كتب توم سيغيف في صحيفة "هآرتس" أنه في أعقاب إطلاق الصواريخ من قطاع غزة إلى سديروت، ترتفع الأصوات التي تطالب بمعاقبة سكان القطاع، وحتى إبعاد عدة آلاف منهم من المناطق الحدودية. إلا أن هناك بالطبع إمكانية مقلوبة، لم يقم أحد بفحصها، وتتمثل في تحرك مئات آلاف الفلسطينيين سيراً على الأقدام باتجاه الحدود، ويقومون بـ"تحطيم السياج والمعابر والأسوار ويدخلون إلى إسرائيل في مظاهرة ضخمة لمواطنين غير مسلحين". كما يتناول سيغيف اقتراحاً، لم ينفذ، بنقل آلاف العائلات من اللاجئين الفلسطينيين في القطاع إلى الضفة الغربية، من أجل استباق حصول مثل هذه الإمكانية.

ويبدو أن هذا الاحتمال لم يأت من فراغ، فقد سبق وأن ناقش احتمالا مماثلا رئيس الحكومة الإسرائيلية في حينه، ليفي أشكول، قبل حرب 1967.

ويقول سيغيف إنه قبل حرب 1967، بسنتين بالضبط، أبدى رئيس الحكومة ووزير الأمن في حينه، ليفي أشكول، تخوفاً من إمكانية حصول أمر كهذا. وقد جرى النقاش في جلسة الحكومة الأسبوعية مع قادة الأجهزة الأمنية، في الرابع من حزيران/ يونيو 1965.

افتتح أشكول الجلسة في حينه بالسؤال: "كم هو عدد اللاجئين؟ ماذا يأكلون؟ وما هو وضع الهجرة؟". وأجاب رئيس المخابرات العسكرية، أهارون ياريف أنهم "يأكلون ما تقدمه لهم وكالة غوث اللاجئين، الأنروا، وأن أوضاعهم ليست جيدة، وهناك حالة تذمر في وسط اللاجئين، ولذلك يتم تجنيدهم للجيش المصري".

وقال أشكول إنه يعتقد طوال الوقت بأن قضية اللاجئين هي "عقب أخيل" بالنسبة لإسرائيل. وتساءل: "ماذا نفعل لو قاموا ذات يوم بدفع النساء والأطفال إلى الأمام؟". وعندها رد عليه رئيس هيئة أركان الجيش في حينه، يتسحاك رابين: "إذا لم يقوموا بذلك حتى الآن، فهم لن يفعلوا ذلك.. وبعد قتل 100 منهم، فإنهم سيتراجعون".

ويضيف أن أشكول لم يقتنع، وقال: "إنهم يتكاثرون بسرعة". إلا أن رابين رد عليه بالقول: "لم يرتفع عدد اللاجئين. في السنوات 1949 و 1950 و 1951 و 1952، وعندما كان النقب خالياً، وكان هناك قرى مهجورة، كان هناك مجال للتخوف من ذلك.. وفي حينه تحدثوا عن مسيرات للاجئين، أما اليوم فلم أسمع أن أحداً يتحدث عن ذلك".

وقال أشكول: "في اللحظة التي يصبح عددهم فيها 500-600 ألف، فهم يتكاثرون في كل مرة، ومن الممكن أن ينفجر ذلك في لحظة ما.. أما أن تظل الأنروا تعيلهم، فنحن أيضاً لا نعتقد أن ذلك جيد".

وتساءل المدير العام لوزارة الأمن، موشي كشتي، "إذا كان تشجيع الهجرة يعتبر حلاً بناء لحل المشكلة. وأجابه رابين: "لقد عملنا على ذلك في ألمانيا، وفي جنوب أفريقيا، إلا أن المصريين لا يسمحون لهم بالخروج، وهم يقولون ذلك صراحة.. وباتت مغادرة المكان بنظر العرب خيانة لفلسطين".

ويتابع سيغيف إنه بعد سنتين، احتلت إسرائيل قطاع غزة.. ووضع على طاولة أشكول عدة اقتراحات لتخفيف ضائقة اللاجئين في القطاع. ومن جملة الاقتراحات كان نقل بضعة آلاف من عائلات اللاجئين من غزة للسكن الدائم في الضفة الغربية. إلا أن هذا الاقتراح لم ينفذ، لعدة أسباب، من بينها أن الوزراء مناحيم بيغين، وموشي ديان، ويغئال ألون، طالبوا بالحفاظ على الضفة الغربية من أجل الاستيطان. وفي حينه لم يكن بإمكان أشكول أن يشكل ائتلافاً بدون بيغين وديان وألون.