تمحورت السياسة الأمريكية غير الناجعة في السنوات الأخيرة في مقاطعة كل حركة سياسية أو حكومة تعترض على الهيمنة الأمريكية. وهذه السياسة لا تفسح المجال للقادة الثوريين أو لهؤلاء الذين يرفضون التعاون مع تلك السياسة لتعديل مواقفهم.

إحد الأمثلة لهذه الظاهرة هي نيبال. فقبل 12 عاما حاولت الحركة الثورية الماوية إسقاط النظام الملكي وتغيير النظام الاجتماعي والسياسي. وبالرغم من أن الولايات المتحدة صنفت الثورة الماوية كإرهابية وافق مركز كارتر على تقديم المساعدة والمساهمة في الوساطة بين ثلاثة أطراف: العائلة المالكة، والأحزاب السياسية القديمة وحركة الماويين.

بعد ستة شهور من إقصاء الملك عن سدة الحكم والذي فرض حكما قمعيا في الدولة، توصلت الأطراف إلى اتفاق وقف إطلاق نار. وتخلى الماويون عن سلاحهم فيما وافق الجيش النيبالي على البقاء في قواعده.

وواصل المركز نشاطاته في القضية، وعدا عن الولايات المتحدة، بدأت دول وتنظيمات دولية بالعمل من أجل إحلال مصالحة شاملة في نيبال. وفي نهاية المطاف حقق الماويون أهدافهم الرئيسية- القضاء على المؤسسة الملكية، وإقامة جمهورية ديمقراطية وإلغاء التمييز الطبقي والعرقي.

وبعد النجاح المذهل في الانتخابات، التي أجريت في 10 إبريل، سيلعب الماويون دورا هاما في إعداد الدستور الجديد وفي السلطة. ومن ناحية الولايات المتحدة ما زالوا يعتبرون إرهابيين.

في طريق عودتنا إلى البلاد، وبعد الانتخابات في نيبال والتي كنا فيها مراقبين، وصلنا إلى إسرائيل، وانضم إلي، ولزوجتي وابني، عضو الكونغرس السابق ستيفين سولرز، وروبرت باستور من الجامعة الأمريكية، وهاريير باليان، مدير مكتب حل الأزمات في مركز كارتر.

كان هدفنا دراسة المنطقة كي نتمكن من تقديم المساعدة ودفع مبادرة السلام المرتبكة للرئيس الأمريكي جورج بوش ووزيرة الخارجية كونداليزا رايس. وبالرغم من معرفتنا أن سياسة الولايات المتحدة الرسمية تدفع باتجاه مقاطعة قادة حماس وسوريا لم نتلق أي رسائل أو تحذيرات تعترض على الزيارة، باستثناء التحذير من خطر متوقع في غزة التي لم نزرها.

لقد تابع مركز كارتر ثلاث انتخابات فلسطينية، بما في ذلك الانتخابات التشريعية في يناير/ كانون ثاني عام 2006. وبعد أن فازت حركة حماس في الانتخابات في عدد من المجالس البلدية في فلسطين وبنت الحركة لنفسها سمعة جيدة كمن يحكم بجودة وبنزاهة – فازت بالانتخابات العامة، واقترحت إقامة حكومة وحدة وطنية مع محمود عباس كرئيس للسلطة ومنحت وزراء فتح وزارات هامة من بينها الخارجية والمالية.

لكن إسرائيل والولايات المتحدة صنفتا حركة حماس على أنها تنظيم إرهابي من قبل إسرائيل والولايات المتحدة، واضطرت حكومة فلسطين المنتخبة على أن تحل. وفي نهاية الأمر سيطرت حماس على غزة وعلى 1.5 مليون سكانها المسجونين، بينما تسيطر فتح على الضفة الغربية الواقعة تحت الاحتلال.

وتحظى حركة حماس حسب الاستطلاعات بشعبية واسعة. وبما أنه لا يمكن تحقيق السلام والفلسطينيين منقسمين، فقد رأينا أنه من المهم فحص الظروف التي من خلالها يمكن إعادة حماس إلى المحادثات بالوسائل السلمية(في الفترة الأخيرة أشار استطلاع للرأي إلى أن 64% من الإسرائيليين يؤيدون إجراء محادثات مباشرة مع حماس".).

وماذا بشأن سوريا؟ واضح أنه لا يمكن إحلال تسوية سلام بين سوريا وإسرائيل دون إيجاد حل لمشكلة الجولان. وهنا أيضا السياسة الرسمية الأمريكية تقاطع الحكومة السورية وتمنع إجراء مفاوضات سلام ثنائية على خلاف رغبة الكثيرين في إسرائيل.

اجتمعنا مع قادة حماس في غزة وسوريا، وبعد يومين من المباحثات قدموا ردودهم الرسمية لمقترحاتنا:

حماس تقبل أي اتفاقية يتم التوصل إليها بين عباس ورئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت، إذا ما تمت المصادقة عليه في استفتاء عام، أو من قبل حكومة منتخبة. وأكد رئيس الدائرة السياسية لحركة حماس خالد مشعل ذلك بالرغم من النفي الذي نشر في وسائل الإعلام على لسان مسؤولين آخرين.

توافق حماس مع حلول الوقت على اقتراح يأتي من رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض، تنقل بوساطتنا، لتشكيل حكومة غير حزبية مكونة من تكنوقراط وخبراء تتولى الحكم حتى الانتخابات المقبلة.

تفكك حماس الأذرع المسلحة العاملة في غزة إذا توفرت إمكانية لإقامة قوة أمنية غير حزبية مكونة من مهنيين.

إلى جانب ذلك سيتم تسليم رسالة من الأسير الإسرائيلي غلعاد شاليت إلى ذويه، وحينما توافق إسرائيل على إطلاق سراح الأسرى الذين طلبتهم حماس، ويتم إطلاق سراح المجموعة الأولى سيرسل شاليت إلى مصر في انتظار الإفراج عنه.

توافق حماس على تهدئة متبادلة في غزة وتتوقع أن يتم توسيعها إلى الضفة الغربية.

توافق حماس على سيطرة دولية على معبر رفح شريطة أن يكون المصريون هم من يتحكمون بفتحه وإغلاقه وليس إسرائيل.

إذافة إلى ذلك، الرئيس السوري بشار الأسد عبر عن رغبته بإجراء مفاوضات مع إسرائيل من أجل التوصل إلى حل لمشكلة الجولان. ويطلب أن تكون للولايات المتحدة دورا في المحادثات وتكون علانية.

في محادثات إضافية مع هؤلاء القادة، الذين يعتبرون غير شرعيين، قد يكون ممكنا إحياء محادثات السلام بين إسرائيل وجاراتها.



*الكاتب هو رئيس الولايات المتحدة بين أعوام 1977-1981، أقام مركز كارتر، الذي يعنى بشؤون السلام والصحة.