على العكس ممّا يشيع اعتقاده، فإننا لا نأكل دومًا بسبب شعورنا بالجوع، وكثيرًا ما يتحوّل الطّعام وفعل تناوله إلى ممارسة نلجأ لها شعرنا بالضيق، ونتعامل من خلالها مع المشاعر غير السارة أو المريحة، مثل الحزن، الملل أو الوحدة القاتلة، وهو ما يسمّى بـ"الأكل العاطفيّ".

وعرّف موقع "هيلب غايد" الأكل العاطفي باللجوء إلى التهام الطعام للشعور بتحسن عاطفي معيّن، وعليه يتحول دور الطعام من مجرد غاية لإشباع الجوع الملموس إلى وسيلة لتلبية الاحتياجات العاطفية؛ لكنّ اللّافت في هذه الممارسة، أنها تدخلنا في دوّامة أكبر، فما أن ننتهي من تناول الطعام بطريقة هستيرية، نشعر بالسوء ليس نتيجة المشكلة الأساسية التي دفعتنا إلى الإقدام على هذا السلوك، بل شعور بالذنب نتيجة الإفراط في تناول الطعام.

ولا يعد إشباع الحاجات العاطفية بالطعام خطوة ناجحة، فبالرغم من أن الأكل يجعل المرء يشعر بتحسن ملحوظ، إلا أن هذا الشعور آنيّ ولا يستمر، بل على العكس ستنقلب الأمور رأساً على عقب، إذ في أغلب الأحيان يشعر الأفراد الذين أفرطوا في تناول الطعام بالسوء وبحالة من الكآبة تفوق حالتهم السابقة بعد إدراكهم حقيقة السعرات الحرارية التي اكتسبوها من دون وعي.

واعتبر موقع "سيكولوجي توداي" أن الأكل العاطفي يتخطى مسألة عدم القدرة على ضبط النفس: "لو كان الأكل العاطفي مسألة بسيطة مرتبطة بالانضباط، لكان بالإمكان معالجة ذلك من دون الاضطرار إلى تعذيب أنفسنا بالواجبات المدروسة ودفع المال مقابل الأطباق الغذائية الخاصة والتفكير المفرط في مسألة ماذا نأكل ومتى، وبطبيعة الحال لكنا قد تفادينا مشكلة اضطراب الأكل". 

وبيّن الموقع وفقًا لدراسة نشرها أنّ هناك خمسة أسبابٍ رئيسيّةٍ للأكل العاطفيّ، وهي:

أوّلًا، الجهل: إذ يمكن أن يحدث الأكل العاطفي كنتيجة مباشرة لغياب الوعي بشأن نوعية الأكل وفي السبب الذي يدفعنا إلى الإفراط في تناول الطعام، وهو ما يعرف أيضًا بـ"الأكل اللاوعي"؛ أي عندما ينتهي المرء من تناول وجبة ما ورغم الشعور بالتخمة إلا أنه يستمر في تناول بقايا الطعام أو التهام أي نوع من الأطعمة لمجرد أنها أمام عينيه.

وطرح الباحثون حلًّا لهذه المشكلة، عبر الانتباه جيداً لما نأكله، فبالرغم من أن مسألة التركيز على ما يدخل إلى أفواهنا من مأكولات تبدو خطوة مملة، إلا أنها ضرورية لتجنب الإفراط في تناول الطعام؛

ثانيًا، أن يكون الطعام المتعة الوحيدة: بحيث يصير أشبه بالمخدرات التي يصعب التخلص منها بسهولة، وهذا يعود لاحتوائها على السكريات التي تطلق المواد الأفيونية في دماغنا، وهي المكونات الموجودة في الكوكايين، الهيرويين وغيرها من المخدرات، وبالتالي فإن الإقدام على كسر عادة الأكل العاطفي قد يكون أشبه بالتخلص من المخدرات. أما الحل الذي طرحه الباحثون فيكون عبر إيجاد طرق أخرى لمكافأة النفس وتحسين المزاج؛

ثالثًا، عدم القدرة على التغلب على المشاعر الصعبة: منذ صغرنا نتربى على فكرة تجنب الأمور التي تشعرنا بالسوء، إلا أن الطرق التي وجدناها لتشتيت انتباهنا عن المشاعر الصعبة قد لا تصب دومًا في مصلحتنا، وبالتالي غياب القدرة على تحمل مشاعر الحياة التي لا مفر منها قد يكون كافيًا لجعلنا عرضة للأكل العاطفي. من هنا، فإن الحل يكون عبر السماح للنفس باختبار المشاعر الصعبة وعدم الهروب من الواقع؛ 

رابعًا، كره الجسد: إذ تعدّ السلبية والخجل وكره الذات عوامل تحث الناس على إجراء تغييرات كبيرة تتعلق خاصة بأجسادهم، واللافت أن العديد من الناس يزعمون أنهم سيتوقفون عن الشعور بالسوء تجاه أجسادهم عندما يصلون إلى الوزن المثالي، إلا أنه من المضر ربط الشعور بالخجل من الجسد بمسألة التخلص من عادة الأكل العاطفي؛

خامسًا، سبب عضوي: إن قيامنا بترك أنفسنا نشعر بالجوع والتعب هو أفضل طريقة لكي نترك أنفسنا عرضة للأكل العاطفي، من هنا من الضروري أخذ قسط من الراحة والنوم إضافة إلى تناول العديد من الوجبات الصغيرة خلال النهار.

اقرأ/ي أيضًا | 7 عادات صحية لخسارة الوزن وتغيير حياتكم للأفضل