شهد اليوم تبادلاً للإتهامات والتصريحات بين وزارة الخارجية المصرية وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في اعقاب تصريحات القيادي في الحركة، محمود الزهار، لصحيفة "المصري اليوم" القاهرية، قال فيها إن ملف المصالحة ليس بيد الخارجية المصرية بل بيد اجهزة اخرى. وقال "الملف الفلسطيني ليس فى يد وزارة الخارجية المصرية، لكنه في يد أجهزة أخرى"، متهماً وزير الخارجية المصري، احمد أبو الغيط، بإطلاق "تصريحات تستفز الناس".

وفي تصريحات لقناة العربية، اليوم، أكد الزهار ما قاله في «المصري اليوم»، قائلاً إن "الملف الفلسطيني في يد أجهزة أخرى غير الخارجية"، مضيفاً أن "هذا الأمر اختيار مصر، وإذ كانوا يريدون أن يكون الملف في يد الخارجية فليخبرونا لنجلس معهم".
وذكرت صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية أن "الخارجية المصرية شنت هجوما لاذعا على محمود الزهار، بعد تصريحات أدلى بها إلى صحيفة مصرية ينتقد فيها وزير الخارجية أحمد أبو الغيط، وتدعي أن تصريحاته مستفزة". وقال الناطق باسم الخارجية المصرية، حسام زكي، لـ«الشرق الأوسط»: «مع الأسف، إن محمود الزهار يعكس بكلامه عدم فهم آليات العمل المصرية في مجال السياسة الخارجية، وهو يتصور أن الحديث عمن يدير الملف يتم بأسلوب التنظيمات وليس الدول. إن وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط مسؤول عن السياسة الخارجية ولا يحتاج شهادة من أحد ليقول لنا من يدير هذا الملف أو ذاك».

وتابع زكي قائلا: «إن هذه الأساليب المكشوفة لدق أسافين ولكنها ساذجة وسبق أن حاولتها حماس أكثر من مرة دون أن تنجح». وأضاف: «إن الكلام المكرر عن جهة إدارة الملف ثم أسلوب انتقاد وزير الخارجية المصري أمر غير مقبول، وإذا كان الزهار يتصور أنه بهذا الأسلوب يستطيع أن يسترضي أي جهة مصرية تسمح له باستخدام المعبر فإنه لن ينجح في ذلك، وهو يعلم مقدار العلاقة الوثيقة التي تربط ما بين القائمين بالإشراف على العلاقة مع فلسطين».
وأضاف زكي: «إن هذه القيادات تربطها علاقات وثيقة للغاية وهي تسخر وتهزأ من مثل هذا الكلام عندما تقرأه». وقال: «إن الموضوع الأساسي هو أن وزير الخارجية يضع في تصريحاته الأمور في نصابها، ومؤخرا جاءت تصريحاته في موضوع التوقيع على وثيقة المصالحة الفلسطينية التي أعدتها مصر، واليوم نقول لحماس إن التلاعب بالأفكار والتحايل على الدور المصري وعلى تلك الوثيقة أمر لن تسمح به القاهرة». وقال زكي: «أعتقد أنه فهم الرسالة وتصريحاته الأخيرة، (أي الزهار)، تعكس إحباطه من عدم تجاوب القاهرة مع صيغ التحايل المقترحة».

وأشار زكي إلى أن مقترح حماس هو الاستبدال بالدور المصري دورا عربيا، من منطلق الزعم بتراجع الدور المصري، وكذلك إعطاء المباركة لجهود يفترض أن تبذل.. وتابع قائلا: «مع الأسف، مثل هذه الأفكار يقصد بها إلهاء الرأي العام عن حقيقة الموقف التي تتمثل في استمرار رفض حماس الانخراط الجدي في عملية المصالحة والتوقيع على الوثيقة والبدء في السماح للسلطة الوطنية الشرعية بالعودة إلى قطاع غزة، وهذه المساعي تهدف إلى محاولة تحميل مصر مسؤولية تعطيل جهد المصالحة وهي محاولات مكشوفة ومرفوضة».

برهوم: تصريحات زكي غير مسؤولة وتوضح الفشل المصري في رعاية ملف المصالحة

قال الناطق باسم "حماس"، فوزي برهوم رداً على تصريحات زكي، إن "مثل هذه التصريحات تبرهن على أن دور مصر لم يكن حيادياً، وإنما تصعيدي ضد قادة حماس، ويوضح أن هناك تراجعاً في الدور المصري في رعاية هذا الملف". وأضاف برهوم، أن حماس تعتبر تصريحات زكي "تسيء للسلطات المصرية ولا تسيء إلى حركة حماس".

وخلص الى القول: "إن مصر رفضت التعاطي مع الجهد الذي بذله الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى لتذليل العقبات لإنجاح جهود المصالحة، لافتًا إلى تراجع الرئيس عباس عن إرسال وفدٍ من الفصائل الفلسطينية بقيادة رجل الأعمال الفلسطيني منيب المصري إلى غزة لإحداث تفاهم فلسطيني - فلسطيني تجاوز عقبة التوقيع".


مصر ترفض تدخل تركيا...

قالت مصادر وصفت بالفلسطينية الرسمية لموقع "الجزيرة نت" إن مصر رفضت مقترحا تركيا يقضي بأن تقوم أنقرة بتقريب وجهات النظر بين حركتي المقاومة الإسلامية (حماس) والتحرير الوطني الفلسطيني (فتح) لتسهيل المهمة المصرية في التوصل إلى اتفاق مصالحة فلسطينية.

وكشفت لـ"الجزيرة نت" أن "وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو، بدعم من رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، أجرى اتصالا مع رئيس المخابرات المصرية عمر سليمان عقب حادثة أسطول الحرية نهاية الشهر الماضي وطلب منه أن تقوم تركيا بدور الوسيط لتقريب وجهتي نظر التنظيمين الفلسطينيين".

وأشارت المصادر التي طلبت عدم ذكر اسمها إلى أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس كان موافقا على الطرح التركي، لكنه تراجع عقب رفض مصر له، ويقضي الطرح بأن يلتقي أوغلو بقياديين من فتح وحماس وبالأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى وعمر سليمان في القاهرة.

وأوضحت المصادر نفسها لـ"الجزيرة نت" أن مصر أكدت لتركيا أنه لا يمكن لأي قائد من حماس أن يزور القاهرة أو يعبر من خلالها إلى دولة أخرى، وأن الزيارة فقط تكون للتوقيع على الورقة المصرية للمصالحة، التي رفضت حماس توقيعها قبل إجراء تعديلات عليها.

وأكدت المصادر أن سليمان أبلغ أوغلو اعتذار مصر عن استقبال قيادات حماس في هذا الوقت وأنه يمكن التفاهم مع حماس على أن توقع الورقة أولا وتؤخذ ملاحظاتها عند التوقيع في الحسبان.

ورفض سليمان، وفقا للمصادر، إعطاء وديعة لأوغلو تقضي بأن تؤخذ ملاحظات حماس على الورقة المصرية عند التوقيع، وهو ما جعل تركيا تتراجع وترفض الطلب المصري بإقناع حماس بتوقيع الورقة.

وفي وقت سابق، كشفت مصادر فلسطينية واسعة الاطلاع لـ"الجزيرة نت" أن مصر أبلغت شخصيات فلسطينية مستقلة عدم موافقتها على ورقة تفاهمات بين حركتي حماس وفتح أو أن تكون تلك التفاهمات جزءا من الاتفاق الشامل، وأنها تفضل التفاهم بينهما عقب توقيع الأولى على الورقة المصرية للمصالحة.

وتوصلت مجموعة من الشخصيات الفلسطينية إلى مخرج قبلت به حماس يتمثل بالتوافق على ورقة تفاهمات مع فتح تكون ملحقا للورقة المصرية، الأمر الذي رفضته بشدة مصر وطلبت إقناع حماس بالتوقيع على ورقتها ثم بحث ملاحظاتها، وفق المصادر نفسها.

وأشارت المصادر في حديثها لـ"الجزيرة نت" إلى أن القاهرة ترى أن ملاحظات حماس يجب أن تؤخذ عند التطبيق، لكن الحركة ترى ذلك مخالفا لأصول الاتفاق ولا تريد أن تتسبب ملاحظاتها بعد التوقيع في مشاكل جديدة على الساحة الفلسطينية.

وكان الرئيس محمود عباس قد وافق على ورقة تفاهمات داخلية، دون أن يحدد ما إذا كانت قبل توقيع حماس على الورقة المصرية أم بعده.