دافع المحلل العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، رون بن يشاي، عن مطلب وزارة الأمن الإسرائيلية زيادة ميزانيات الأمن، وذلك بذرائع الحرب العدوانية الأخيرة على قطاع غزة، والتغييرات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط.

وكتب أنه خلافا لكل المرات منذ العام 2006، فمن الصعب أن يدعي أحد أن جهاز الأمن الإسرائيلي لا يستحق زيادة في الميزانية، سواء في العام الحالي (9 مليار شيكل) بسبب الحرب على قطاع غزة، أم في العام القادم 2015 (11 مليار شيكل) بسبب تقليص التدريبات وتقليص تعزيزات قوة الجيش في السنتين الأخيرتين. مضيفا أن مطلب زيادة الميزانية العسكرية مشروعا بسبب "تغييرات درامية في المنطقة".

التغيير الأول، بحسب بن يشاي، فهو "صعود الإسلامي الجهادي المتطرف"، والتهديد الذي يشكله على استقرار دول المنطقة، وخاصة استقرار الدول المجاورة لإسرائيل والسلطة الفلسطينية. ويستدرك أن التهديد ليس "وجوديا"، ولكنه يتطلب أموالا طائلة بهدف جمع المعلومات الاستخبارية والجاهزية لتوجيه ضربات دقيقة.

أما التغيير/ السبب الثاني، فهو دروس "الجرف الصامد" (الحرب العدوانية على قطاع غزة – عــ48ـرب)، حيث يشير المحلل العسكري هنا إلى أن حركة حماس وباقي الفصائل الفلسطينية "تتعلم بسرعة، وتعزز من قوتها العسكرية بسرعة أيضا".

وفي هذا السياق يضيف "لقد فوجئنا من القدرات والكمية والنوعية والروح القتالية، ومن المرجح أن هذا سيحصل مع حزب الله". ويتابع أنه من أجل حق دماء الجنود الإسرائيليين وتحقيق الفاعلية المطلوبة إزاء التنظيمات التي تحارب بطريقة "حرب العصابات" فيجب استخدام كميات ضخمة من النيران التي تساعد القوات البرية، والتي تكلف أموالا طائلة، إضافة إلى أن تكلفة كل صاروخ اعتراض يطلق من "القبة الحديدية" تصل إلى عشرات آلاف الدولارات.

ويتابع الكاتب أنه في المرحلة الأولى يجب أن تجري عملية تحليل للأداء خلال الحرب الأخيرة، والتمييز بين ما يموله جهاز الأمن من الميزانية الجارية، وبين الزيادة التي يحصل عليها. وفي المرحلة الثانية يجب إجراء عملية اسخلاص العبر من "الجرف الصامد" بسرعة، بحيث تتم ترجمتها إلى خطة عمل أكثر من سنوية.

ويضيف أنه في المرحلة الثالثة تتم المصادقة على زيادة الميزانية، والتي يجب أن تتركز، بحسب التقديرات في أربعة مجالات. المجال الأول هو التسلح بالوسائل الدفاعية، وتقليص الإصابات في صفوف الجنود والجبهة الداخلية، وتقليص الدمار في البنى التحتية الأمنية والمدنية أثناء القتال، بدءا من "العصا السحرية" لاعتراض الصواريخ الثقيلة والبعيدة المدى الموجودة لدى حزب الله، علما أن تكلفة كل صاروخ تصل إلى مليون دولار.

كما يتضمن التسلح بالوسائل الدفاعية صواريخ الاعتراض الخاصة بـ"القبة الحديدية"، إضافة إلى بطاريات صواريخ أخرى، وكذلك تزويد سلاح المدرعات بالمزيد من منظومة "معطف الريح" لحماية الدبابات من الصواريخ المضادة، والتي أثبتت نفسها خلال الحرب الأخيرة، بحسب الكاتب، وأيضا تطوير أجهزة للكشف عن الأنفاق وأخرى لتدميرها بسرعة، وتطوير أجهزة إنذار تحذر من قذائف الهاون وأخرى لاعتراضها بواسطة الليزر.

ويشمل التسلح أيضا زيادة عدد الدبابات من طراز "مركفاه 4"، والتي ثبتت نجاعتها في الحرب على غزة، والتسلح بالمدرعات الحديثة التي توفر حماية أكبر وحرية تحرك أكبر للقوات البرية.

ويشير الكاتب إلى أن التسلح الدفاعي ضروري جدا، بسبب حساسية الجمهور الإسرائيلي للخسائر، خاصة وأنه بات من الواضح أن الجيش سوف يحارب في لبنان أو ضد منظمات "إرهابية" في سورية، وهي مسلحة بأسلحة مضادة للدبابات والطائرات.

أما المجال الثاني فهو الاستخبارات، وذلك لمواجهة التهديد المركزي الناجم عن البرنامج النووي الإيراني، ولتحسين قدرات الجيش في القتال البري والجوي. ويضيف أن هذا المجال يشمل زيادة ميزانية الشاباك والموساد، وزيادة الجهود في جمع معلومات استخبارية كثيرة ومفصلة قدر الإمكان عن "التنظيمات الجهادية" التي تنقسم وتتكتل في أشكال مختلفة بما يتطلب متابعتها بدقة.

ويتابع أن هذا الجهد الاستخباري يتطلب وسائل تعقب ومجسات من أنواع مختلفة، بشرية وإلكترونية وبصرية. كما يجب تعزيز وحدة "التقييم والدراسات" التابعة للاستخبارات العسكرية، وتطوير الوسائل الاستخبارية لكافة الهيئات الاستخبارية باعتبار أن ذلك شرطا ضروريا للقتال الناجع والاقتصادي في الحرب القادمة.

وعن المجال الثالث يشير المحلل العسكري إلى النيران الدقيقة، سواء من الجو أو البحر أو البر، والتي يتم توجيهها بموجب معلومات استخبارية دقيقة بحيث تقلص الخسائر في وسط من ليسوا ذي صلة، وتحيد القدرات القتالية لـ"العدو" بسرعة. وبحسبه فإن سلاح الجو هو المرشح الرئيس لكي يتزود بالتسلح الدقيق، حيث ثبت أثناء القتال في غزة أن القصف الجوي يشكل في حالات كثيرة بديلا لعمليات برية يقتل فيها جنود.

أما المجال الرابع فهو مجال الحرب الإلكترونية (السايبر)، حيث يشير في هذا السياق إلى أن إسرائيل ظلت معرضة للهجمات الإلكترونية طيلة فترة الحرب، 50 يوما.

وينهي مقالته بالإشارة إلى ضرورة تكثيف تدريبات وحدات الاحتياط والجيش النظامي، الأمر الذي يتطلب زيادة في الميزانيات.

ويدعو هنا إلى ثورة أو إجراء تغيير في مبنى الميزانية، مشيرا إلى أن المليارات تصرف على أمور ليست مرتبطة بالأمن، مثل ميزانيات التقاعد للجنود النظاميين، وميزانيات الترميم ومركبات مدنية أخرى ضمن ميزانية الأمن، مضيفا أنه من الصعب تقدير كم يصرف سنويا على الأمن من الميزانية التي تصل إلى 60 مليار شيكل، وكم يصرف منها على أهداف أخرى والتي يجب ألا ضمن ميزانية يجب أن تصرف على "الأمن الجسدي والإحساس بالأمن".