة رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت، والمماطلة في فترة نتنياهو، عملية اتخاذ القرار ثقلا غير ضروري من الهيبة الشخصية، والسياسة الحزبية والضغوط الشخصية. ونقل ذلك مركز اتخاذ القرار من مكانه الطبيعي – تحقيق التزامات الدولة لجنودها- إلى الشعبوية.
لا يمكن لحكومة إسرائيل أن تدعي نظافة يديها بالقول إنها قامت بكل ما بوسعها لإطلاق سراح شاليط من أسره. صحيح أنها فرضت حصارا قاسيا على غزة كوسيلة ضغط لإطلاق سراحه، ولكن من دفع الثمن هم سكان غوة وليس حماس. وشنت إسرائيل حملة عسكرية واسعة في غزة، لم تسهم بشيء في تحرير شاليط، وفي نهاية المطاف اضطرت للعودة للمفاوضات.
لم يضف أي تبرير إضافي على مجمل الاعتبارات الأمنية والجماهيرية، يبرر شد أعصاب الجمهور وعائلة شاليط، وتعريض حياة شاليط للخطر. كما أن أمن دولة إسرائيل لا يتوقف على عشرة أو عشرين فلسكينيا بطلق سراحهم. هيبة إسرائيل لا تقاس فقط بقدرتها على محاربة الإرهاب، وفشلها لا يقاس بضجيج النصر لحماس مع استقبال أسراها المحرين. غلعاد شاليط الذي كان يجب أن يتحرر منذ وقت طويل يجب أن يعود إلى بيته حالا.